ما هو الصلع الوراثي ؟

يُعرّف الصلع الوراثي، أو ما يُعرف أيضاً بـالصلع الأندروجيني (Androgenetic Alopecia)، بأنه شكل شائع من تساقط الشعر يتميّز بفقدان تدريجي للشعر نتيجة تفاعل العوامل الوراثية مع الهرمونات الذكرية (الأندروجينات). 

 الفرق بين الصلع الوراثي وتساقط الشعر العادي

يختلف الصلع الوراثي عن التساقط العابر أو الناتج عن أسباب مؤقتة مثل الإجهاد، سوء التغذية، نقص الفيتامينات أو بعض الأدوية. ففي حين يتوقف التساقط العادي غالبًا بمجرد معالجة السبب، فإن الصلع الوراثي يتطور بشكل تدريجي ومستمر بسبب تأثير هرمون ديهدروتستوستيرون (DHT) على بصيلات الشعر، ما يؤدي إلى تقلّصها وضعفها مع مرور الوقت حتى تتوقف عن إنتاج الشعر نهائيًا.

من الأكثر عرضة للإصابة؟ 

يصيب الصلع الوراثي الرجال والنساء على حد سواء، لكنه أكثر شدة وانتشارًا بين الرجال. تبدأ الأعراض غالبًا في العشرينات أو الثلاثينات عند الرجال، بينما تظهر لدى النساء غالبًا بعد سن الأربعين أو مع مرحلة انقطاع الطمث. وتشير المصادر الحديثة إلى ما يلي:

  • بالنسبة للرجال: يُقدّر أن أكثر من 50٪ من الرجال فوق سن الخمسين يعانون من درجات متفاوتة من الصلع الوراثي.
  • أما بالنسبة للنساء: تتأثر حوالي 25٪ من النساء بحلول سن الخمسين، وتصل النسبة إلى حوالي 50٪ بحلول سن السبعين.

أسباب الصلع الوراثي 

 دور الهرمونات (ديهدروتستوستيرون – DHT)

يُعتبر هرمون ديهدروتستوستيرون (DHT) المشتق من هرمون التستوستيرون العامل الأساسي في تطور الصلع الوراثي. إذ يرتبط DHT بمستقبلات خاصة في بصيلات الشعر الحساسة وراثياً، مما يؤدي إلى تقلص حجم البصيلات تدريجياً (miniaturization) وانخفاض دورة نمو الشعر. مع مرور الوقت، تنتج البصيلة شعراً أرق وأقصر، حتى تتوقف نهائياً عن إنتاجه.

العامل الجيني وتأثيره عبر الأجيال

العامل الوراثي هو المحدد الرئيس لحدوث الصلع، إذ تُورَّث قابلية البصيلات للتأثر بـ DHT عبر الجينات. غالباً ما يُلاحظ وجود تاريخ عائلي للصلع الوراثي، سواء من جهة الأب أو الأم، مع اختلاف شدة النمط بين الأجيال. وتشير الأبحاث إلى أن بعض الطفرات الجينية في مستقبلات الأندروجين (AR gene) تلعب دوراً محورياً في تحديد بداية وشدة فقدان الشعر.

 عوامل مساعدة تزيد من شدة الصلع

إلى جانب الجينات والهرمونات، توجد عوامل أخرى قد تُسرّع أو تُفاقم من شدة الصلع الوراثي، أبرزها:

  • العمر: كلما تقدّم الشخص في العمر زادت احتمالية ترقّق الشعر.
  • الضغط النفسي المزمن: يساهم في تسريع تساقط الشعر عند الأشخاص المهيئين وراثياً.
  • التغذية غير المتوازنة: نقص البروتينات أو العناصر الدقيقة مثل الحديد والزنك قد يزيد من ضعف الشعر.
  • الأمراض المزمنة: مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو متلازمة تكيس المبايض لدى النساء.

أعراض الصلع الوراثي

يظهر الصلع الوراثي تدريجياً وبأنماط مختلفة بين الرجال والنساء، وهو ما يُساعد الأطباء على تمييزه عن غيره من أسباب تساقط الشعر. أبرز الأعراض تشمل:

  • عند الرجال: يبدأ غالباً بانحسار خط الشعر عند الجبهة (M-shaped hairline) ثم يرافقه ترقق الشعر في قمة الرأس، وقد ينتهي بصلع شبه كامل في مقدمة وأعلى فروة الرأس مع بقاء الشعر على الجانبين والخلف.
  • أعراض الصلع الوراثي عند الرجال
    أعراض الصلع الوراثي عند الرجال
  • عند النساء: يظهر على شكل ترقّق عام للشعر خاصة في منتصف فروة الرأس، دون تراجع واضح في خط الجبهة، مما يجعل مظهر فروة الرأس أكثر وضوحاً مع الوقت.
أعراض الصلع الوراثي عند النساء
أعراض الصلع الوراثي عند النساء
  • تطور بطيء: الأعراض لا تظهر فجأة بل تتفاقم على مدى سنوات، حيث تُنتج البصيلات شعراً أقصر وأرفع مع كل دورة نمو حتى تتوقف نهائياً.
  • غياب الألم أو الحكة الشديدة: على عكس بعض أمراض فروة الرأس الالتهابية، فإن الصلع الوراثي لا يترافق عادةً بأعراض التهابية ملحوظة.

علاج الصلع الوراثي

العلاجات الدوائية المعتمدة 

  • مينوكسيديل (Minoxidil): محلول أو رغوة يُستخدم موضعياً، يعمل على تحفيز بصيلات الشعر وزيادة طول دورة النمو. يمكن أن يظهر أثره بعد 4–6 أشهر من الاستخدام المنتظم، ويستمر في العمل طالما استُخدم بانتظام. 
  • فيناسترايد (Finasteride): دواء فموي يُستخدم للرجال فقط، يقلل من مستوى DHT في فروة الرأس، ما يبطئ تقلص البصيلات ويحافظ على الشعر الحالي. يجب متابعة الطبيب لتجنب الآثار الجانبية المحتملة. (MedlinePlus)
  • أدوية أخرى: تشمل أحياناً سبيرونولاكتون (للنساء) أو دوافع نمو الشعر تجريبية أخرى تحت إشراف طبي.

العلاجات التجميلية الحديثة

  • العلاجات بالبلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP): تعتمد على حقن البلازما الذاتية في فروة الرأس لتحفيز نمو الشعر وتجديد البصيلات. تشير الدراسات إلى تحسّن كثافة الشعر بعد عدة جلسات.
  • الليزر منخفض المستوى (LLLT): جهاز يُستخدم لتحفيز الدورة الدموية في فروة الرأس، مما قد يزيد من قوة الشعر وكثافته مع الاستخدام المنتظم.

الجراحة وزراعة الشعر

  • زراعة الشعر (Hair Transplantation): تُعتبر الحل النهائي للحالات المتقدمة، حيث تُنقل بصيلات صحية من مناطق الرأس المقاومة للصلع (مثل مؤخرة الرأس) إلى المناطق الصلعاء.
  • تقنيات حديثة:  FUE (استخراج البصيلات وزرعها بشكل فردي) وFUT (نقل شريحة صغيرة من فروة الرأس)، وكلاهما يتيح الحصول على نتائج طبيعية مع أقل قدر من الندوب.

العلاجات الطبيعية والبديلة – هل تنجح؟

رغم أن الأبحاث الطبية تؤكد أنّ الصلع الوراثي سببه الأساسي عوامل جينية وهرمونية، إلا أنّ بعض الأشخاص يلجؤون إلى العلاجات الطبيعية أو المكملات الغذائية على أمل الحد من تساقط الشعر.

دور التغذية والمكملات

دور التغذية والمكملات

  • الحديد: نقص الحديد شائع عند النساء ويُرتبط بأنواع تساقط الشعر مثل الصلع الوراثي أو تساقط الشعر الانسدادي (Telogen Effluvium). لكن الدراسات لا تُظهر تأثيرًا واضحًا لتناول مكملات الحديد إلا في حال وجود نقص فعلي في الجسم. 
  • الزنك: أظهرت دراسة وجود مستويات أدنى من الزنك عند مرضى الصلع الوراثي مقارنة بالأصحاء، ما قد يشير إلى فائدة محتملة للمكملات في مثل هذه الحالات، ولكنه دليل غير كافٍ لتعزيز نمو الشعر بشكل واضح. 
  • البيوتين: تُستخدم أحيانًا في حالات نادرة جدًا—مثل نقص إنزيم biotinidase الوراثي—وتُظهِر تحسناً في تلك الحالات الخاصة، لكن لا توجد أدلة قوية على أنها تساهم في تحسين نمو الشعر لدى الأشخاص الطبيعيين.
  • فيتامينات ومكملات أخرى: فيتامين A الزائد يمكن أن يفاقم تساقط الشعر، بينما فيتامينات B المركبة، E، أو الفولات ليست مثبتة فعاليّتها، خاصة دون وجود نقص.
  • الأعشاب والزيوت الطبيعية: 
  • زيت إكليل الجبل (Rosemary oil): دراسة عشوائية مقارنة بين الزيت ودواء مينوكسيديل 2٪ أظهرت نتائج متقاربة بعد 6 أشهر من الاستخدام، مع آثار جانبية أقل شيوعًا في مجموعة الزيت. 
  • الزيوت أيضًا قد تحسن صحة فروة الرأس بفضل خصائصها المضادة للالتهاب ومُحسنة للدورة الدموية. 

الأساطير الشائعة حول علاج الصلع الوراثي

  • ارتداء القبعات يسبب الصلع: لا يوجد دليل علمي يثبت ذلك.
  • غسل الشعر المتكرر يؤدي إلى تساقطه: سقوط بعض الشعر أثناء الغسل أمر طبيعي ولا يُسبب الصلع.
  • استخدام الزيوت الطبيعية يمكن أن يعيد إنبات الشعر المفقود: الزيوت قد تحسن مظهر الشعر وصحته لكنها لا تُوقف فقدانه الناتج عن العوامل الوراثية. 

أحدث الأبحاث والابتكارات في علاج الصلع الوراثي

الخلايا الجذعية وزراعة البصيلات

  • الخلايا الجذعية و”الـ Secretome” المستمدة من الأنسجة الدهنية أو من بصيلات الشعر: أظهرت دراسات وتجارب سريرية أولية أن حقن مستخلصات الخلايا الجذعية أو الـ secretome في فروة الرأس قد يحسّن من كثافة الشعر ويحفّز البصيلات المشلولة. هناك تجارب تقارن فعالية هذه المستحضرات بالمينوكسيديل وتظهر نتائج مشجعة، لكن النتائج تختلف بين الدراسات والحجم العيني غالباً ما يكون محدودًا.
  • خلايا مساندة من جريب الشعر (Hair follicle mesenchymal stem cells): تجربة سريرية نشرت حديثًا أظهرت تحسّنًا في قطر خصل الشعر وكثافتها لدى مرضى صلع وراثي بعد علاجات تعتمد على خلايا من جذور البصيلات، ما يعكس إمكانية تطبيقات تجديدية مستقبلية. لكن النتائج لا تزال بحاجة لتكرارها في دراسات أكبر وبفترات متابعة أطول.

العلاجات الجينية والمستقبلية

  • استهداف إشارات مستقبل الأندروجين والجينات المرتبطة بحساسية البصيلات (مثل AR gene): هناك أبحاث تُطوّر جزيئات صغيرة وأجساماً مضادة أو وسائل تعديل جيني تهدف إلى تقليل تأثير DHT على البصيلات أو تعديل التعبير الجيني المسؤول عن حساسية البصيلة. هذه الطرق واعدة نظريًا، لكنها في مراحل مبكرة من التطوير وقد تواجه تحديات تتعلق بالسلامة والتوصيل الدقيق إلى بصيلات الشعر.
  • العلاج الجزيئي واكتشاف جزيئات منشِّطة: باحثون اكتشفوا بروتينات وجزيئات (مثل osteopontin وSCUBE3 في أبحاث الخلايا) التي قد تُعيد تنشيط البصيلات الخاملة — وتوجد شركات ناشئة وتراخيص بحثية تعمل على ترجمة هذه الاكتشافات إلى علاجات موضعية مستقبلية. رغم التفاؤل، ما زالت الأدلة على البشر محدودة وحذر الخبراء من توقعات “علاج فوري”.

أسئلة شائعة قد تهمك 

هل يوجد علاج مضمون 100% لتساقط الشعر؟

لا. حتى اليوم، لا يوجد علاج يضمن استعادة الشعر بالكامل عند مرضى الصلع الوراثي. العلاجات المتوفرة — مثل المينوكسيديل أو الفيناسترايد أو زراعة الشعر — يمكنها أن تؤخر تطور الصلع وتحسّن الكثافة بدرجات مختلفة من شخص لآخر، لكنها لا تقدّم شفاءً نهائيًا.
الأبحاث المستقبلية في مجالات الخلايا الجذعية والعلاج الجيني تحمل وعودًا، لكنها ما تزال في طور التجريب.

الصلع الوراثي حالة شائعة تؤثر على الرجال والنساء، ويعود سببها الأساسي إلى العوامل الجينية والهرمونية. تُعتبر أدوية الصلع الوراثي مثل المينوكسيديل والفيناسترايد، بالإضافة إلى زراعة الشعر وتقنيات البلازما الحديثة، من أكثر العلاجات فعالية للحفاظ على كثافة الشعر وتأخير التساقط.

رغم الابتكارات الواعدة في الخلايا الجذعية والعلاجات الجينية المستقبلية، يبقى التشخيص المبكر والمتابعة مع طبيب الجلدية المتخصص هو مفتاح النجاح. الجمع بين العلاج الطبي، أسلوب الحياة الصحي، والتغذية المتوازنة يضمن أفضل النتائج في علاج تساقط الشعر الوراثي ويعزز صحة فروة الرأس والشعر على المدى الطويل.