ما هي الشخصية الإنطوائية؟

الشخصية الانطوائية Introvert Personality، هي حالة يفضل فيها الشخص التركيز على أفكاره وأفكاره الداخلية فقط، بدلاً من التركيز على ما يحدث حوله، وأصحاب الشخصية الانطوائية يستمتعون أكثر بقضاء أوقاتهم مع شخص واحد أو شخصين فقط، بدلاً من مجموعات كبيرة من الأشخاص.

ليس من الضروري أن تكون الشخصية الانطوائية خجولة، هادئة، وتفضل البقاء بمفردها، في بعض الحالات قد يكون ذلك صحيحًا، إلا أن هناك الكثير من الصفات المختلفة لهذه الشخصية.

أصحاب الشخصية الانطوائية لا يكرهون ولا يخجلون ولا يخافون من الآخرين، كما أنهم لا يعانون من الوحدة. لكنهم يفضلون البيئات الهادئة، وهي مناسبة أكثر لتكوين نظامهم العصبي. 

لا تتفاعل أدمغة الانطوائيين بقوة مع مشاهدة الوجوه الجديدة، بل على العكس تماما، هم ينتجون كمية أقل من الدوبامين، الناقل العصبي المرتبط بالمكافأة.

تتميز الشخصية الانطوائية بمستويات منخفضة من الانبساطية Extraversion، حيث يفضل الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من الانبساط أو الانفتاح:

  • التفاعل الاجتماعي.
  • خوض محادثات.
  • البيئات المزدحمة.
  • الكثير من الصداقات.
  • التعبير عن النفس بسهولة أكبر. 
  • تجنب الوحدة. 

ظهر المصطلحين النقيضين “انطوائي introvert ” و “منفتح extrovert ” في عشرينيات القرن الماضي بفضل عالم نفس يُدعى كارل يونغ  Carl Jung، من أجل تمييز كيفية حصول هذين النوعين على طاقتهم أو إنفاقها. 

ما هي صفات الشخصية الانطوائية؟

الانطوائيين لديهم صفات عديدة مشتركة تميزهم عن الشخصيات المنفتحة، فيما يلي أهم صفات الشخصية الانطوائية:

التواجد مع الكثير من الناس يستنزف طاقتهم 

لا يكره الانطوائيون التفاعل الاجتماعي ولا يتجنبونه تمامًا. إلا أنهم بعد قضاء وقت مع مجموعة من الناس تجدهم بحاجة للعزلة من أجل إعادة التزود بالطاقة.

يفضل أصحاب الشخصية الانطوائية مجموعة صغيرة من الأصدقاء المقربين فقط

يفضل الانطوائيون التمسك بعلاقات قليلة، عميقة وطويلة الأمد تتميز بقدر كبير من التقارب والحميمية، بدلا من حشود الأصدقاء والمعارف. كما أنهم يفضلون التفاعل مع الأشخاص على أساس فردي بدلاً من مجموعة كبيرة.

يجد الناس صعوبة في التعرف على أصحاب الشخصية الانطوائية، لتميزهم بالهدوء، والتحفظ، واللين، وعدم إضاعة الوقت أو الطاقة في الدردشة.

التعرف على الناس بشكل أعمق

يستمتع الانطوائيين بالمراقبة ومشاهدة ما يدور حولهم، وهو ما يمنحهم نظرة ثاقبة للآخرين وتعرف أعمق على شخصياتهم وتفضيلاتهم.

بالإضافة إلى اكتساب مهارات التقاط لغة الجسد والإشارات في كلمات الآخرين وسلوكه ونبرة صوتهم. مما يعزز تعاطفهم وقدرتهم على تقديم الدعم العاطفي.

الكثير من التحفيز يجعل أصحاب الشخصية الانطوائية يشعرون بالتشتت

عندما يقضي الانطوائيون بعض الوقت في الأنشطة والأعمال الجماعية، ينتهي بهم الأمر بالشعور بعدم التركيز والارتباك والتشتت. على عكس المنفتحين الذين يميلون إلى الازدهار والإنتاجية في مثل هذه المواقف.

الإدراك الذاتي الشديد 

يستمتع الانطوائيون بقضاء وقتهم مع أنفسهم، والتفكير في الأشياء وفحصها في أذهانهم. هذا ما يجعلهم يشعرون أكثر بالسلام والراحة، وتجنب الإحباط والتوتر. 

ينجذب صاحب الشخصية الانطوائية إلى الوظائف التي تنطوي على الاستقلال

تثير فكرة “مشروع جماعي” الخوف في قلب مرضى اضطراب الشخصية الانطوائية، فالوظائف التي تتطلب قدرًا كبيرًا من التفاعل الاجتماعي عادة ما لا تلقى قبولًا كبيرًا لدى الأشخاص الانطوائيين. 

قد يستمتع الانطوائيون بالعمل في مهن مثل: كاتب، محاسب، مبرمج كمبيوتر، مصمم جرافيك، صيدلي، أو فنان.

هذا لا يعني بالضرورة أنهم يواجهون مشاكل في الانسجام مع الآخرين، إلا أنهم يتمكنون من التركيز بشكل أفضل عند العمل بمفردهم. 

ينطبق هذا أيضًا على الهوايات، غالبًا ما يختار الأشخاص الانطوائيين التسلية الانفرادية، مثل: القراءة أو البستنة.

تفضيل الكتابة عن الحديث

تعتبر فكرة الحديث مرعبة لبعض الانطوائيين، قد تجعلهم يرجفون! فهم على عكس المنفتحين، يستغرقون الكثير من الوقت للتفكير مليًا قبل التحدث، وبالتالي تكون لديهم صعوبات في تقديم رأي سريع حول أي موضوع. 

في المقابل، تشكل الكتابة خيارا أمثل لهم. حيث تسمح لهم بالنظر في الموقف بدقة، واختيار الكلمات المناسبة للتعبير بثقة واهتمام.

أسباب اضطراب الشخصية الانطوائية

 اضطراب الشخصية الانطوائية، مثل باقي أنواع الاضطرابات الأخرى، تتطور نتيجة مزيج عاملين رئيسيين، وهما الجينات والبيئة. فيما يلي أسباب اضطراب الشخصية الانطوائية: 

العامل الوراثي، أو الجينات

إذا ولدت في عائلة بها أشخاص انطوائيين، فقد تطور شخصية انطوائية كذلك، ولو بشكل جزئي بسبب الجينات التي تساهم في تكوين شخصيتك.

العامل البيئي

تؤثر البيئة التي نشأت فيها على شخصيتك بشكل أو بآخر، إذا كنت محاطا بأشخاص انطوائيين من أفراد أسرتك، يمكن أن تساهم مراقبتك لسلوكهم واستجاباتهم خلال المواقف الاجتماعية في تشكيل شخصيتك.

عمل الدماغ 

تختلف طريقة عمل أدمغة كل من الانطوائيين والمنفتحين، حيث يكون للانطوائيين تدفق دم أعلى إلى الفص الجبهي من المنفتحين. يساعدك هذا الجزء من الدماغ على تذكر الأشياء وحل المشكلات والتخطيط للمستقبل.

التفاعل مع المحفزات

يختلف تفاعل أدمغة كل من الانطوائيين والمنفتحين مع الدوبامين، الذي يعمل على تنشيط جزء البحث عن المكافأة والمتعة في الدماغ. حيث يحصل المنفتحين على المتعة والمكافأة في المواقف الاجتماعية الأكثر صخبا، بينما يميل الانطوائيين إلى الشعور بالإرهاق بسبب ذلك.

قد تشمل باقي أسباب اضطراب الشخصية الانطوائية ما يلي:

  • طريقة التربية.
  • نوع التعليم الذي يتلقاه الشخص.
  • تجارب الحياة، وخاصة في مرحلة الطفولة.
  • كيمياء الدماغ.

أنواع اضطراب الشخصية الانطوائية

الانطوائية ليست حالة نفسية مطلقة، بل هناك درجات وأنواع لاضطراب الشخصية الانطوائية، حيث يقع كل شخص على درجة معينة منها. 

يميل الانطوائيين إلى الاندراج في واحدة من الأنواع الفرعية الأربعة التالية:

الانطوائيون الاجتماعيون Social introverts

وهو نوع كلاسيكي من الانطوائية. من سماتهم إمكانية التواجد في الأماكن الصاخبة ووسط الكثير من الأشخاص لكن دون تفاعل. 

الانطوائيين كثيري التفكير Thinking introverts

يميل الأشخاص المدرجين ضمن هذه الفئة إلى قضاء الكثير من الوقت داخل أفكارهم وتخيلاتهم أو ما يمكن تسميته بـ “أحلام اليقظة” رغم تواجدهم مع أشخاص آخرين. 

الانطوائيون القلقون Anxious introverts

يفضل هذا النوع من الانطوائيين قضاء الوقت بمفردهم، ليس فقط لأنهم يرتاحون أكثر للوحدة، بل كذلك لأنهم يشعرون بالحرج أو الخجل عند تواجدهم في حضور الكثير من الأشخاص.

الانطوائيون المقيدون Restrained/inhibited introverts

يميل هذا النوع من الانطوائيين إلى التفكير بعمق قبل اتخاذ القرارات.

 أعراض اضطراب الشخصية الانطوائية

بالإضافة إلى سمات الانطوائية، هناك مجموعة من الأعراض المميزة لاضطراب الشخصية الانطوائية، والتي بناء عليها يتم تشخيص الحالة، من بينها: 

  • الهدوء. 
  • قلة الأصدقاء.
  • الوحدة.
  • المهام والأنشطة الفردية.
  • قضاء الكثير من الوقت في التفكير.
  • العمل ببطء.

المضاعفات

تشير الأبحاث حول “الآثار المترتبة على الانطوائية والانبساطية” إلى أن الانطواء يلعب دورًا كبيرا في تطور العديد من المضاعفات النفسية، من بينها:  

الاكتئاب، الذي قد يساهم في ظهوره 

  • حساسية أكبر للمشاعر والعواطف.
  • العصابية (الميل نحو المشاعر السلبية أو المؤلمة).

كما أن الاكتئاب قد يجعل الناس أكثر انطوائية مما هم عليه، ويزيد من المشاعر السلبية أو المؤلمة بالإضافة إلى انخفاض الوعي والانبساط، أي أن هناك تأثير وتأثير عكسي. 

الانطواء والأفكار الانتحارية

يعاني الأشخاص الانطوائيين، خاصة أولئك الذين لديهم مستويات أعلى من العصابية، من خطر أكبر للأفكار أو السلوكيات الانتحارية.

حالات الصحة العقلية الأخرى

حسب إحدى الدراسات حول “علاقات العصابية neuroticism والانبساط مع اضطراب الاكتئاب الشديد”، يعتبر الأشخاص المصابين بالاكتئاب الشديد والانطوائية هم أكثر عرضة للإصابة بـ:

تشخيص اضطراب الشخصية الانطوائية

في أغلب الحالات لا يدرك الشخص الانطوائي أنه بحاجة إلى تشخيص حالته وإيجاد علاج محدد لها. ومع ذلك، قد يطلب البعض المساعدة بسبب المضاعفات أخرى الناتجة عن هذه الحالة، مثل: 

  • الاكتئاب.
  • القلق.
  • الوسواس القهري. 

ومن أجل تشخيص اضطراب الشخصية الانطوائية، يتم الاعتماد على مدى ارتباط الشخص المصاب بالآخرين. ويُمكن للعائلة والأصدقاء أن يوفروا معلومات مفيدة أكثر بعد الحصول على إذن المريض.

علاج اضطراب الشخصية الانطوائية

يختلف علاج اضطراب الشخصية الانطوائية حسب حالة كل حالة ونوع على حدة، ومدى استعداده الشخص للمشاركة في العلاج، وشدة الأعراض.

العلاج النفسي أو العلاج بالكلام

لا يكون العلاج النفسي أو العلاج بالكلام فعَّالاً دائمًا، خاصة إذا كانت الأعراض شديدة ولا يستطيع الشخص الخروج منها.

يتضمن العلاج بالكلام “العلاج السلوكي المعرفي (CBT)”، وهو علاج يهدف إلى مساعدة الشخص على إدارة مشاكله عن طريق تغيير طريقة تفكيره وتصرفه.

العلاج بالأدوية

ليس هناك علاج بالأدوية مُعتمَدة من طرف إدارة الغذاء والدواء لعلاج اضطراب الشخصية الانطوائية، للمجتمع. لكن، قد يَصِف الطبيب أدوية لمعالجة المضاعفات المرتبطة بالحالة، مثل: 

  • القلق.
  • الاكتئاب. 

وفي أغلب الحالات، يتم وصَف الأدوية بحذر لتجنب احتمالية إساءة استخدامها.

أخيرا، بعد قراءتك للمقال شاركنا رأيك في تعليق وكيف تعاملت مع اضطراب الشخصية الانطوائية في حال كنت شخصا انطوائيا. وشارك المقال!