تعد عملية زراعة المفصل الاصطناعي إحدى أكثر الإجراءات الطبية نجاحا، حيث أطلقت عليها المجلة العلمية الطبية الأكثر تميزا وشهرة في العالم  THE LANCET اسم “عملية القرن”.

مفاصل اصطناعية بديلة لجميع المفاصل!

تسمح عملية استبدال المفصل الاصطناعي بالتخلص من الألم واستعادة حرية الحركة حتى غدت عملية شبه روتينية في العديد  من البلدان. وبتطور الطب مع  مرور الزمن أصبح هناك مفصلا اصطناعيا لجميع المفاصل تقريبا، ويتعلق الأمر في معظم الأحيان بمفصل الركبة والورك، بالإضافة إلى مفصل الكتف و الكوع و الكاحل، وكذا مفاصل أصابع اليدين و الرجلين.

ويختلف العمر الافتراضي للمفصل الاصطناعي من ‫مريض لآخر، غير أن الدراسات قد أثبتت أن 75 ٪ من مفاصل الورك لها عمر يتراوح بين 15 و 20 سنة، بينما 28٪ من مفاصل الركبة قد يصل عمرها إلى 25 سنة.

اقرأ أيضا: أمراض العظام والمفاصل..من نستشير؟

أول استبدال مفصلي في التاريخ

كان أول من قام بعملية زراعة المفاصل الجراح الألماني “تميستوكلس كلوك” سنة 1890 لمريض مصاب بسل العظام في مفصل الركبة حيث عوضه بمفصل عاجي، لكن نجاح العملية لم يدم طويلا بسبب التنافر الناتج عن مرض السل. وفي سنة 1911 قام الجراح الألماني “فريتز كونيك” باستئصال ورم خبيث (ساركوما) من عظم ساعد مراهق يبلغ من العمر 16 سنة  واستبدل المفصل بقطعة من العاج طولها 15 سنتيمتر، وبعد نجاح العملية شرع سنة 1912 بإجراء عملية مماثلة لفتاة بلغت من العمر 26 سنة لعلاج نفس الورم في منطقة الكوع، وقد كانت عملية ناجحة إذ تم فحص المريضة بعد 24 عاما وتبين أن القطعة المزروعة لازالت ثابتة في مكانها، بالإضافة إلى حفاظ الكوع على حركيته وتمكّن المريضة طيلة تلك المدة من القيام بأعمالها المنزلية دون مشاكل صحية تذكر.

في تلك الأثناء كان المشكل الأساسي المطروح هو توفير موارد كافية من العاج، ولصعوبة الأمر تم البحث عن مواد أخرى متوافقة مع الأنسجة القادرة على مواجهة الضغط الدائم للمفصل ولأطول مدة ممكنة، فتم تطوير مفاصل معدنية، سيراميكية وكذا بلاستيكية عالية القوة والتي أثبتت التجارب  أنها مناسبة.

اقرأ أيضا: ألم في المفاصل أو الروماتيزم…هل يمكن علاجه في المنزل؟

متى نلجأ لهذه العملية؟

يعد مرض التآكل الغضروفي السبب الرئيسي لتغيير المفصل، ففي مراحله المتأخرة يعاني المريض من ألم مزمن بالإضافة إلى تيبس المفصل نتيجة التدمر التدريجي للغضروف مما يؤثر على حياة المريض حتى تغدو أنشطته اليومية صعبة وفي بعض الأحيان شبه مستحيلة. ومن الأسباب الأخرى نذكر أيضا كسر عنق عظم الفخذ لدى كبار السن ونخر رأس عظم الفخذ.

الأهداف العلاجية لزراعة المفاصل

بعتبر الهدف الرئيسي من عملية استبدال المفصل الاصطناعي في التخلص من الألم، والحفاظ على استقلالية المريض للقيام بالأنشطة اليومية ومن ثم الإندماج المتواصل في المجتمع وكذا في الحياة المهنية.

لا ينتهي العلاج بانتهاء التدخل الجراحي، بل تعتبر إعادة التأهيل الطبي ما بعد العملية من أهم المراحل التي تساهم بشكل كبير في مستوى نجاح العملية والتي تشمل العلاج الطبيعي، الفيزيائي، اليدوي، المائي والتمارين الرياضية، ناهيك عن العلاج الطبي بالأدوية كمسكنات الألم لبضعة أيام / أسابيع بعد التدخل الجراحي واستعمال الأدوات المساعدة كالعكازات إلى حين القدرة على المشي مجددا بشكل طبيعي.

الرياضة والمفاصل الاصطناعية

بعد زرع الأطراف الاصطناعية الكبيرة، يجب على المرضى القيام بنشاط بدني أو تمارين رياضية وذلك بشكل منتظم، إذ أن ذلك يساعد على تحسين التكامل العظمي للأطراف الاصطناعية، ويزيد من أداء العضلات ويقلل من مخاطر انسداد الأوعية الدموية، بيد أن ذلك يجب أن يتم بعد  استشارة الطبيب المعالج، بحيث يتم تقييم الفوائد المنتظرة من حيث الأداء المفصلي والعضلي وصحة القلب والأوعية الدموية ضد الآثار السلبية المحتملة لهذه الرياضة على حياة المفصل المزروع.

وكقاعدة عامة، يوصى بفترة انتظار تتراوح ما بين 3 و 6 أشهر بعد العملية لا يجوز فيها ممارسة الرياضات دون إشراف وموافقة طبية.