في 28 فبراير 1998، نشر أندرو ويكفيلد، أخصائي أمراض معوية وزملاؤه دراسة في مجلة (The Lancet) البريطانية، تصف 8 أطفال ظهرت عليهم الأعراض الأولى من التوحد في غضون شهر واحد بعد تلقي لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية MMR. وكانت لدى جميع هؤلاء الأطفال الثمانية أعراض على مستوى الجهاز الهضمي وعلامات تضخم الغدد الليمفاوية. استنتج ويكفيلد من هذه الملاحظات أن لقاح MMR تسبب في التهاب الأمعاء الذي أدى إلى انتقال الأحماض إلى مجرى الدم، وبعد ذلك، إلى الدماغ، وهو ما ساهم في تأخر نمو الأطفال.

هل تسبب لقاحات MMR التوحد؟

اعتمدت الدراسة على 12 طفلا فقط، لكنها تلقت الكثير من الدعاية لأنه، في الوقت نفسه، كانت هناك زيادة سريعة في عدد الأطفال الذين تم تشخيص حالتهم بالتوحد.

دفعت النتائج التي توصلت إليها الصحيفة أطباء آخرين إلى إجراء أبحاثهم الخاصة لدراسة العلاقة بين لقاح MMR والتوحد. وقد أجرى الباحثون دراسات في العديد من البلدان كالمملكة المتحدة، وكندا وكاليفورنيا، وإنجلترا ولندن، اهتمت بالكشف عن حقيقة العلاقة بين اللقاحات والتوحد؛ حيث استخدمت تحليلات وقواعد بيانات كبيرة لمقارنة معدلات اللقاحات مع وضعية الأطفال المصابين بالتوحد على مستوى السكان، وكانت أهم الملاحظات المستنتجة:

  • عدم ارتباط ارتفاع حالات التوحد بمعدلات اللقاحات. 
  • ارتفاع حالات التوحد رغم انخفاض اللقاح ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
  • لم يلاحظ أي ارتباط بين تراجع النمو وأعراض الجهاز الهضمي بين الأطفال المصابين بالتوحد وغير المصابين به.

ما حقيقة دراسة أندرو ويكفيلد إذن؟ 

حسب المركز الوطني للمعلومات التقنية الحيوية فقد شملت أخطاء هذه الدراسة ما يلي: 

  • لم يحدد الباحثون ما إذا كان حدوث التوحد بعد تلقي لقاح MMR نتيجة سبب أو مصادفة.
  • لم تحدث أي أعراض نتيجة خلل في الجهاز الهضمي قبل تشخيص مرض التوحد، وهو ما لا يتفق وفكرة الالتهاب المعوي الذي أثر على الدماغ.
  • لم تسبب لقاحات الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية التهابا مزمنا في الأمعاء أو فقدانا في وظيفة الجهاز المعوي.  
  • لم يتم تحديد الأحماض التي تنتقل من الأمعاء للتأثير في الدماغ.

في المقابل، كشف تحقيق أجري سنة 1998 عن عدد من المشاكل المتعلقة بكيفية إجراء الدراسة، مما أدى بالمجلة التي نشرتها (The Lancet) إلى التراجع عنها وحذفها.

وطبقا للتقرير الذي أصدرته المجلة الطبية البريطانية، فإن الدراسة لم تكن تستند فقط إلى علم خاطئ منهجيا وبحثيا، ولكن كانت احتيالًا وتزويرًا متعمدًا من قبل الباحث الرئيسي، الدكتور أندرو ويكفيلد، مما أدى إلى إلغاء رخصته الطبية. وعلم المحققون فيما بعد أن محاميا كان يبحث عن الصلة بين اللقاح والتوحد، لرفع دعوى قضائية ضد مصنعي اللقاح.

ماذا عن اللقاحات الأخرى؟

اهتم العلماء أيضا بمعرفة ما إذا كانت جميع اللقاحات المطلوبة قبل سن 2 لها علاقة بالتوحد، ذلك أن بعض الناس يخشون أن تلقي هذه اللقاحات في وقت مبكر جدا يمكن أن يؤدي إلى تطور التوحد، ولكن أقرَّت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية (cdc) بعد أن كثرت مخاوف الناس من احتمال ارتباط التوحد باللقاحات التي يتلقاها الأطفال، أنه لا توجد صلة بين تلقي اللقاحات وتطور اضطراب التوحد. وفي عام 2011، أثبت تقرير معهد الطب (IOM) أن مجموع ثمانية لقاحات تعطى للأطفال والبالغين آمنة جداً مع استثناءات نادرة.