إن ارتفاع السكر بالدم يؤدي إلى تخرب في الأوعية الدموية، وخاصة في الأطراف السفلية، مما يؤدي إلى اضطراب الدوران الدموي فيها، وهذا بدوره يؤهب للإصابة بالغانغرينا Gangrene، وهذه الاضطرابات الدموية تؤدي بدورها إلى مشاكل في عملية التخثر (أي التئام الجروح).

وبالتالي فإن القدم السكرية ليست مرضاً في حد ذاتها، ولكنها من مضاعفات داء السكري، أي ما يرافق داء سكري من اعتلال في وظائف الجسم المختلفة.

القدم السكرية والأعصاب الحسية:

إن المضاعفات المرافقة للقدم السكرية تطال الجلد أيضا، فالمشاكل التي يعاني منها جهاز الدوران تؤدي إلى مشاكل في التروية الدموية للجلد مما يؤدي إلى تقرنٍ في خلايا الجلد وجفافه إضافةً إلى تساقط الشعر في المنطقة المصابة، ونجد ذلك جلياً في أماكن معينة من الجسم مثل الجلد بين أصابع القدم والتي تعرف بـ “قدم الرياضي” وهي من عوامل الإصابة بقرحة القدم.

ارتفاع سكر الدم سيؤدي أيضاً إلى جعل الدم وسطاً أكثر ملاءمةً لنمو الجراثيم، وسيؤدي هذا إضافةً إلى نقص التروية الدموية إلى اضطرابات في عمل الأعصاب المحيطية، وبالتالي نحصل على أحد أشيع أعراض القدم السكرية وهو فقدان الحس في القدم. إن الأعصاب الحسية المسؤولة عن نقل حسي الألم والضغط ، واللذين يعتبران من الإحساسات المسؤولة عن حماية الجسم، هذه الأعصاب التي تنقل تلك الإحساسات من المحيط (القدم) إلى المركز (الجهاز العصبي المركزي وبالتحديد الدماغ) ستتضرر وبالتالي ستختل وظيفتها مما يخفض إحساس المصاب في هذه الحالة بالألم والضغط. 

عند غياب حس الألم لن يشعر المريض عندها بإصابة قدمه بالتقرحات ولا بالعوامل المؤذية التي ستؤثر عليها، وعندها فإن المريض لن يحس بالحذاء الضيق الذي يرتديه وفي حال دخلت حصاة إلى الحذاء ستتضرر قدمه دون أن يدري، وعلى الأغلب لن يشعر بالألم إلا عندما تتحول الإصابة من قرحة إلى التهاب جرثومي في القدم، وعندها تصبح المعالجة صعبة وسير الشفاء طويلا وبطيئا.

القدم السكرية والأعصاب الحركية:

إن إصابة الأعصاب الحركية تترافق مع إصاباتٍ في الجهاز الدعامي الحركي (أي العضلات والعظام) في الأطراف السفلية مما يؤدي إلى أمراضٍ وإصاباتٍ في القدم كـ “تسطح قوس القدم”، يعني أنه عندما يقف الإنسان على قدميه، لا تلتصق القدم بكاملها بالأرض بل إننا عندما ننظر إليها من جهةٍ جانبية نجد جزءاً منها في المنتصف مرتفعاً عن الأرض وهو ما يسمى بـ “قوس القدم” وفي حالة القدم السكرية، يغيب هذا التقوس وتصبح القدم مستويةً أو “بطحاء”. 

تقرحات القدم السكرية:

ومن أهم المشاكل التي تترافق مع القدم السكرية: القرحات Ulcers، والتي يمكن أن تكون سطحية أي لا تؤثر سوى على الجلد، وقد تكون عميقة تصل إلى الأنسجة تحت الجلد مثل العضلات والعظام وتُعتبر هنا حالة متقدمة، وانطلاقاً من ذلك يمكننا أن نقسم القرحات إلى درجات بحسب الأنسجة التي طالتها القرحة: 

1-قرحة سطحية: تشمل الجلد فقط. 

2-قرحة وصلت إلى الأنسجة تحت الجلد مثل: العضلات والأربطة لكنها لم تصل إلى العظام. 

3-قرحة طالت العظم. 

4-قرحة تتميز بغانغرينا Gangrene موضعية (في مكان محدود من القدم). 

5-قرحة تسبب غانغرينا Gangrene تشمل القدم كلها، وفي هذه الحالة قد يضطر الأطباء لبتر الطرف لعلاج المريض.

الوقاية من القدم السكرية:

يجب على المريض أن يتحسس قدميه يومياً للتأكد من سلامة الإحساس بهما، ويجب أن يتجنب ارتداء الأحذية الضيقة، وأن يرتدي الجوارب القطنية مع ضرورة تبديلها كل يوم، والمحافظة على الجلد رطبا بشكل كاف لا فائض، وتجنب تعريض القدم للحرارة العالية كالاستحمام بالماء الساخن مباشرة دون تحسس حرارته، وقص وتقليم أظافر القدم بشكل جيد، وعندما تتشكل القرحة فيجب تجنب الضغط عليها ومنه نستنتج أن الوزن الكبير سيساهم في زيادة الضغط على القرحة ولذلك فتخفيف الوزن يقلل من هذه المشاكل ومن مشاكل أخرى تتعلق بإصابات الجهاز الدعامي في القدم، بالإضافة إلى المحافظة على مستوى سكر الدم ضمن الحدود الطبيعية له.

علاج القدم السكرية:

يتوقف العلاج على شدة الحالة ودرجتها، فالقرحة السطحية يمكن علاجها بإزالة الجلد المتضرر، وفي حالة تجرثم القرحة يتم علاجها بالمضادات الحيوية، وإذا وصلت القرحة إلى النسيج تحت الجلد فإن هذا يستدعي إقامة المرضى في المشفى لتلقي العلاج، أما الغانغرينا فقد تستوجب البتر. 

وأخيرا عزيزي القارئ، نتمنى أن تكون قد استفدت من المقال، وإذا كان أحد أصدقائك يعاني من الأعراض السالفة الذكر فشارك معه المقال لتعميم الفائدة!