ما هو الإدمان؟

يعتبر كتاب DSM بمثابة المرجع الأساسي في تخصصات الأمراض النفسية والعقلية، وفي النسخة الخامسة منه أُحدثت بعض التعديلات حول موضوع الإدمان، وذلك بإضافة مفهوم الإدمان غير المرتبط باستهلاك مادة معينة، أي إدمان سلوك معين، كإدمان الشاشات الإلكترونية. فالإدمان هو الحاجة القهرية التي تُكره صاحبها على فعل معين، وتدفعه إلى تكراره مرة تلو الأخرى حتى لو ظهرت نتائج سلبية على صحته البدنية أو النفسية.

ما هي أَضرار الشاشات الإلكترونية؟

يعتبر الضوء الصادر من شاشات الهواتف و الحواسب و شاشات التلفاز، من أضواء LED التي وإن كانت تبدو بيضاء اللون إلا أنها تندرج ضمن نطاق الضوء الأزرق، وهو المسؤول عن تسريع وتيرة الضمور البقعي DMLA وتدمير الخلايا المسؤولة عن استقبال الضوء في الشبكية، و تحويله إلى إشارات عصبية ثم إرسالها إلى الدماغ الذي بدوره يحللها ويترجمها إلى الصور التي نراها، هذه الخلايا بعد تعرضها بشكل كبير ومتواصل بفعل تدفق الضوء، تدخل في سلسلة من الموت الخلوي المبرمج، وبالتالي نقصان البصر شيئاً فشيئاً، كما بينت ذلك دراسة أجريت في كلية الطب مورهاوس بالولايات المتحدة، (Morehouse School of Medicine)، ونشرت في صحيفة NCBI العلمية، إضافة إلى أمراض أخرى كإعتام عدسة العين وجفافها وقصر النظر كما بينت ذلك أيضاً دراسة أخرى أنجزت بمستشفى شيان بالصين نشرت هي الأخرى على NCB.

اضطراب الساعة البيولوجية للجسم:

تعمل الساعة البيولوجية للجسم على تنظيم عمل أعضائه في تلاؤم مع إيقاع الليل والنهار، ويلعب التعرض لأشعة الضوء (كما هو الحال في فترات النهار) وخصوصا الطيف الأزرق منها دوراً جوهرياً في تنظيمها. ذلك لأنه يكبح إفراز هرمون الميلاتونين من طرف الغدة الصنوبرية وبذلك يحفز الدماغ ويجعله في حالة تأهب ويعزز الإدراك والذاكرة.  أما عند غياب الضوء في فترات الليل يتزايد إفراز الميلاتونين أو ما يعرف “بهرمون النوم” فيدخل الجسم في حالة من الاسترخاء استعداداً للنوم.

من هنا نفهم أن التعرض للضوء الأزرق في فترات الليل يؤدي إلى تحفيز الدماغ بشكل غير طبيعي لا يتماشى مع نظام ساعته البيولوجية، مما يؤدي إلى اضطراب في الوظائف الخلوية للجسم بأكمله، وليس فقط الدماغ.

أمراض خطيرة:

الاضطراب في إفراز هرمون الميلاتونين، يلعب دوراً رئيسياً في ظهور العديد من الأمراض كسرطان الثدي وسرطان القولون حسب دراسة نشرت على صحيفة springer العلمية، وأيضاً سرطان البنكرياس وسرطان الرئة، وأمراض القلب والشرايين، والسكري، وأمراض الجهاز الهضمي، والسمنة، ومشاكل الإنجاب والأمراض النفسية كالاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب. وفي دراسة أخرى أجريت على أكثر من 11800 مراهق تبين أن كلما زادت مدة استخدام الهواتف الذكية، تزايدت أعراض الاكتئاب لديهم.

تعتبر الهواتف الذكية من أهم الأجهزة المسببة للإدمان، خصوصاً بعد ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا يعزى إلى إفراز هرمون الدوامين أو “هرمون السعادة” بعد تلقي رسالة نصية أو قراءة خبر مثير، مما يجعل الجسم في حالة ترقب متواصل واحتياج كبير لتفقد الهاتف. و مع انتشار استعمال هذا الجهاز تزايدت لدى مستخدميه معدلات التوتر والقلق وتقلبات المزاج و الحاجة الدائمة لنيل إعجاب الآخر ورضاه وتدني الثقة بالنفس، فظهرت مجموعة من المصطلحات مثل “نوموفوبيا” أي رهاب الابتعاد عن الهاتف، و”تيكستايتي”  قلق عدم تلقي أي رسالة نصية، و”تيكستافرينيا” أي وهم سماع رنين الهاتف، و”فومو”  FOMO رهاب عدم مجارات الأحداث وتفويت الأخبار المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

تعددت الأخطار و الأمراض المصاحبة للاستعمال المفرط للشاشات الإلكترونية، ومما لا شك فيه أن الاستغناء عنها غدا صعباً عند البعض و مستحيلاً عند آخرين، وأضحى ترشيد استعمالها  ضرورة ملحة.

 

مصطلحات:

DSM : Manuel diagnostique et statistique des troubles mentaux

LED : light-emitting diodes

DMLA : dégénérescence maculaire liée à l’âge

FOMO: fear of missing out