وفقًا لبحث أجرته شركة الرعاية التقنية العالمية Asurion، على الرغم من محاولاتنا للحد من استخدام هواتفنا الذكية، إلا أننا نقوم بفحصها على الأقل ما يقارب 96 مرة في اليوم، أي مرة كل 10 دقائق!

والأشخاص البالغين من العمر ما بين 18 و24 عامًا يفحصون هواتفهم ضعف المعدل العام لفحص الهاتف لدى الفئات العمرية الأخرى! وهم أكثر عرضة من الآخرين لمحاولة كبح استخدام هواتفهم بنسبة 68%!

دراسة.. قياس القدرات المعرفية للشخص مع وبدون هاتف ذكي!

تقل قدرتك المعرفية بشكل كبير عندما يكون هاتفك الذكي في متناول اليد، حتى لو كان مغلقًا! هذه هي النتيجة النهائية لدراسة جديدة من كلية ماكومبس McCombs School of Business  للأعمال في جامعة تكساس في أوستن University of Texas at Austin.

في إطار هذه الدراسة أجريت تجارب مع ما يقارب 800 مستخدم للهواتف الذكية في محاولة لقياس، لأول مرة، مدى قدرة الأشخاص على إكمال مهامهم عندما يكون بجانبهم هواتفهم الذكية حتى في حالة عدم استخدامها.

طلب الباحثون من المشاركين في الدراسة الجلوس على جهاز كمبيوتر وإجراء سلسلة من الاختبارات التي تتطلب تركيزًا كاملاً من أجل الحصول على نتيجة جيدة. 

كانت الاختبارات موجهة لقياس القدرة المعرفية المتاحة للمشاركين – أي قدرة الدماغ على الاحتفاظ بالبيانات ومعالجتها في أي وقت – قبل البدء، تم توجيه المشاركين بشكل عشوائي لوضع هواتفهم الذكية إما على المكتب ووجهها لأسفل أو في جيوبهم أو حقيبتهم الشخصية أو في غرفة أخرى، وتم توجيه جميع المشاركين لتحويل هواتفهم إلى الوضع الصامت.

وجد الباحثون أن المشاركين الذين كانت هواتفهم في غرفة أخرى تفوقوا بشكل كبير على أولئك الذين وضعوا هواتفهم على المكتب، كما تفوقوا بشكل طفيف على المشاركين الذين احتفظوا بهواتفهم في الجيب أو الحقيبة.

مجرد وجود هاتفك الذكي في المكان يؤثر على قدراتك وأدائك المعرفي!

تشير النتائج إلى أن مجرد وجود الهاتف الذكي يقلل من القدرة المعرفية المتاحة ويضعف الأداء المعرفي، على الرغم من الشعور أنهم يولون اهتمامهم الكامل وتركيزهم على المهمة المطروحة.

قال وارد Ward: “نستنتج أنه كلما كان الهاتف الذكي أكثر قربا، تقل القدرة المعرفية المتاحة للمشاركين”، “عقلك الواعي لا يفكر في هاتفك الذكي، ولكن هذه العملية – عملية مطالبة نفسك بعدم التفكير في شيء ما – تستهلك بعض مواردك المعرفية وتشغل تفكيرك، وهو ما يطلق عليه “هجرة الأدمغة”.

تأثير حاجة الشخص لامتلاك هاتف ذكي على قدراته الادراكية!

في تجربة أخرى، نظر الباحثون في كيفية تأثير اعتماد الشخص على الهاتف الذكي – أو مدى قوة شعور الشخص بحاجته إلى امتلاك هاتف ذكي من أجل قضاء يوم عادي – على القدرة الإدراكية. أجرى المشاركون نفس سلسلة الاختبارات على الكمبيوتر مثل المجموعة الأولى وتم تكليفهم عشوائيًا بإبقاء هواتفهم الذكية على المكتب أو في الجيب أو الحقيبة أو في غرفة أخرى. في هذه التجربة، تم توجيه بعض المشاركين أيضًا لإغلاق هواتفهم.

وجد الباحثون أن المشاركين الذين كانوا أكثر اعتمادًا على هواتفهم الذكية أداؤهم أسوأ مقارنة بأقرانهم الأقل اعتمادًا، ولكن فقط عندما احتفظوا بهواتفهم الذكية على المكتب أو في جيوبهم أو حقائبهم.

وجد وارد Ward وزملاؤه أيضًا أنه لا يهم ما إذا كان الهاتف الذكي لشخص ما قيد التشغيل أو الإيقاف، أو ما إذا كان وجهه للأسفل على المكتب، حيث أن امتلاك هاتف ذكي على مرمى البصر أو في متناول اليد يقلل من قدرة الشخص على التركيز وأداء المهام لأن جزءًا من دماغه يركز على عدم التقاط الهاتف أو استخدامه.

قال وارد: “لا يتعلق الأمر بأن المشاركين كانوا مشتتين لأنهم يتلقون إشعارات على هواتفهم، بل كان مجرد وجود هواتفهم الذكية كافيًا لتقليل قدرتهم المعرفية!”

مقارنة.. جيل من العقول المختلفة تماما!

يقول تيم وو Tim Wu، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا ومؤلف كتاب The Attention Merchants: “أعتقد أننا دخلنا حقبة من الأشخاص المختلفين تماما من مختلف الأعمار.. عقول مختلفة تمامًا.. هذه هي فجوة الجيل الجديد، حيث أن بعض المزايا قد استفاد منها كبار السن- عند عدم توفر أجهزة ذكية- فلا مفر من الشاشات حتى مع إبعاد الهواتف، فهي في غرف المعيشة (أجهزة التلفزيون) وعلى أجهزة الكمبيوتر المكتبية، وكذلك في السيارات، وفي غرف الانتظار!”

استنتج ويليام كليم  William Klemm، أستاذ علم الأعصاب في جامعة تكساس A&M University ومؤلف كتاب “علم أطفالك كيف يتعلمون” Teach Your Kids How to Learn أن: “الدماغ  يبدأ في تعلم كيفية الانتقال سريعًا من مهمة إلى أخرى إلى أخرى، ويصبح هذا الانتقال عادة، لكن هذه العادة تتعارض مع التركيز والانتباه”. وذلك بناء على دراسة أجريت في كلية بوسطن، قام الأشخاص في غرفة بها تلفاز وكمبيوتر بتغيير أعينهم ذهابًا وإيابًا كل 14 ثانية، أي 120 مرة في 27.5 دقيقة.. وهذا ما يحصل عند مشاهدة الهاتف مرارا وتكرارا!

أدمغة أقدم، أدمغة أفضل!

يقول وو Wu إن الأشخاص الأكبر سنًا قد يكونون أكثر استعدادًا للتفكير الجاد لأنهم لم ينشأوا مع الهواتف الذكية. ويضيف قائلا: “غالبًا ما يتعود الأشخاص الأكبر سنا بشكل أفضل على التحلي بالصبر في المهام المعقدة”، “كما يمكنهم تحمل الملل لأكثر من ثانية، وأعتقد أن الجيل الأكثر تعرضًا للخطر هم جيل الألفية، الذين لا يستطيعون مطلقًا تحمل الملل”.

“يمكن أن تساعد ميزة الصبر وتحمل الملل في التركيز ليس فقط في إنجاز مهمة ولكن أيضًا في تعلم أشياء جديدة! فقد يواجه الأشخاص الأصغر سنًا صعوبة أكبر في تكريس طاقاتهم لمهامهم اليومية وتعلم أشياء جديدة.” كما يقول جو ديجوتيس، الأستاذ بجامعة هارفارد، المؤلف المشارك لدراسة عن الإهتمام المستمر sustained attention.

الاطلاع على الهاتف باستمرار يؤدي إلى الضغط وتشتت الانتباه!

أفادت دراسة استقصائية أجرتها جمعية علم النفس الأمريكية بأن “الأشخاص الذين يفحصون هواتفهم باستمرار يعانون من مستويات ضغط أعلى من أولئك الذين يقومون بذلك بوثيرة أقل، بالإضافة إلى إلحاق الضرر بقدرتهم على التركيز”. كما يقول آدم جازالي Adam Gazzaley أستاذ علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، والمؤلف المشارك لكتاب العقل المُشتت The Distracted Mind.

أخيرا، بعد قراءتك للمقال نرجوا أن تفكر جديا في تحقيق التوازن بين استخدام هاتفك الذكي وابعاده عنك لبعض الوقت! مما قد يشجعك على قراءة كتاب جديد أو تعلم فن التأمل! حاول ممارسة هذه العادات، وشارك المقال مع أصدقائك لتعم الفائدة!

الصفاء الذهني والهواتف الذكية

الصفاء الذهني والهواتف الذكية

الصفاء الذهني والهواتف الذكية