في هذا المقال، سنقدم لك دليلًا شاملًا عن التهاب الحلق الفيروسي والبكتيري، يشمل الأعراض، الأسباب، طرق التشخيص، والعلاجات الفعالة، إضافة إلى سبل الوقاية ومتى يجب عليك استشارة الطبيب.

ما هو التهاب الحلق عند الأطفال؟

قبل التعمق في الأسباب والعلاجات، لا بد من فهم التهاب الحلق أولا. 

التهاب الحلق عند الأطفال هو حالة شائعة تحدث نتيجة التهاب في أنسجة الحلق بسبب عدوى فيروسية أو بكتيرية أو عوامل أخرى. يشعر الطفل بعد الإصابة به بألم عند البلع، مع إحتمال وجود إحمرار أو تورم في الحلق، وقد تترافق الحالة مع أعراض إضافية مثل الحمى والسعال.

يُعتبر التهاب الحلق عند الأطفال عرضًا وليس مرضًا بحد ذاته، ويحتاج إلى تقييم دقيق لفهم السبب وراءه قبل إتخاذ قرار العلاج.

أسباب التهاب الحلق عند الأطفال

لفهم كيفية التعامل مع التهاب الحلق عند الأطفال، من المهم أن نعرف الأسباب الكامنة وراءه. تنقسم هذه الأسباب إلى أربع فئات رئيسية تؤثر بشكل مباشر على طبيعة الأعراض وخيارات العلاج.

الأسباب الفيروسية

أهم سبب لالتهاب الحلق عند الأطفال، خاصةً قبل سن الثلاث سنوات، هو العدوى الفيروسية. تحدث هذه العدوى عندما يُصاب الطفل بفيروس يؤدي إلى التهاب الأغشية المخاطية في الحلق، ومن أشهر هذه الفيروسات: 

  • (Rhinovirus) الفيروس الأنفي
  • (Influenza virus) الإنفلونزا
  •  (Adenovirus) الفيروس الغدي

يصاحب هذه الحالات عادة أعراض مثل الزكام، السعال، حمى خفيفة، والعيون الدامعة. تناول المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب لا يفيد في هذه الحالة، لأن المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات، بل قد تُعرّض الطفل لمضاعفات واضرار ناتجة عن الآثار الجانبية لهذه الأدوية.

الأسباب البكتيرية

السبب الأكثر شيوعًا لالتهاب الحلق الناتج عن البكتيريا هو نوع من البكتيريا، ُسمى العِقدية المقيّحة (Streptococcus pyogenes). هذا النوع من العدوى يُعرف باسم التهاب الحلق البكتيري.

 عادةً ما يُصاب به الأطفال، وتكون أعراضه: حرارة مرتفعة جدًا، ألم قوي في الحلق، وانتفاخ في الغدد اللمفاوية في الرقبة. علاج التهاب الحلق البكتيري يتطلب تناول مضادات حيوية يحددها الطبيب بعد الفحص.

الأسباب البيئية

بعض الحالات من التهاب الحلق عند الأطفال لا تعود لعدوى بكتيرية أو فيروسية، بل لعوامل بيئية مثل:

الهواء الجاف: يمكن أن يؤدي الهواء الجاف، خاصة في فصل الشتاء أو في البيوت التي تستخدم التدفئة المركزية، إلى جفاف الحلق وتهيجه لدى الأطفال.

استنشاق الملوثات: تعرّض الطفل للهواء الملوث بمصادر مثل عوادم السيارات أو المواد الكيميائية في المنزل قد يسبب تهيجًا في الأغشية المخاطية للحلق.

التدخين السلبي: عندما يتنفس الطفل دخان السجائر الصادر عن المدخنين من حوله، يتعرض جهازه التنفسي للضرر مما قد يؤدي إلى التهاب الحلق بشكل متكرر.

الأسباب الأخرى

رغم أن العدوى تبقى السبب الأكثر شيوعًا لإلتهاب الحلق، إلا أن هناك حالات أخرى يجب الانتباه لها عند تقييم الأعراض لدى الطفل، ومنها:

الحساسية الموسمية: يمكن أن تؤدي الحساسية تجاه حبوب اللقاح أو الغبار إلى إحتقان الأنف وسيلان مخاطي.

ارتجاع المريء: في بعض الحالات، يصعد حمض المعدة إلى الحلق مسببًا تهيجًا وألمًا، وغالبًا ما يصاحبه حرقة أو سعال ليلي.هذا السبب أقل شيوعًا لالتهاب الحلق عند الأطفال، وعادةً ما يُشخَّص بواسطة الطبيب بعد استبعاد الأسباب الأخرى.

أعراض التهاب الحلق عند الأطفال

تختلف أعراض التهاب الحلق عند الأطفال حسب السبب، ولكن الأعراض الشائعة تشمل:

  • ألم أو حرقان في الحلق: يشعر الطفل بألم أو انزعاج عند البلع أو الكلام،وهو العرض الأكثر وضوحًا
  • صعوبة في البلع: قد يرفض الطفل الأكل أو الشرب بسبب الألم أثناء البلع، خاصة مع الأطعمة الصلبة أو الحارة.
  • إحمرار أو تورم اللوزتين: عند فحص الفم، قد تبدو اللوزتان متضخمتين أو محمرتين، وأحيانًا يظهر عليهما بقع بيضاء أو قيح، مما يشير إلى وجود التهاب. 
  • الحمى: تجاوز درجة حرارة الجسد ال 38° مئوية 
  • السعال:  قد يكون نتيجة تهيج الحلق أو جزءًا من أعراض عدوى تنفسية أوسع

متى تصبح الأعراض خطيرة

في بعض الحالات، يمكن أن تشير بعض الأعراض إلى أن التهاب الحلق عند الطفل قد يكون أكثر خطورة أو ناتجًا عن حالة طبية تتطلب تدخلًا فوريًا. من بين هذه الأعراض:

  • إستمرار الحمى لأكثر من 3 أيام
  • صعوبة شديدة في البلع أو التنفس
  • تورم في الرقبة
  • طفح جلدي مصاحب
  • إفراط في سيلان اللعاب
  • ظهور دم في البلغم أو اللعاب
  • وجود جسم غريب في الحلق

كيف يتم تشخيص التهاب الحلق عند الأطفال؟

يشخص التهاب الحلق عند الأطفال عادةً من خلال الفحص السريري الذي يجريه الطبيب، حيث يُلاحظ أعراض الالتهاب لدى الطفل ويفحص الحلق واللوزتين بحثًا عن الاحمرار أو التورم أو وجود بقع بيضاء. كما يتحقق من حرارة الجسم، وحالة العقد اللمفاوية في الرقبة.

في بعض الحالات، قد يلجأ الطبيب إلى :

إختبار سريع للكشف عن البكتيريا (مثل المكورات العقدية):  في حال الاشتباه بأن السبب بكتيري، مثل الإصابة ببكتيريا المكورات العقدية، فمن المهم إجراء اختبار سريع (TDR) قبل وصف المضاد الحيوي. هذا يساعد على تجنب الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، الذي قد يؤدي إلى مقاومة بكتيرية ومشاكل صحية أكبر على المدى البعيد.

إختبارات إضافية: في حال وجود أعراض غير معتادة أو مستمرة، قد تُطلب تحاليل دم لإستبعاد مشاكل أخرى.

و ذلك لتحديد نوع التهاب الحلق عند الأطفال بدقة لوصف العلاج الصحيح، وتفادي الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية.

علاج  التهاب الحلق عند الأطفال

يعتمد علاج التهاب الحلق لدى الأطفال على السبب الأساسي للالتهاب، سواء كان فيروسيًا، بكتيريًا، أو ناتجًا عن عوامل غير معدية. ويشمل العلاج عادة مزيجًا من التدخلات الطبية والرعاية المنزلية لإدارة الأعراض المصاحبة.

العلاجات الطبية

التهاب الحلق الفيروسي: يُركز العلاج على الراحة وتخفيف الأعراض عن طريق:

  • خافضات الحرارة مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين
  • الإكثار من السوائل
  • الحصول على قسط كافٍ من الراحة

التهاب الحلق البكتيري: تناول مضادات حيوية مثل الأموكسيسيلين، حسب وصفة الطبيب.

العلاجات المنزلية

  • الغرغرة بالماء والملح: تساعد في تخفيف الالتهاب وتهدئة الحلق.
  • المشروبات الدافئة: مثل شاي الأعشاب الخفيف أو شوربة الدجاج الدافئة، فهما مفيدان لترطيب الحلق وتزويد الجسم بالسوائل اللازمة للتعافي.
  • تجنب الأطعمة المهيجة: الأطعمة الحارة، المالحة أو الحمضية، التي قد تزيد من الألم أو الالتهاب (مثل: عصائر الحمضيات، المخللات، الصلصات الحارة، الفواكه الحمضية (كالأناناس والكيوي))

إدارة الأعراض الأخرى

في بعض الحالات، تظهر أعراض إضافية تحتاج إلى تدخل أدوية داعمة مثل:

مزيلات الاحتقان: لتخفيف إنسداد الأنف وتحسين التنفس، خاصة في الليل (لا يُنصح باستخدامها للأطفال دون سن 6 سنوات إلا تحت إشراف طبي).
أدوية السعال: مثل شراب السعال المناسب لعمر الطفل (يجب تجنب استخدام أي دواء للسعال دون وصفة طبية للأطفال دون سن 4 سنوات).

الوقاية من التهاب الحلق عند الأطفال

للوقاية من التهاب الحلق وتقليل احتمالية إصابة الأطفال به، يُنصح بأتباع مجموعة من العادات الصحية اليومية التي تعزز المناعة وتقلل فرص التعرض للعدوى:

  • تعليم الطفل غسل اليدين جيدًا وبإنتظام
  • تجنب الإختلاط بالأشخاص المصابين
  • الحفاظ على رطوبة الهواء في المنزل
  • تقوية المناعة بالتغذية السليمة والنوم الكافي

متى يجب استشارة الطبيب؟

في معظم الحالات، يُشفى التهاب الحلق عند الأطفال تلقائيًا خلال أيام قليلة، لكن هناك حالات تستدعي التدخل الطبي الفوري. لا يجب الانتظار إذا ظهرت أي من العلامات التالي:

  • وجود جسم غريب في الحلق (حالة طارئة تستدعي التوجه فورًا للطبيب لإزالته وتجنب المضاعفات).
  • ملاحظة دم في اللعاب
  • إستمرار الأعراض أكثر من أسبوع
  • الطفح الجلدي
  • تكرار التهاب الحلق عند الطفل بشكل متكرر خلال فترة قصيرة
  • سيلان اللعاب
  • صعوبة التنفس (علامة إنذارية تتطلب تقييمًا طبيًا عاجلًا)

هل التهاب الحلق عند الأطفال معدٍ؟

نعم، التهاب الحلق عند الأطفال قد يكون معديًا، خصوصًا إذا كان ناتجًا عن عدوى فيروسية أو بكتيرية.حيث ينتقل عبر:

  • الرذاذ الناتج عن السعال أو العطس
  • مشاركة الأدوات الشخصية
  • التلامس المباشر مع إفرازات المصاب

لذا ينصح بعزل الطفل عن الآخرين خلال فترة العدوى، والاهتمام بالنظافة الشخصية

اقرأ أيضا : كل ما يهمك معرفته عن دور وكيفية استخدام مضاد حيوي لالتهاب الحلق 

كيف يمكن تهدئة التهاب الحلق عند الأطفال؟

للتخفيف من إنزعاج التهاب الحلق وتسريع تعافي الطفل، يُنصح باتباع الخطوات التالية

  • تقديم المشروبات الدافئة
  • توفير الراحة التامة: النوم الجيد يعزز مناعة الجسم ويسرّع الشفاء.
  • استخدام العسل الطبيعي: تُعد ملعقة صغيرة من العسل الطبيعي مهدئًا فعالًا للحلق وتساعد في تخفيف السعال، لكن يُمنع منعًا باتًا إعطاؤه للأطفال دون عمر السنة،  نظرًا لخطورة الإصابة بالتسمم الوشيقي (Botulism).
  • الامتناع عن المهيجات: من المهم إبعاد الطفل عن كل ما قد يزيد من تهيّج الحلق، مثل التدخين السلبي، الغبار، والروائح القوية، بما في ذلك معطرات الجو، المنظفات الكيميائية، البخور، والعطور الثقيلة. 

إذا كنتِ ترغبين في معرفة ما إذا كانت هذه الطرق مناسبة لطفلك، أو تحتاجين إلى توجيه شخصي للتعامل مع أعراضه، يمكنك دائمًا الاعتماد على منصتنا لتلقي الدعم والإجابة عن أي استفسار.