حسب منظمة الصحة العالمية (WHO)، يعتبر السرطان السبب الرئيسي الثاني للوفاة على مستوى العالم، حيث سجلت 1 من كل 6 حالات وفاة سببها السرطان على الصعيد العالمي.
لم تقتصر تأثيرات السرطان على الصحة الجسدية فقط، بل تعدتها إلى الصحة النفسية لمرضى السرطان وعائلاتهم، إذ تكون الشدة النفسية شائعة جدا لدى مرضى السرطان حتى بعد النجاة منه والانتهاء من العلاج.
الآثار النفسية للسرطان على المريض:
- على المستوى الجسدي: يكون للإصابة بالسرطان وعلاجه انعكاسات واضحة على صورة الجسد، مع وجود اختلافات بين “السرطانات المرئية” -مثل سرطان الثدي وسرطان الرأس والعنق- و”السرطانات الأقل وضوحًا” كسرطان الدم وسرطان الرئة.
كذلك يؤثر نوع العلاج -متضمنًا الجراحة والعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي والعلاج المناعي والعلاج الهرموني- تأثيراتٍ مهمة بسبب التغيرات الجسدية المحتملة التي قد تنجم عنه؛ مثل البتر وفقدان الشعر، إضافةً إلى الأعراض التي يسببها، مثل الألم والغثيان والقيء والتعب.
ويعد كل من الانخفاض في حالة الأداء، والنشاط الوظيفي، والمشكلات في أداء الأنشطة اليومية، وضعف التركيز، وضعف الذاكرة وتغير الحياة الجنسية عاملًا مهمًّا يؤثر في الصحة النفسية لمرضى السرطان. بالإضافة لفقدان اليقين وعدم استقرار الوضع العاطفي كوجود المخاوف والقلق والحزن، والحاجة إلى الاعتماد على الآخرين، وقلة حب الذات، وتغيُّر المنظور إلى المستقبل وتهديد الحياة.
- على المستوى النفسي والاجتماعي: يمس السرطان وعلاجه بالبعد الاجتماعي والشخصي أيضًا، إذ يصبح كلٌّ من انتماء الفرد وتواصله مع أسرته وأصدقائه ومشاركاته الاجتماعية مهددا أو ضعيفا بعد الإصابة بالسرطان. كذلك يعاني مرضى السرطان الشعور بالوحدة والتخلي ومشكلات العودة إلى العمل أو التهميش. أما فيما يخص سرطان الأطفال، فيمكن أن يؤدي تشخيصه وعلاجه إلى سلسلة من الضغوطات للعائلة بأكملها، وغالبا ما تتضمن زيارات طبية متكررة وإجراءات غازية وتأثيرات جانبية صعبة ونفقات مالية.
حسب الجمعية الوطنية للرعاية الصحية السلوكية (NABH)، يعاني واحد من كل ثلاثة مصابين بالسرطان من أزمات نفسية وعقلية وعاطفية. وهذه الأزمات أكثر شيوعًا في حالة سرطان الثدي (42٪ من المصابين) وسرطان الرأس والعنق (41٪ من المصابين)؛ ويعاني ما يصل إلى 25٪ من الناجين من مرض السرطان من أعراض الاكتئاب، كما أن 45٪ منهم يعانون من القلق. في حين يعاني العديد من الناجين من مرض السرطان أيضًا من أعراض تستوفي معايير اضطراب ما بعد الصدمة Posttraumatic .stress disorder
الناجون من مرض السرطان أكثر عرضة للوفاة بالانتحار بمقدار الضعف عن عامة السكان.
مراحل الإصابة بالسرطان التي تسبب الأزمات النفسية:
- الاشتباه بأعراض الإصابة بالسرطان.
- تشخيص السرطان.
- انتظار العلاج.
- تغيير العلاج أو نهايته.
- الخروج من المستشفى.
- النجاة من السرطان.
- فشل العلاج.
- عودة ظهور المرض أو تطوره.
- وصول المرض إلى مرحلة متقدمة.
- القرب من نهاية الحياة.
تأثير الاضطرابات النفسية على مرضى السرطان:
وبعد ذكرنا تأثير السرطان في الصحة النفسية، سنتطرّق إلى الآثار التي تسببها الاضطرابات النفسية للمرضى:
تختلف سلوكيات الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية جراء السرطان، حيث يحاول بعضهم التحكم بالإجهاد عن طريق اتباع سلوكيات محفوفة بالمخاطر كالتدخين أو شرب الكحول، علما أن هؤلاء يعانون تدني نوعية الحياة بعد علاج السرطان.
في حين يستخدم آخرون استراتيجيات فعالة للتعامل مع الإجهاد كتقنيات الاسترخاء وإدارة الإجهاد، ولا تتطور الشدة النفسية لدى هذه الفئة إلى اكتئاب أو قلق شديد وتقل لديها شدة الأعراض المرتبطة بالسرطان وعلاجه.
وتشير أدلة الدراسات التجريبية إلى أنّه يمكن للتوتر النفسي أن يؤثر في قدرة الورم على النمو والانتشار؛ إذ أظهرت بعض الدراسات أنه عند إبقاء الفئران الحاملة للأورام البشرية معزولةً عن غيرها من الفئران -وهي ظروف تزيد من الشدة النفسية- فتكون أورامها أكثر عرضة للنمو والانتشار.
حسب المعهد الوطني للسرطان (NCI)، أن في مجموعة أخرى من التجارب، ارتفعت معدلات انتشار الأورام -التي وُزِّعت في الدهون الثديية لدى الفئران- إلى الرئتين والغدد اللمفاوية، في حال كانت الفئران مصابة بالإجهاد النفسي المزمن. كذلك توصّلت الدراسات التي أُجريت على الفئران والخلايا السرطانية البشرية المزروعة في المختبر إلى أن هرمونات التوتر قد تعزز تكوين الأوعية الدموية الجديدة التي تساعد الخلايا الورمية الخبيثة على الانتقال والانتشار إلى مناطق مختلفة.
ختاما، ما يمكننا قوله لك عزيزت القارئ هو في حالة إصابتك بالسرطان وخلال فترة العلاج، كل ما عليك فعله لدعم نفسك هو الابتعاد عن التفكير الزائد في حالتك، وضع الأفكار السلبية جانبا لكي تسمحي للعلاج بأن يكون فعالا!