ما هو داء كثرة الوحيدات؟

داء كثرة الوحيدات هو عدوى فيروسية حادة يسببها غالبًا فيروس إبشتاين–بار، وهو أحد فيروسات الهِربِس البشرية. تتميّز العدوى بارتفاع درجة الحرارة، والتهاب البلعوم، وظهور خلايا دم بيضاء بأشكال غير معتادة تظهر عند فحص الدم، وقد يصاحبها تضخّم الطحال أو الكبد. على الرغم من كونها غير شديدة العدوى مقارنة بالإنفلونزا، فإن فترة حضانتها طويلة (4-6 أسابيع) ويمكن للمصاب نقل الفيروس قبل ظهور الأعراض.

داء كثرة الوحيدات
داء كثرة الوحيدات

 كيف تحدث العدوى؟

طرق انتقال الفيروس 

  • اللعاب: يُعدّ الطريق الرئيس؛ ينتقل الفيروس عبر تبادل اللعاب أثناء التقبيل أو من خلال رشاش اللعاب عند الحديث عن قُرب.

  • مشاركة الأدوات الشخصية: مشاركة الأكواب، وزجاجات الشرب، وأدوات الطعام، وحتى فرش الأسنان، تُسهِّل انتقال الفيروس من شخص لآخر.
    أوضحت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن مشاركة الأدوات أو التقبيل هما أكثر سُبُل العدوى شيوعًا.

هل ينتقل عبر الهواء أو الاتصال الجنسي؟

  • عبر الهواء: لا ينتشر EBV كالفيروسات التنفسية؛ السعال أو العطس وحده لا يكفي لنقل العدوى ما لم يتلامس اللعاب مباشرة مع الفم أو الأغشية المخاطية لشخص آخر.

  • عبر الجنس: قد ينتقل الفيروس عن طريق سوائل الجسم الأخرى (الدم أو المني) أثناء الاتصال الجنسي أو نقل الدم، لكن هذا أقل شيوعًا بكثير من الانتقال عبر اللعاب. CDC تُشير إلى أن العدوى الجنسية ممكنة لكنها ليست الطريق الرئيس. 

أعراض داء كثرة الوحيدات

تظهر أعراض داء كثرة الوحيدات عادةً بصورة تدريجية بعد فترة حضانة قد تمتد من 4 إلى 6 أسابيع، وقد لا تظهر كلها في الوقت ذاته. تختلف حدّة الأعراض من شخص لآخر لكنها غالبًا تشمل ما يلي:

التعب العام والإرهاق الشديد

يُعَدّ الإرهاق العميق من أبرز سمات المرض؛ إذ يشعر المريض بضعفٍ عام قد يستمر لأسابيع بعد زوال الأعراض الأخرى. يُرجَّح أن ينتج هذا التعب عن استجابة مناعيّة معقّدة يحرّكها الفيروس.

التهاب الحلق وتضخم اللوزتين

يلتهب الحلق ويصبح مؤلمًا، وقد تتضخم اللوزتان وتظهر عليهما ترسّبات بيضاء تشبه صديد اللوزتين البكتيري. يستدعي الألم الشديد أو صعوبة البلع تقييم الطبيب للتأكد من عدم وجود عدوى مصاحبة.

الحمى والصداع

ترتفع درجة الحرارة غالبًا إلى ما يزيد على 38 مئوية، مصحوبة بصداع وأوجاع عامة في الرأس؛ ويُعدّ ارتفاع الحرارة ردّ فعل طبيعيًا لجهاز المناعة ضد الفيروس.

تورم الغدد اللمفاوية

يؤدي EBV إلى تضخم العُقد اللمفاوية في العنق وتحت الإبطين، وقد تكون مؤلمة عند اللمس. يُعد هذا التضخم علامة سريرية مهمة للمساعدة في التشخيص.

آلام العضلات

يشكو بعض المرضى من آلام عضلية وأوجاع مفصلية خفيفة، ناجمة عن الالتهاب الجهازي واستجابة الجسم المناعيّة.

تضخم الطحال في بعض الحالات

يحدث تضخم الطحال لدى ما يصل إلى نصف المصابين، وقد يبلغ ذروته بعد نحو أسبوعين من ظهور الأعراض. رغم شيوعه، فإن تمزق الطحال نادر جدًا (0.1–0.5٪)، لكنه خطير ويستلزم الامتناع عن الرياضات العنيفة مثل كرة القدم، الجودو، رفع الأثقال حتى يتراجع التضخم.

إذا لاحظت استمرار الحمى الشديدة، ألم البطن الأيسر، أو تعبًا مُفرطًا يفوق المتوقع، فاسشارة

الطبيب فورًا ضرورية لتقييم الطحال وتجنّب المضاعفات.

أسباب داء كثرة الوحيدات

يُعزى داء كثرة الوحيدات في أكثر من 90 ٪ من الحالات إلى عدوى فيروس إبشتاين–بار (Epstein-Barr Virus – EBV)، أحد فيروسات الهربس البشرية الذي يهاجم الخلايا اللمفاوية ويظل كامنًا في الجسم مدى الحياة. تؤكد مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أنّ EBV هو «السبب الأكثر شيوعًا» للمرض، بينما تذكر مايو كلينك أن فيروسات أخرى كـ فيروس المضخم للخلايا (CMV) قد تُحدِث متلازمة مشابهة، لكن بنسبة أقل بكثير.

مضاعفات داء كثرة الوحيدات

على الرغم من أن معظم الإصابات تشفى تلقائيًا، فإن 1–5 ٪ من المرضى قد يواجهون مضاعفات تتطلب رعاية طبية عاجلة:

المضاعفة التفسير المختصر
تمزّق الطحال يحدث عادة بين الأسبوعين الثاني والثالث؛ ألم مفاجئ في الربع الايسر العلوي من البطن يستدعي تقييمًا عاجلًا.
انسداد مجرى الهواء العلوي تضخّم اللوزتين والعُقد اللمفاوية قد يعيق التنفس، خصوصًا لدى المراهقين.
التهاب الكبد أو يرقان ارتفاع إنزيمات الكبد وقد تصل ندرة الحالات إلى قصور كبدي حاد.
فقر الدم الانحلالي وقلة الصفائح تفاعلات مناعية تؤدي إلى تكسّر الكريات الحمراء أو نقص الصفائح.
التهاب الدماغ أو السحايا اختلاجات، صداع شديد، أو تغير في الوعي تتطلب تدخلًا متخصصًا.

متى يحتاج المريض إلى المستشفى؟

  • صعوبة تنفس أو بلع شديدة تشير إلى احتمال انسداد مجرى الهواء.

  • ألم بطني حاد أو كتفي أيسر مفاجئ قد ينذر بتمزّق الطحال.

  • حمّى مستمرة > 39 م° أو جفاف شديد لا يستجيب للعلاج المنزلي.

  • اضطرابات عصبية مثل تشوش الوعي أو اختلاجات.

  • دلائل فقر دم انحلالي حاد أو نزيف نتيجة نقص الصفائح.

كم تستغرق فترة الشفاء؟

تختفي الحمى والتهاب الحلق عادةً خلال أسبوعين إلى أربعة أسابيع لدى أغلب المصابين، وفق تقديرات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها. غير أنّ الإعياء العميق قد يلازم بعض المرضى لأسابيع أو حتى أشهر بعد زوال الأعراض الحادّة، وهو ما تؤكده بيانات الـ CDC أيضًا ومراجعات سريرية أخرى. 

توضح مراجع إكلينيكية مثل StatPearls وMayo Clinic أن مرحلة التعب المُطوَّل ترتبط باستجابة مناعية مطوَّلة، وقد تمتد إلى 3 أشهر لدى أقلية من المرضى. ولهذا يُنصَح بالعودة التدريجية للأنشطة—مع تجنّب الرياضات العنيفة حتى زوال تضخم الطحال بالكامل—كما تشير توصيات «العودة إلى اللعب» بعد العدوى الفيروسية.

هل يصيب داء كثرة الوحيدات الأطفال؟

نعم. تُظهر بيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن معظم الأطفال يُصابون بفيروس EBV في مرحلة مبكّرة من حياتهم، لكن العدوى تكون بلا أعراض أو ذات مظاهر خفيفة لا تُميَّز عن نزلات البرد العادية. 

تؤكد دراسات سريرية منشورة في NCBI أن الإصابة العرضيّة تزداد بعد سن البلوغ؛ إذ يُسهم نضج الجهاز المناعي في الاستجابة المناعية المُبالغ فيها التي تُميّز داء كثرة الوحيدات لدى المراهقين والشباب. ومع ذلك، يظل الأطفال ناقلين محتملين للفيروس عبر اللعاب ومشاركة الأدوات الشخصية.

رغم أنّ داء كثرة الوحيدات يزول في أغلب الحالات مع الراحة والترطيب، فإن المتابعة الطبية تظل أساسية عند اشتداد الأعراض أو استمرار الإرهاق. احرص على الوقاية بممارسات نظافة بسيطة وتجنّب مشاركة الأدوات الشخصية.

هل مررت أنت أو أحد أفراد أسرتك بهذه العدوى؟ شاركنا تجربتك في التعليقات، وابق على تواصلٍ معنا عبر متابعتنا لتحصل على أحدث الإرشادات الطبية الموثوقة.