أمعائك.. دماغك الثاني!

هناك ترابط بين دماغك وجهازاك الهضمي، فعندما تتوتر تعرف معدتك ذلك على الفور، وخير دليل على ذلك شعورك بالوخز في أعلى معدتك بعد اكتشافك مبلغ فاتورتك الهائل، أو بعد تعرضك لصدمة عاطفية، أو للفزع والخوف.

وقد لاحظ العلماء هذه العلاقة بين الأمعاء والدماغ منذ أكثر من 100 سنة، مع دراسات تُظهِر أن حالة مشاعر الإنسان يمكن أن تؤثر في وظيفة السبيل الهضمي، حيث قاموا بمراقبة مفرزات الأمعاء وملاحظة العلاقة بين تغيرات المزاج وتغيرات المفرزات، هذا التأثير يحدث في حالات القلق والتوتر ويؤثر في عمل الأمعاء.

لكن ما هو جديد ومشوق هو النظر إلى الأمعاء على أنَّها تستطيع التأثير في وظيفة دماغك! فهل أنت مُقاد عن طريق أمعائك؟

توصل مجموعة من علماء علم الأعصاب إلى أن أمعائك وبالأخص البكتيريا الموجودة بها لها قدرة على التأثير في وظيفة دماغك، وإن لم يكن إراديًّا، فإنك مُقاد دون وعي.

تحتوي الأمعاء على كمية هائلة من الخلايا العصبية تستقبل من الدماغ وترسل إليه، وتفرز أكثر من 90% من هرمون السيروتونين المسؤول عن تنظيم المزاج والمشاعر، فقد وجد العلماء أن الإشارات العصبية بين الأمعاء والدماغ ذاتَ تأثير قوي على المشاعر واتخاذ القرارات.

يحتوي السبيل الهضمي على سطح هائل من المستقبلات أكبر بـ 100 مرة من سطح الجلد، ويقوم بإرسال إشارات إلى الدماغ أكثر من أي عضو آخر في الجسم، هذه الإشارات ترسل عبر عصب كبير يُسمَّى العصب المبهم وهو أطول الأعصاب الدماغية ويعمل باتجاهين، حيث يرسل الإشارات من الدماغ إلى الأمعاء ومن الأمعاء إلى الدماغ وهذه الثانية تُعرَف بالحدس أو المشاعر الداخلية.

هذه الإشارات لها تأثير كبير في مشاعرنا وسلوكنا خاصة عند الاستجابة لحالات القلق والتهديد، فالعصب المبهم هو جزء من نظام حماية مفصل يساعد في اتخاذ القرارات خاصة بحثِّنا على التروي وتقييم الوضع أو تجنبه كليًّا.

بكتيريا أمعائك.. المتحكم في مزاجك وقراراتك!

أظهر الباحثون أن البكتيريا المتواجدة داخل أمعائك لها تأثير في الاستجابة العصبية للدماغ المتعلقة بالقلق والاكتئاب. ويعتبر وجود هذه البكتيريا حاسم وضروري للجهاز المناعي ومعالجة الأغذية ونواحٍ أخرى للفيزيولوجيا الصحية، فهي مهمة لتطور الدماغ الصحي، ولها قدرة على التأثير في تطور مناطق من الدماغ تتدخل في استجابتنا للتوتر وتتحكم بالقلق والاكتئاب.

في محاولة لفهم هذه العلاقة، تلاعب العلماء بهذه البكتيريا في فئران التجارب، عن طريق تربية فئران خالية من هذه البكتيريا في بيئة عقيمة معزولة ثم قارنوا سلوك هذه الفئران مع فئران أخرى طبيعية تحوي هذه البكتيريا. بعد وضعهم ضمن بيئة تحوي مناطق محمية وأخرى خطرة وجدوا أن الفئران الخالية من البكتيريا أظهرت مستوى قلق أقل وبقيت فترة أطول في منطقة الخطر من الفئران الطبيعية، وقد وجدوا أنَّ الجهاز المناعي غير متطور لدى الفئران الخالية من البكتيريا أيضًا.

بعد اطلاعك على هذا المقال هل تستطيع الآن تفسير تلك المشاعر الغريبة التي تنتاب أحشاءك عند التوتر والخوف والقلق؟ وماذا عن قراراتك المفاجئة بالتراجع عن فعل ما والتريث بعد ذلك الشعور الغائر في معدتك؟

اقرأ أيضاً: هل ديدان الأمعاء تشبه ديدان الأرض؟ما هي الأعراض؟وما هي طرق العلاج؟