خلال فترة المراهقة (10-19 سنة)، يمر الإنسان بالعديد من التغيرات البدنية والعاطفية والاجتماعية، كما أنه قد يمر بمجموعة من المشاكل التي قد تجعله عرضة للاضطرابات النفسية. ولعل حماية المراهقين من التجارب الضارة وعوامل الخطر التي قد تؤثر على صحتهم النفسية والبدنية لاحقا هو أمر في غاية الأهمية!

تبدأ المراهقة بالبلوغ الذي يتسم بتغيرات بيولوجية وفيزيولوجية، وترتبط هذه المرحلة بالنضج الجسدي والجنسي:

التغيرات الفيزيولوجية التي تظهر عند الإناث في سن المراهقة:

  • يبدأ تطوير براعم الثدي في عمر 8 سنوات، ويتطور الثدي بشكل كامل بين سن 12 و 18 عامًا.
  • يبدأ نمو شعر العانة والإبط والساق عادة في سن 9 أو 10 سنوات، ويصل إلى أنماط البالغين في سن 13 إلى 14 عامًا تقريبًا.
  • عادةً ما يحدث الطمث (الحيض) بعد حوالي عامين من ظهور شعر العانة. قد يحدث الطمث في وقت مبكر ابتداء من سن 9 سنوات، أو في وقت متأخر قد يصل إلى 16 سنة.
  • تبلغ طفرة نمو الفتيات ذروتها في سن 11.5 وتتباطأ في سن 16.

التغيرات الفيزيولوجية التي تظهر عند الذكور في سن المراهقة:

  • قد يبدأ الأولاد في ملاحظة نمو الخصيتين وكيس الصفن في وقت مبكر مع بلوغهم سن التاسعة، وسرعان ما يبدأ القضيب في الإطالة. 
  • في سن 17 أو 18 عامًا، تكون أعضاؤهم التناسلية عادة بحجم وشكل البالغين.
  • يبدأ نمو شعر العانة، وكذلك شعر الإبط والساق والصدر والوجه، عند الأولاد في حوالي سن 12 عامًا، ويصل إلى أنماط البالغين في حوالي 17 إلى 18 عامًا.
  • تتغير أصوات الأولاد في نفس الوقت الذي ينمو فيه القضيب.
  • تبلغ طفرة نمو الأولاد ذروتها في حوالي سن 13 ونصف وتتباطأ في سن 18.

أما فيما يخص التغيرات النفسية خلال فترة المراهقة:

تشمل التغييرات النفسية للمراهقة ظهور بنى معرفية جديدة (على سبيل المثال: القدرة على التفكير المجرد، إنشاء القيم والمعايير الأخلاقية).
وليس من الغريب على الإطلاق أن يكون المراهق في هذه المرحلة من النمو التي تتميز بتغيرات كبيرة وسريعة أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية مقارنة بفترات الحياة الأخرى.

حسب منظمة الصحة العالمية يعاني من 10 إلى 20% من المراهقين على الصعيد العالمي من اعتلالات الصحة النفسية.

هناك مجموعة من عوامل الخطر المؤدية إلى اعتلال الصحة النفسية خلال المراهقة، من بينها:

  • الرغبة في الحصول على قدر أكبر من الاستقلالية.
  • الضغط على النفس من أجل التوافق مع الأقران.
  • زيادة فرص الوصول إلى التكنولوجيا واستخدامها. 
  • تأثير وسائل الإعلام.
  • التباين بين الواقع المعاش للمراهق وتصوراته أو تطلعاته المستقبلية. 

بالإضافة إلى محددات أخرى مهمة لصحة المراهق النفسية، مثل:

  • نوعية حياته العائلية وعلاقاته مع أقرانه. 
  • العنف، بما في ذلك المعاملة القاسية من الأب والأم، والمضايقات، والتنمر.
  • المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
  • العنف الجنسي.

يعتبر بعض المراهقين معرضين بشكل أكبر لاعتلالات الصحة النفسية بسبب:

  • ظروفهم المعيشية.
  • التمييز والإقصاء.
  • المعاناة من مرض مزمن، أو اضطراب طيف التوحد أو الإعاقة الذهنية.

سبب آخر خلف التغيرات النفسية عند المراهقين: نمو الدماغ في مرحلة المراهقة!

حسب علم الأعصاب، تتطور الهياكل المختلفة للدماغ بطريقة متداخلة وبمعدلات نضج مختلفة، مما ينتج عن هذا الاختلاف آثار واضحة على السلوك. 

تنضج الهياكل تحت القشرية في وقت مبكر، بالتالي تميل إلى لعب دور مهيمن في فترة المراهقة – على وجه الخصوص، الجهاز الحوفي Limbic system ونظام المكافأة Brain reward system  – وهي التي تدعم ردود الفعل العاطفية. 

هذه التفاعلات لا تكون تحت سيطرة كافية لقشرة الفص الجبهي Prefrontal Cortex والتي تنضج لاحقًا.

هناك فرضية تسمى “فرضية عدم توازن التأثيرات العصبية بسبب عملية نضج الدماغ المتداخلة”، تقدم هذه الفرضية شرحًا لأنماط رد الفعل والسلوك المختلفة خلال المراهقة، بما في ذلك:

  • سلوك المخاطرة الواضح فيما يتعلق باستهلاك الكحول والمخدرات، وقيادة السيارات، والاتصال الجنسي.
  • زيادة حدوث الاضطرابات العاطفية.
  • السهولة التي يمكن أن تؤدي بها النزاعات الشخصية إلى العنف الجسدي.

تساهم التركيزات المتزايدة لهرمونات الستيرويد التناسلية أيضا في إعادة هيكلة الدماغ!

مما يؤدي إلى حدوث أنماط معينة من الاضطرابات النفسية خلال فترة المراهقة: 

  • عند الفتيات: الاضطرابات الانطوائية واضطرابات الأكل.
  • عند الأولاد: اضطرابات السلوك الاجتماعي، وأحيانًا التصرفات العدوانية التي قد تصل في بعض الحالات إلى الإجرام!

كيف يمكن التعامل مع هذه التغيرات؟

ليس من السهل دائمًا التمييز بين الحالة المزاجية المعتادة لسن المراهقة واضطراب الصحة العقلية والنفسية التي تتطلب اهتمامًا خاصا.
إذا كنت محتارا حول سلوك ابنك خلال فترة المراهقة، فإليك بعض النصائح التي قد تساعدك في تخطي هذه المرحلة: 

  • استمع!

كن على أتم الاستعداد للاستماع لأبنائك خلال مرحلة المراهقة وقضاء الوقت معهم عندما يحتاجونك، كن إيجابيًا في تفاعلك معهم، وتأكد من أن ابنك المراهق يشعر بنظرتك الإيجابية للأمور.

  • تأكد من حصول ابنك المراهق على حياة متوازنة وصحية!

وذلك من خلال الحرص على تمتعه بفرص للتأمل والتفكير الهادئ، وأوقات لممارسة الرياضة التي يحبها بانتظام، والتعلم وتنمية الكفاءة، والأكل الصحي، والنوم الكافي.

  • تأكد أن لابنك صديقا جيدا واحدا على الأقل: 

على الرغم من أن معظم المراهقين الصغار يميلون إلى كثرة الأصدقاء، إلا أن صديقًا مقربًا واحدًا يكفي لتجاوز سن المراهقة بمرونة. وإذا لم يكن لابنك أصدقاء، فهذه علامة على أنه يعاني من العزلة!

  • رحب بجميع الاختلافات!

إذا كنت مهاجرًا أو فردًا في أقلية ثقافية أو دينية، فقد يشعر ابنك بتضارب بين قيم عائلته وقيم أقرانه والمجتمع الذي يعيش فيه. في هذه الحالة يكون الحوار والنقاش البنّاء هي الطريقة الأنسب للتعامل مع ابنك المراهق.

  • تدخل لكبح جماح ابنك المراهق:

من الطبيعي أن يشعر بعض المراهقين بالفضول تجاه سلوكيات مثل: تناول الكحول والمخدرات والمواد السامة الأخرى، الاختلاط الجنسي، الهروب من المدرسة، وغيرها… لكن لا بد من تدخل الوالدين لكبح جماحه!

وأخيرا، يمكن أن تكون سنوات المراهقة متعبة للغاية للأبناء ولوالديهم كذلك.. بعد قراءتك للمقال شاركنا تجربتك مع ابنك المراهق! ولا تنس مشاركته مع أصدقائك!