ما هي النرجسية (اضطراب الشخصية النرجسية)؟
اضطراب الشخصية النرجسية (Narcissistic Personality Disorder) هو حالة صحية عقلية تمثل العديد من الصفات التي يتميز بها الشخص في تعامله مع الآخرين، وتعرف بالسمات النرجسية التي تؤثر على تعاملات الشخص اليومية سواء مع زملائه أو أصدقائه أو أفراد عائلته، تدفعه إلى الإحساس العالي بأهمية الذات لاكتساب الثناء والشكر من الأشخاص، وهي سمات غالبا ما تخفي وراءها تدني احترام الذات لدى الشخص النرجسي.
يعتبر اضطراب الشخصية النرجسية واحدا من اضطرابات الشخصية المعترف بها في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5)، ويمكن أن يؤثر على ما يقارب 6.2% من الأشخاص، كما يعتبر شائعا عند الرجال أكثر من النساء.
يؤثر اضطراب الشخصية النرجسية على طريقة تعامل الشخص مع الآخرين، ويمكن أن تختلف سماته من شخص لآخر، نظرا إلى مدى إصابة الشخص بالنرجسية العامة أو باضطراب الشخصية النرجسية الذي لا يتغير مع مرور الوقت.
اقرأ أيضا: هل اضطراب الشخصية الانطوائية مرض نفسي؟ وهل يمكن علاجه؟
أعراض النرجسية
يمكن تشخيص الإصابة بهذا الاضطراب عند ظهور بعض هذه الأعراض:
1. الإحساس العظيم بأهمية الذات
يعتبر الإحساس بالعظمة وبالأعمية الكبرى للذات من السمات المميزة لهذه الشخصية، ويمكن أن يكون هذا الشعور مصاحبا للإحساس بالغرور والتكبر والتعالي على الآخرين، كون الشخص النرجسي يرى أنه متفوق دائما على الآخرين ولا يمكن فهم طبيعة شخصيته إلا من قِبل أشخاص مميزين مثله.
يمكن أن يعمد الشخص النرجسي إلى الكذب والمبالغة بشأن مخططاته وأهدافه وإنجازاته، وذلك لإثبات أهميته وذكائه وعظمته وتفوقه على الآخرين.
2. تخيلات القوة والنجاح والجاذبية
يؤمن الشخص النرجسي بأنه يمتلك ذكاء وقوة وقبولا لا منتهٍ، وهو ما يشعره بتفوقه على الآخرين واستحقاقه للكثير من الأشياء مقابل الأشخاص غيره، وهي مشاعر يمتلكها الشخص النرجسي ليغطي بها الفراغ الذي يعاني منه والوهم الذي يعيش فيه والحياة الواقعية التي ينكرها.
3. انعدام التعاطف والاهتمام بالآخرين
يفتقر الشخص النرجسي لأساليب التواصل مع الآخرين، كما يعتبر متجاهلا، ومنعدم التعاطف معهم، وهو ما يجعله يعامل الآخرين بأنانية واستغلالية، وهي مشاعر لا تجعله يشعر بالذنب أو الخجل، بل يعتبر أن الآخرين خُلقوا ليكونوا في خدمة احتياجاته وحسب.
4. الحاجة إلى الإعجاب والاهتمام
من سمات النرجسية كذلك الحاجة إلى الاهتمام الدائم وإبداء الإعجاب والثناء تجاه الأقوال والأفعال، ثم عدم التسامح مع الانتقادات، وهي حاجة ضرورية بالنسبة للنرجسي لإشباع مشاعر الغرور والتكبر التي يشعر بها.
5. التكبر وازدراء الآخرين
يعامل النرجسيون غيرهم بتكبر وغطرسة وازدراء، كما يعتبرون أنهم من دون قيمة، وهو ما يدفعهم إلى التنمر والسخرية والاستخفاف بهم، وذلك لمحاولة إرضاء غرورهم وإعجابهم بأنفسهم وعدم السماح للآخرين بازدرائهم أو التقليل من شأنهم.
6. السلوك الاستغلالي والتعسفي تجاه الآخرين
يمكن أن يلجأ الشخص النرجسي إلى التلاعب بالأشخاص واستغلالهم وذلك لتحقيق أهدافهم واحتياجاتهم ومكاسبهم من هؤلاء الأشخاص، سواء من خلال نشر الكذب حولهم أو التعامل معهم بقسوة خاصة عند عدم تلقيه للمعاملة التي يشعر أنه يستحقها.
7. الغيرة والحسد وعدم الثقة
يشعر الأشخاص النرجسيون عادة أن الأشخاص من حولهم يحسدونهم أو ينافسونهم للتفوق عليهم، وهو ما يحفز مشارع الغضب والغيرة وعدم الثقة تجاه الأشخاص مما يدفعهم للتعامل معهم بقسوة.
اقرأ أيضا: الإنسان ذو الشخصية الحساسة جداً.. هل هو اضطراب سلوكي أم شخصية فريدة من نوعها؟
كيف يتم تشخيص اضطراب الشخصية النرجسية؟
لا ينبغي تشخيص الإصابة بهذا الاضطراب إلا من قِبل أخصائي في الصحة النفسية، نظرا لعدم اقتضاء التشخيص إجراء اختبارات لتأكيد الإصابة. ويمكن للأخصائي النفسي تشخيص الإصابة من خلال توجيه العديد من الأسئلة للشخص، للكشف عن مدى تميزه ببعض أو جميع السمات التالية:
- الإحساس المبالغ فيه بأهمية الذات.
- الإحساس بالتميز وعدم الرغبة في التواجد سوى مع الأشخاص المميزين.
- الطمح في الإعجاب والاهتمام المستمرين.
- الرغبة المتكررة في استغلال الآخرين.
- الحسد أو الإحساس بأن المحيطين يحسدونه.
- التكبر وقلة التعاطف.
- رسم تخيلات حول النجاح والقوة.
أسباب النرجسية
تعتبر أسباب الإصابة باضطراب الشخصية النرجسية غير واضحة، لكن، هناك العديد من العوامل التي يمكن اعتبارها محفزا في الإصابة بهذا الاضطراب، وتشمل:
-
تجارِب الطفولة
يمكن لتجارب الطفولة أن تؤثر في الإصابة، كأن يكون الشخص في طفولته قد تعرض للكثير من الثناء أو الكثير من النقد، أو إهماله في فترة طفولته، أو المعاناة من سوء المعاملة أو الإهمال، أو تطور نموه مع شخصية هشة ومضطربة.
-
العوامل الوراثية
يمكن أن تؤدي العوامل الجينية والوراثية دورا في الإصابة بهذا الاضطراب، وقد تم الكشف عن قلة المادة الرمادية في الجزء الأمامي الأيسر من الدماغ، وهو الجزء المحفز للعواطف.
-
العوامل النفسية والاجتماعية
يمكن أن تتدخل العوامل النفسية والاجتماعية في التميز بالسمات النرجسية، من ذلك المعاناة من المزاج شديد الحساسية، أو اكتساب سلوك التلاعب بالآخرين، أو التدليل والثناء المفرط خلال فترة التربية.
أنواع النرجسية
يمكن تقسيم النرجسية إلى نوعين اثنين حسب السمات المميزة لكل نوع على حدة، وتشمل هذه الأنواع:
أولا: النرجسية الصريحة
تتميز الشخصية النرجسية الصريحة بالسمات والسلوكيات الاستعراضية، كالإحساس بالغرور وعدم التعاطف والحاجة الدائمة لاستغلال الآخرين، ويكون الشخص متكبرا، ومسيطرا، وعنيفا أحيانا.
ثانيا: النرجسية الخفية
يتميز الأشخاص المصابون بالنرجسية الخفية ويعانون فيها من تدني احترام الذات، والسعي الدائم للحصول على الإعجاب والاهتمام، والانسحاب الاجتماعي في حالة عدم الحصول عليه، كما يكون مندفعا ومفرطا في الحساسية.
مضاعفات النرجسية
يمكن أن يعاني الشخص من مضاعفات النرجسية عند ارتباطها بحالات صحية أخرى، مثل اضطرابات المزاج أو تعاطي المخدرات، بحيث يصبحون أكثر عدوانية كما يصعب تقبلهم لتلقي العلاج، كما قد يكونوا عرضة للانتحار نتيجة الإحساس الزائد بحب الذات والعظمة التي قد تجعلهم في حاجة مستمرة ودائما للاهتمام والإعجاب.
علاج النرجسية
يتم التركيز في العلاج على العلاج النفسي أو ما يُعرف بالعلاج الكلام ثم العلاج السلوكي المعرفي، وقد يتم وصف الأدوية في العلاج فقط في حالة تداخل اضطراب الشخصية النرجسية مع اضطرابات أخرى كالاكتئاب والقلق.
ويعمل العلاج النفسي على مساعدة على خلق صورة أكثر واقية عن الذات، مع فهم طبيعة شخصيته وسلوكياته، بالإضافة إلى تعلم كيفية التحكم في مشاعرهم ومدى تأثير سلوكياتهم على الآخرين، ثم تحمل مسؤولية أفعالهم ليتمكنوا من احترام ذواتهم وبناء علاقة شخصية والحفاظ عليها.
ويعمل العلاج السلوكي والمعرفي على تعلم كيفية تحديد والتعرف على السلوكيات الضارة تجاه الذات والأشخاص أيضا، ثم استبدالها بسلوكيات واقعية، لتعزيز التواصل الصحي والفعال مع الآخرين.
نصائح للتعايش مع النرجسية
للتعايش مع النرجسية يُنصح بالمتابعة الطبية مع أخصائي نفسي، ليساعدك على كيفية التحكم في عواطفك ومشاعرك، مع التركيز على:
- الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية.
- تجنب التعرض لاضطرابات المزاج التي قد تؤدي إلى سلوكيات مندفعة.
- اتباع عادات ونمط حياة صحي.
- تعلم تقنيات الاسترخاء والتأمل لتقليل التوتر والقلق.
أسئلة شائعة قد تهمك
هل يشفى مريض النرجسية؟
يعتبر تغيير سمات الشخصية النرجسية أمرا صعبا وقد يستغرق عدة أشهر أو سنوات لملاحظة التغيرات الإيجابية في طبيعة الأشخاص النرجسيين، لذلك، للحصول على نتائج إيجابية يُنصح باتباع خطة العلاج الموصى بها، مع الالتزام بحضور جلسات العلاج وتناول الأدوية في حالة التوصية بها أيضا.