متى يلجأ الطبيب إلى استئصال الغدة الدرقية؟

ما هي الغدّة الدرقية؟

تعتبر الغدة الدرقية إحدى الغدد المسؤولة عن إفراز الهرمونات في الجسم، وتقع في الجزء الأمامي من العنق أسفل الحبال الصوتية، تشبه الفراشة في شكلها، وتتكون من جزأين، الأيمن والأيسر، اللذين يلتقيان ليغلقا القصبة الهوائية، ويتراوح وزن الغدة الدرقية بين 20 و60 غراماً، وتقوم هذه الغدة بإفراز بعض الهرمونات، مثل ثلاثي يود الثيرونين المعروف اختصاراً بـ T3، وهرمون الثيروكسين ويعرف اختصارا بـ T4، والكالسيتونين، ويشكل اليود مكونا رئيسياً لهرموني T3 وT4، ولكن تجدر الإشارة إلى أن الجسم لا يمكنه تصنيع اليود، وإنما يعتمد على امتصاصه من الطعام.

وهي من الغدد الصماء، أي أنها تفرز هرموناتها مباشرة إلى الدم بواسطة شبكة غنية من الأوعية الدموية الدقيقة دون اللجوء إلى قنوات.

تلعب الغدة الدرقية عن طريق هرموناتها دوراً محورياً في إنتاج وتوفير الطاقة لخلايا الجسم وتساهم في عملية بناء البروتينات داخل الخلايا مما يعطيها دوراً بارزاً في عملية بناء الجسم من الناحية الجسمية والجنسية. ولها دور في تبادل السكريات والبروتينات والدهون وإتمام عملية الهضم الغذائي كما أن لها تأثيراً مهماً على التطور العقلي للإنسان … الغدة الدرقية تحافظ كذلك على الوزن وعلى درجة حرارة الجسم وصحة أنشطة القلب وتنظم الدورة الدموية والضغط الدموي والدورة الشهرية عند النساء وصحة الجلد والشعر.

جراحة الغدة الدرقية هي خيار من ضمن خيارات علاجية كثيرة، يتم اللجوء إليها لأربعة أسباب رئيسية:

1. سرطان الغدة الدرقية

يُعد من السرطانات القابلة للشفاء، ويتسبب في عدد قليل من الوفيات إذا تم تشخيصه مبكراً، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالورم الحليمي وهو الأكثر شيوعاً والأقل خطورة. واستئصال الغدة الدرقية والغدد اللمفاوية المحيطة بها، يبقى الخيار العلاجي الأنجع للعديد من سرطانات الغدة الدرقية.

2. التضخم غير السرطاني للغدة الدرقية المنتشر السلس

يعزى السبب الرئيسي والأكثر شيوعاً في حالات تضخم الغدة الدرقية إلى نقص اليود في النظام الغذائي. وتبقى إزالة الغدة الدرقية كاملة أو جزء منها اختياراً في حالة التضخم الكبير غير المريح لها، أو إذا كان يسبب صعوبة في التنفس أو البلع أو الكلام ويبقى استئصال الجزء المتضخم أو الغدة بأكملها خياراً علاجياً كذلك، خصوصاً إذا شعر المصاب بعدم الراحة أو ظهرت لديه نفس الأعراض السالفة الذكر.

3. الدراق العقيدي

هي عبارة عن كتل صلبة أو مملوءة بسائل، تتموضع في الغدة الدرقية. معظم هذه العقيدات غير خطير ولا يؤدي إلى ظهور أعراض، فيما عدا نسبة قليلة قد تسبب سرطان الغدة الدرقية، وقد تزداد في الحجم حتى يتمكّن الشخص من رؤيتها وقد تؤثر على عملية التنفس أو البلع.

بعض الحالات تستدعي اللجوء للجراحة خاصّة في حال العقيدات كبيرة الحجم التي تؤثر على البلع والتنفُّس، أو إذا أثرت على المظهر الخارجي للشخص، أو في حال الاشتباه بوجود عقيدة سرطانية، أما في حال كانت العقيدة نشِطة؛ بحيث تُفرز كميّات كبيرة من الهرمونات فيتمّ علاجها بالأدوية، أو اليود المشِّع، أو الجراحة كآخر وسيلة للعلاج.

4. فرط نشاط الغدة الدرقية

والذي يعرف بأنه حالة تؤدي إلى إنتاج الغدة المذكورة لكميات كبيرة من هرمون الثيروكسين: (فقدان الوزن، والقلق، وعدم تحمل الحرارة، وفقدان الشعر، وآلام العضلات والضعف والتعب، وفرط النشاط، والتهيج، وفرط البول، وفرط العطش، والإسهال، والتعرق، وعدم انتظام ضربات القلب والخفقان، وضيق في التنفس …) في حالة وجود مشاكل أو فشل لاستخدام الأدوية المضادة لتلك الحالة ورفض العلاج باليود المشع، عندها تكون الجراحة خياراً وارداً. بعد استئصال الغدة الدرقية سيحتاج الجسم لعلاج هرموني يومي للتمكن من القيام بالوظائف التي كانت تقوم بها الغدة.

استئصال الغدة الدرقية

تصبح جراحة استئصال الغدة الدرقية ضرورية الجراحة ضرورية في الحالات التالية:

علاج تضخم الغدة الدرقية المؤدي إلى انسداد الحلق وصعوبة البلع و التحدث والتنفس.
إزالة الأورام التي قد تكون سرطانية أو غير سرطانية.
إذا كانت الغدة الدرقية تحفز إفراز العديد من الهرمونات الذي يلا يمكن علاجه بالأدوية.

كم تستغرق عملية استئصال الغدة الدرقية؟

بناء على الجراحة المطلوبة، يمكن أن تستغرق عملية استئصال الغدة الدرقية ساعة إلى ساعتين أو أكثر من الوقت، لأن حجم الغدة الدرقية صغير ومحاط بالعديد من الأعصاب والغدد. لذلك، يجري الطبيب العملية بعناية فائقة تحت التخدير العام لتجنب إحداث ضرر على مستوى الحبال الصوتية والقصبة الهوائية.

أنواع جراحة استئصال الغدة الدرقية

هناك أنواع مختلفة من جراحة استئصال الغدة الدرقية، يحددها الطبيب بناء على الحالة الصحية للفرد والاضطراب المصاحب للغدة الدرقية، وتشمل:

استئصال الفص أو استئصال الغدة الدرقية (Lobectomy)

أحيانا، يمكن أن يؤثر الالتهاب أو التورم على نصف الغدة الدرقية فقط، حينها يلجأ الطبيب إلى خيار إزالة الفص المتضرر فقط، دون إزالة النصف الثاني من الغدة الدرقية.

استئصال الغدة الدرقية الجزئي (Subtotal thyroidectomy)

يزيل استئصال الغدة الدرقية الجزئي الغدة الدرقية، مع الحفاظ على أنسجة الغدة الدرقية للحفاظ على بعض وظائف الغدة الدرقية.

استئصال الغدة الدرقية الكلي (Total thyroidectomy)

يزيل الاستئصال الكلي الغدة الدرقية بأكملها بالإضافة إلى الأنسجة، ويتم اعتماد هذا الخيار العلاجي عندما تؤثر الأورام والالتهاب على الغدة بأكملها أو عند الإصابة بسرطان الغدة الدرقية.

مراحل العملية الجراحية

1. الاستعداد لإجراء عملية استئصال الغدة الدرقية

إجراء اختبارات وتحاليل للتحقق من مدى استعداد الجسم للعملية ولمعرفة درجة الاضطراب المصاحب للغدة الدرقية.
اتباع ما سيصفه لك الطبيب من أدوية في اليوم السباق للعملية لضبط وظائف الغدة الدرقية وتقليل احتمال النزيف بعد الجراحة.
عدم تناول الطعام والشراب بعد منتصف الليل قبل الجراحة لتفادي مضاعفات التخدير.

2. أثناء العملية

إدخال الممرضة للمحلول الوريدي في معصمك أو ذراعك للتحكم في السوائل والأدوية.
إعطاء طبيب التخدير دواء مخدرا لإجراء العملية تحت التخدير العام.
حسب نوع الجراحة التي سيتم إجراؤها، سيحدث الطبيب شقا واحدا أو أكثر في الرقبة مع الحرص على عدم إحداث ضرر للحبال الصوتية والقصبة الهوائية.

3. ما بعد الجراحة

بعد استقرار الحالة الصحية للمريض في غرفة الإنعاش، يتم نقله إلى غرفة أخرى للبقاء تحت المراقبة الطبية إلى أن يأذن الطبيب بخروجه من المستشفى. يمكن أن يشعر الشخص بعد الجراحة:

بالألم على مستوى الرقبة ويمكن للمسكنات أن تساعده في تخفيف الآلام.
بأن صوته أجش أو ملتهب لبضعة أيام، ويتم التعافي منه في الأيام ببعد الجراحة.

مضاعفات استئصال الغدة الدرقية

تشمل المخاطر الصحية ومضاعفات استئصال الغدة الدرقية النزيف الشديد الذي قد يحدث بعد الجراحة والعدوى، ومن ضمن المضاعفات النادرة الحدوث:

تلف الأعصاب المتصلة بالأحبال الصوتية.
تلف الغدد التي تتحكم في مستوى الكالسيوم في الجسم، ويمكن علاجه بالحصول على المكملات إلى أن يتم التعافي منه بعلاج الغدد التي تتحكم في مستوياته.
تناول بديل هرمون الغدة الدرقية إذا أزال الجراح الغدة الدرقية بالكامل ليحل محل هرمونات الغدة الدرقية.

نصائح بعد استئصال الغدة الدرقية

يمكن العودة إلى ممارسة الأنشطة الاعتيادية بعد الخروج من المستشفى، في هذه الفترة يُنصح بـ:

الانتظار لمدة 10 أيام إلى أسبوعين أو بعد الحصول على إذن الطبيب لممارسة أي أنشطة شاقة.
الحصول على مسكنات الألم بعد إذن الطبيب لتخفيف آلام الحلق التي قد يشعر بها الشخص.
اتباع تعليمات الطبيب عند وصف أدوية الموازنة لمستويات الهرمونات أو الكالسيوم في حالة الإصابة بقصور الغدة الدرقية بعد الجراحة.
التواصل مع الطبيب المعالج عند ملاحظة أي تغيرات مفاجئة كالإحساس ببحة في الصوت أو صعوبة في التنفس.

هل عملية استئصال الغدة الدرقية خطيرة؟

للتأكد من أن عملية استئصال الغدة الدرقية خطيرة أو آمنة، أجريت دراسة على مريضا خضعوا لجراحة الغدة الدرقية في الفترة الممتدة بين 1995 و2010، حيث تمت إزالة الغدة الدرقية بالكامل لـ 40% من المرضى، بينما خضع المرضى الباقون للاستئصال الجزئي للغدة الدرقية، وأظهرت النتائج أن عملية الاستئصال آمنة عموما بغض النظر عن المضاعفات التي قد تحدث للمرضى بعد الجراحة.

هل يعود سرطان الغدة الدرقية بعد استئصالها؟

حسب الجمعية الأمريكية للسرطان، يمكن أن يعود سرطان الغدة الدرقية بعد استئصالها وذلك حسب الحالة الصحية للشخص، إذ بالنسبة للعديد من الأشخاص المصابين بسرطان الغدة الدرقية، قد يزيل العلاج السرطان أو يقضي عليه، كما قد لا يختفي سرطان الغدة الدرقية أو قد يعود إلى جزء آخر من الجسم لدى بعض الأشخاص.

بعد تشخيص عودة السرطان، يحصل هؤلاء الأشخاص على العلاج الكيميائي أو الإشعاعي للمساعدة في السيطرة على السرطان لأطول فترة ممكنة. لذلك، يُنصح جميع من أجروا العملية التواصل مع الطبيب المعالج عند ملاحظة أي أعراض أو اضطرابات صحية بعد الجراحة.

تأثير استئصال الغدة الدرقية على الجسم

يشمل تأثير استئصال الغدة الدرقية المضاعفات التي قد تحدث للشخص بعد الجراحة، وذلك بناء على نوع الجراحة التي تم إجراؤها، إذ بعد الاستئصال الكلي للغدة الدرقية، سيحتاج الطبيب مراقبة مستويات هرمونات الغدة الدرقية والكالسيوم لتتبع أي نقص فيهما.

عند الاستئصال الكلي للغدة الدرقية: سيحتاج المريض إلى تناول بديل لهرمون الغدة الدرقية مدى الحياة حسب الجرعة التي سيصفها الطبيب.
عند الاستئصال الجزئي للغدة الدرقية: ستكون الغدة الدرقية قادرة على إنتاج ما يكفي من الهرمون ولن يحتاج الشخص إلى دواء هرموني بديل.
عند المعاناة من قصور الغدة الدرقية: سيحتاج الشخص تناول بدائل هرمون الغدة الدرقية بعد الجراحة أيضا.