ورغم أن العلاج الطبي يظل ضروريًا في بعض الحالات، يبحث الكثيرون عن طرقٍ طبيعيةٍ وآمنة لتخفيف الأعراض في المنزل، خصوصًا عند الحالات البسيطة التي لا تستدعي تناول المضادات الحيوية. في هذا المقال، نستعرض أبرز الوسائل المنزلية المثبتة علميًا لعلاج التهاب اللوزتين، مع توضيح الحالات التي تستوجب مراجعة الطبيب فورًا.
ما هو التهاب اللوزتين؟
تعريف مبسط ووظيفة اللوزتين في جهاز المناعة
اللوزتان هما كتلتان صغيرتان من الأنسجة (عقدتان لمفاويتان) تقعان في مؤخرة الحلق، وتُعدّان جزءًا من الجهاز المناعي، إذ تعملان كخطّ دفاعٍ أوّل ضد الجراثيم التي تدخل عبر الفم أو الأنف.
لكن عندما تتعرّضان لعدوى فيروسية أو بكتيرية، تلتهبان وتتورّمان، مما يسبب ألمًا في الحلق، صعوبة في البلع، وارتفاعًا في درجة الحرارة.
ويُعدّ هذا الالتهاب من الحالات الشائعة التي تصيب الأطفال أكثر من البالغين، نظرًا لأن جهازهم المناعي لا يزال في طور التكوّن.

الفرق بين الالتهاب الفيروسي والبكتيري
إن تحديد نوع العدوى هو مفتاح العلاج السليم؛ فالالتهاب الفيروسي لا يستجيب للمضادات الحيوية، بينما يتطلب الالتهاب البكتيري وصفة طبية حتمية لتجنب المضاعفات.
| العلامة | الالتهاب الفيروسي (الأكثر شيوعاً) | الالتهاب البكتيري (العقدي) |
| سبب الالتهاب | الفيروسات (كفيروسات نزلات البرد والإنفلونزا). | البكتيريا (غالباً بكتيريا المكورات العقدية A). |
| أعراض مصاحبة | سعال، سيلان أو احتقان الأنف، بحة في الصوت. | غياب السعال وسيلان الأنف غالباً. |
| الحُمَّى | تكون خفيفة أو معتدلة. | حُمَّى مفاجئة وشديدة (غالباً أعلى من 38.5 م°). |
| مظهر اللوزتين | احمرار وتورم. | احمرار وتورم شديدين، وغالباً ظهور بقع بيضاء أو صديد. |
| العلاج | الراحة والسوائل والعلاجات المنزلية. | المضادات الحيوية بوصفة طبية لمنع الحمى الروماتيزمية ومضاعفات أخرى. |
كيفية علاجات منزلية لالتهاب اللوزتين
الغرغرة بالماء الدافئ والملح
تُعدّ الغرغرة بمحلول الماء الدافئ والملح من أكثر الطرق المنزلية فعالية لتخفيف التهاب اللوزتين. إذ تساعد على قتل البكتيريا وتقليل التورّم وتهدئة الحلق الملتهب.
- طريقة التحضير: تُخلط نصف ملعقة صغيرة من الملح في حوالي 240 مل من الماء الدافئ (يجب أن يكون دافئاً وليس ساخناً).
- الاستخدام: يتم الغرغرة بالمحلول في مؤخرة الحلق لمدة 30 ثانية، ثم يُبصق، وتُكرر العملية عدة مرات يومياً.
العسل والليمون
يمتاز العسل بخصائصه المضادة للبكتيريا والمهدئة للحلق، بينما يحتوي الليمون على فيتامين C الذي يدعم الجهاز المناعي.
- الاستخدام: تُضاف ملعقة من العسل الطبيعي وعصير نصف ليمونة إلى كوب من الماء الدافئ أو الشاي العشبي (مثل البابونج)، ويُشرب المزيج ببطء.
شرب السوائل الدافئة
الحفاظ على ترطيب الجسم أمر بالغ الأهمية عند الإصابة بالتهاب اللوزتين، خاصة مع وجود الحُمّى التي تزيد من خطر الجفاف. تساعد السوائل الدافئة على تلطيف الحلق وتخفيف لزوجة الإفرازات المخاطية، ما يسهّل البلع ويقلل الشعور بالخشونة.
- الأمثلة الموصى بها: شاي الأعشاب الخالي من الكافيين، مرق الدجاج الدافئ (الغني بالمعادن)، ومشروب الزنجبيل الطازج مع العسل.
- ما يجب تجنبه: العصائر الحمضية (كالبرتقال واليوسفي) والمشروبات الغازية، حيث يمكن أن تزيد من تهيج الحلق الملتهب.
الراحة والنوم الكافي
الراحة التامة هي الدعامة الأساسية في علاج أي عدوى فيروسية. يتيح النوم الكافي للجسم توجيه طاقته نحو مكافحة العدوى، بدلاً من استهلاكها في النشاط اليومي. ينصح بالحصول على ما لا يقل عن 8 ساعات من النوم ليلاً، بالإضافة إلى فترات راحة خلال النهار. يجب تجنب الأنشطة المجهدة حتى تختفي الأعراض تماماً.
ترطيب الجو واستنشاق البخار
غالباً ما يؤدي الهواء الجاف، خاصة في الغرف المُدفأة، إلى زيادة تهيج الحلق وتفاقم الألم.
- المرطبات: يمكن استخدام جهاز ترطيب الهواء البارد (Cool-Mist Humidifier) في غرفة النوم لإضافة الرطوبة إلى الهواء، ما يخفف من جفاف الحلق ويجعل التنفس أكثر راحة. يجب تنظيف المرطب بانتظام لمنع نمو العفن أو البكتيريا.
- استنشاق البخار: الجلوس في حمام مملوء بالبخار الدافئ لبضع دقائق يوفر راحة سريعة ومؤقتة، حيث يساعد على ترطيب الأغشية المخاطية وتقليل الاحتقان.
العلاجات التي يجب تجنبها
في حين أن الرغبة في التعافي السريع قد تدفع البعض لتجربة أي وسيلة، إلا أن هناك ممارسات قد تزيد الأمر سوءاً أو تكون خطيرة.
تحذير من بعض الخلطات الشعبية غير الآمنة
يجب الحذر من استخدام الخلطات الشعبية أو الزيوت القوية (كبعض الزيوت العطرية المركزة) التي قد تسبب تهيجاً كبيراً في بطانة الحلق الملتهبة. كما يجب تجنب الأطعمة والمشروبات شديدة الحموضة أو السخونة جداً، لأنها قد تزيد التآكل في الأنسجة الحساسة وتؤخر الشفاء. الالتزام بالعلاجات المذكورة أعلاه المدعومة من جهات طبية موثوقة هو المسار الأكثر أماناً.
تجنب تناول المضادات الحيوية بدون وصفة طبية
تعمل المضادات الحيوية فقط ضد العدوى البكتيرية، وهي عديمة الفائدة ضد الفيروسات. إن تناول المضادات الحيوية دون تشخيص طبي يؤدي إلى مشكلتين رئيسيتين:
- عدم الفائدة: لن تعالج المرض إذا كان فيروسياً، بل قد تسبب آثاراً جانبية.
- المقاومة البكتيرية: يزيد الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية من خطر مقاومة البكتيريا لها مستقبلاً، ما يجعلها غير فعالة عند الحاجة إليها فعلاً.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
يوصيك فريقنا بمراجعة الطبيب ما أمكن فور تحديد أعراض التهاب اللوزتين وأخذ التوصيات الطبية المناسبة لحالتكم ويمكنكم بعد إذ الاستفادة من العلاجات المنزلية أعلاه للتخفيف من حدة الأعراض.
ارتفاع درجة الحرارة
يشير الارتفاع الشديد والمستمر في درجة الحرارة، خاصة إذا استمر لأكثر من يومين ولم يستجب لمخفضات الحرارة المتاحة دون وصفة طبية، إلى عدوى بكتيرية أو تطور مضاعفات.
صعوبة التنفس أو البلع
إذا أصبح البلع مؤلماً للغاية لدرجة تمنع من شرب السوائل أو إذا ظهرت صعوبة في التنفس أو الشخير الشديد أثناء النوم (بسبب تضخم اللوزتين)، يجب طلب الرعاية الطبية الفورية.
استمرار الأعراض أكثر من 7 أيام
إذا لم تبدأ الأعراض في التحسن بعد مرور 4 إلى 7 أيام من بدء العلاج المنزلي والراحة، فغالباً ما يكون ذلك علامة على أن المشكلة تتجاوز العدوى الفيروسية البسيطة، أو أن هناك حاجة لإجراء فحص للتأكد من عدم وجود التهاب بكتيري.
ظهور صديد على اللوزتين أو ألم الأذن
يعتبر ظهور بقع بيضاء أو خطوط صفراء (صديد) على اللوزتين، أو ظهور رائحة فم كريهة جداً، من العلامات القوية على الإصابة بالبكتيريا العقدية. كما أن الشعور بألم في الأذن (Reflected Ear Pain) قد يكون ناجماً عن امتداد الالتهاب من الحلق إلى قناة أوستاكيان(البلعوم الأنفي).
نصائح للوقاية من التهاب اللوزتين
غسل اليدين بانتظام
يُعد غسل اليدين بالماء والصابون لمدة 20 ثانية الطريقة الأكثر فاعلية لمنع انتشار الجراثيم. يجب الحرص على ذلك بشكل خاص بعد السعال أو العطس، وقبل تناول الطعام، وبعد استخدام المرافق العامة.
تجنب مشاركة أدوات الطعام
يجب تجنب مشاركة الأكواب والأطباق وأدوات الأكل والمناشف الشخصية مع الأشخاص المصابين، أو حتى مع غير المصابين للحد من نقل العدوى.
تعزيز المناعة بالأطعمة الغنية بفيتامين C
يلعب النظام الغذائي دوراً هاماً في تقوية الجهاز المناعي. ينصح بالتركيز على الأطعمة الغنية بفيتامين C (كالكيوي والفراولة والفلفل الملون)، وفيتامين (د)، ومضادات الأكسدة، لتعزيز قدرة الجسم على محاربة العدوى.
أسئلة شائعة قد تهمك
ما أفضل مشروب لتخفيف التهاب اللوزتين؟
تُعدّ المشروبات الدافئة من أفضل الوسائل لتهدئة الحلق الملتهب. وتشمل:
- ماء دافئ مع العسل والليمون: يهدّئ الحلق ويخفّف الألم، ويدعم المناعة بفضل فيتامين C في الليمون.
- شاي الأعشاب مثل البابونج أو الزنجبيل: يمتاز بخواص مضادة للالتهاب ويقلل التهيج.
- الحساء الدافئ: يساعد على ترطيب الحلق ويزوّد الجسم بالسوائل اللازمة.
متى يكون التهاب اللوزتين خطيرًا؟
كما ذُكر سابقاً، يصبح التهاب اللوزتين خطيراً عندما تظهر علامات تشير إلى مضاعفات وشيكة، وأبرزها: صعوبة شديدة في التنفس أو البلع، أو عدم القدرة على فتح الفم بشكل كامل، أو حمى لا تزول تتجاوز 39 مئوية، أو استمرار الأعراض الحادة لأكثر من يومين دون تحسن.
يُعدّ التهاب اللوزتين من الحالات الشائعة التي يمكن التخفيف منها بوسائل منزلية طبيعية وآمنة مثل الغرغرة بالماء الدافئ والملح، شرب السوائل الدافئة، العسل والليمون، والحصول على الراحة الكافية. مع ذلك، تبقى مراجعة الطبيب ضرورية عند ظهور أعراض خطيرة مثل ارتفاع درجة الحرارة، صعوبة البلع أو التنفس، أو استمرار الأعراض لأكثر من أسبوع.
الالتزام بالعلاجات المنزلية الموثوقة، مع تعزيز المناعة واتباع قواعد النظافة، يساهم في الوقاية من الالتهابات المتكررة والحفاظ على صحة الحلق بشكل عام.