تتغير عقول الأطفال وعواطفهم وتتطور باستمرار؛ حيث يخشى الأطفال حديثو الولادة السقوط والضوضاء العالية، ليبدأ الخوف من الغرباء منذ ستة أشهر ويستمر حتى سن الثانية أو الثالثة. وعادة ما يخشى الأطفال في سن ما قبل المدرسة من الانفصال عن والديهم؛ قد يخافون أيضا من الحيوانات الكبيرة والأماكن المظلمة والأقنعة والمخلوقات الخارقة! قد يقلق الأطفال الأكبر سنا من موت أحد أفراد الأسرة، والفشل في المدرسة، والأحداث في الأخبار مثل الحروب والهجمات الإرهابية وعمليات الخطف! أما المراهقين فلديهم مخاوف واهتمامات جنسية واجتماعية بشأن مستقبلهم ومستقبل العالم. 

تصبح هذه المخاوف مشكلة فقط إذا استمرت، وتسبب ضائقة خطيرة وقد تدمر الانسجام الأسري أو تتداخل مع نمو الطفل وتعليمه!

أسباب القلق الزائد عند الأطفال:

الخوف؛ حالة تنشط استجابة “القتال أو الهروب” وتخلق شعورًا بخطر وشيك لا يتناسب مع حقيقة الموقف. هناك عدة عوامل تقف خلف الشعور بالخوف والقلق، من بينها: 

  • العوامل البيولوجية biological factors: يحتوي الدماغ على مواد كيميائية خاصة، تسمى الناقلات العصبية neurotransmitters، وهي مسؤولة عن إرسال إشارات في الدماغ ذهابا وإيابا  للتحكم في الطريقة التي يشعر بها الشخص. السيروتونين Serotonin وحمض الغاما-أمينوبيوتيريك المعروف ب GABA هما ناقلان عصبيان مهمان يمكن أن يتسببا في الشعور بالقلق عندما “يكونان خارج نطاق السيطرة” out of whack.
  • ‎العوامل الجينية والوراثية biological factor ‎: يمكن للقلق والخوف أن يتوارثا تمامًا كما يمكن للطفل أن يرث عن أحد الوالدين الشعر البني، العيون الخضراء وقصر النظر، يمكن للطفل أيضًا أن يرث القابلية للقلق المفرط! بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعلم القلق من أفراد الأسرة وغيرهم ممن يعانون من التوتر أو القلق بشكل ملحوظ حول الطفل. على سبيل المثال، قد يتعلم الطفل الذي يظهر والداه خوفًا كبيرًا من العناكب الخوف منها أيضًا!
  • العوامل البيئية environmental factors: تجربة مؤلمة (مثل الطلاق أو المرض أو وفاة أحد أفراد الأسرة) أو حتى مجرد حدث كبير في الحياة مثل بداية العام الدراسي الجديد قد تؤدي أيضًا إلى ظهور اضطراب القلق.

أنواع اضطرابات الخوف عند الأطفال: 

  • ‎اضطراب القلق المعمم Generalized anxiety disorder: الأطفال المصابون بهذا الاضطراب يقلقون بشكل مفرط من كل ما يتعلق بالأحداث اليومية الاعتيادية أو المستقبلية المتعلقة بهم أو بمحيطهم، ويجدون أنفسهم غير قادرين على الكف عن التفكير بهذه الأمور. فقد يقلقون مثلا بشأن الدرجات المدرسية أو العواصف أو السطو أو إيذاء أنفسهم أثناء اللعب، أو بشأن تلبية توقعات الآخرين، وهم بحاجة إلى تطمينات مستمرة من الكبار. غالبًا ما يشكو هؤلاء الأطفال من الأعراض الجسدية المتكررة للقلق مثل التشنج والصداع وآلام المعدة وكذلك من اضطرابات في النوم.
  • اضطراب القلق الاجتماعي (الرهاب الاجتماعي) Social anxiety disorder: يشعر الأطفال المصابون بهذا الاضطراب بالخجل الشديد ويخشون التعرض لأي موقف غير مألوف، ويتشبثون بوالديهم وقد يخشون الأطفال الآخرين وكذلك الغرباء البالغين، وقد يخافون من القراءة بصوت عالٍ أو بدء محادثة أو حضور حفلة!
  • اضطراب الوسواس القهري Obsessive-compulsive disorder: هذا الاضطراب عبارة عن أفكار تدخلية غير مرغوب فيها (وساوس) تسبب توترًا متزايدًا يتم تخفيفه أحيانًا عن طريق الأفعال المتكررة (القهرية). عادة ما يتم تصنيفها على أنها اضطراب قلق لأن الهواجس غالبًا ما تنطوي على الخوف، مثل الإصابة بمرض أو وفاة أحد الوالدين. يعرف البالغون المصابون بهذا الاضطراب أن الهواجس غير عقلانية، لكن الأطفال الصغار قد لا يعرفون ذلك، لذلك تتداخل الأعراض مع اضطراب القلق العام.
  • اضطراب الهلع Panic disorder: في نوبة الهلع، يكون الشعور المفاجئ بالخوف الشديد أو الموت الوشيك مصحوبًا بأحاسيس جسدية شديدة، كالتعرق وخفقان القلب وآلام الصدر والارتجاف وضيق التنفس والدوخة والغثيان. يمكن أن تؤدي نوبات الهلع المتكررة والخوف منها إلى قلق دائم بشأن الهجمات المستقبلية وآثارها، بما في ذلك الأفكار المتعلقة بفقدان السيطرة أو “الجنون” أو الموت. من النتائج الشائعة لهذا القلق الاستباقي “رهاب الخلاء agoraphobia”، والذي يؤدي إلى تجنب عدد من الأماكن والمواقف التي قد تحدث فيها نوبة الهلع.
  • قلق الانفصال Separation anxiety: الخوف من الابتعاد عن المنزل أو الوالدين، هو أمر طبيعي عند الصغار، لكنه يتطور إلى اضطراب قلق الانفصال عندما يستمر الخوف الزائد عند الأطفال الأكبر سنًا. قد يتطور بشكل عفوي أو تحت الضغط، مثل وفاة الأسرة، ويمكن أن ينتج أيضًا عن الرهاب الاجتماعي أو نوبات الهلع. قد يخشى الأطفال المصابون بقلق الانفصال الذهاب إلى المخيم أو النوم في منزل أحد الأصدقاء. قد يتبعون والديهم في جميع أنحاء المنزل ويحاولون حتى النوم جانبهم في الليل! وعند تهديدهم بالانفصال، تظهر عليهم أعراض جسدية! وقد ينطوي هذا الخوف على تخيلات كالحوادث والمرض والجريمة.
  • الرهاب البسيط Simple phobias: الخوف من أشياء أو مواقف معينة، وهو شائع وطبيعي وعادة ما يكون مؤقتًا عند الأطفال الصغار. تأتي هذه المخاوف وتزداد بسرعة حتى سن العاشرة، ولا تتطلب العلاج إلا إذا كانت مفرطة وغير معقولة أو استمرت لفترة طويلة أو حدثت في سن غير مناسبة. بعض المخاوف الشائعة في هذه الحالة هي العواصف الرعدية، المياه، المصاعد، الاختناق، الدم، الحيوانات الكبيرة، الحشرات.
  • اضطراب ما بعد الصدمة Post-traumatic stress disorder: هذه الحالة هي نتيجة تجربة أو مشاهدة حدث مخيف أو مرعب خارج نطاق التجربة اليومية، مثل حادث كبير أو كارثة طبيعية أو اعتداء جسدي أو جنسي، كما أن إساءة معاملة الأطفال الشديدة هي سبب شائع لهذه الحالة. 

كيف يتم علاج الخوف عند الطفل؟

كل الأطفال لديهم مخاوف في مرحلة ما من حياتهم، عندما لا يتم علاج الرهاب يمكن أن يصبح مشكلة مدى الحياة. لذا فإن العلاج مهم للغاية!

يعتمد العلاج في هذه الحالات على أعراض الطفل وعمره وصحته العامة، وأيضًا على مدى خطورة الحالة:

  • العلاج السلوكي الفردي أو المعرفي Individual or cognitive behavioral therapy: يتعلم الطفل من خلالها طرقًا جديدة للتحكم في القلق ونوبات الذعر إذا حدثت.
  • العلاج الأسريFamily therapy: يؤدي الآباء دورًا حيويًا في أي عملية علاج من خلال مساعدة أطفالهم على تخطي الحالة.
  • المدرسة School input: يمكن أن يكون الاجتماع مع طاقم مدرسة الطفل مفيدًا جدًا في التشخيص المبكر. إنه مفيد أيضًا في إنشاء خطة علاج منسقة.
  • الأدوية Medicines: قد يشعر بعض الأطفال بتحسن مع الأدوية، مثل تلك المستخدمة لوقف نوبات الهلع. إذا تم وصف الدواء، فتأكد من السؤال عن الآثار الجانبية والمخاطر مقابل فوائد استخدام الدواء.

أخيرا، بعد قراءتك للمقال شاركنا رأيك وتجربتك إن توفرت مع حالة الخوف الزائد عند الأطفال! وكيف قمت بإدارة الحالة؟

 تدقيق علمي: د. سلمى عزاوي

أخصائية في الأمراض النفسية والعصبية

الخوف الزائد عند الأطفال

الخوف الزائد عند الأطفال