الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) هو نوع من الاكتئاب الذي يأتي ويختفي بنمط موسمي. ويُعرف الاضطراب العاطفي الموسمي أحيانًا باسم “اكتئاب الشتاء” winter depression لأن الأعراض عادة ما تكون أكثر وضوحًا وأكثر حدة خلال فصل الشتاء.

إذا كنت مصابا بالاضطراب العاطفي الموسمي، فإن أعراضك سوف تبدأ في الخريف وتستمر طوال أشهر الشتاء، مستنزفةً طاقتك وباعثةً شعورا بتقلب المزاج بداخلك. 

وفقًا لجمعية الطب النفسي الأمريكية (APA)، فإن هذه الحالة تؤثر على حوالي 5% من الأشخاص سنويا، ويمكن أن تستمر الأعراض لمدة 40% تقريبًا من العام، عندما يكون هناك القليل من ضوء الشمس، وعادة ما تتحسن مع حلول فصل الربيع.

تم ربط الاضطراب العاطفي الموسمي باختلال كيميائي حيوي في الدماغ ناتج عن ساعات النهار الأقصر وضوء الشمس الأقل في الشتاء. مع تغير الفصول، يمر الناس بتحول في ساعتهم البيولوجية الداخلية أو إيقاع الساعة البيولوجية الذي يمكن أن يتسبب في عدم مواكبة جدولهم اليومي. 

في هذا المقال، سوف نلقي نظرة على كيفية تطور هذه الحالة، ومن هي الفئة الأكثر عرضة لها، وخيارات العلاج المتاحة:

كيف تعرف إذا كان شخص ما يعاني من الاكتئاب الموسمي؟

 تتشابه أعراض الإكتئاب الموسمي مع أعراض الاكتئاب، وتختلف شدة وخصائص وأنماط الاضطراب العاطفي الموسمي بشكل كبير من شخص لآخر.

تميل علامات وأعراض الاضطراب العاطفي الموسمي إلى ما يلي:

  • مشاعر القلق التي لا تتناسب مع سببها أو دوافعها.
  • الشعور بالذنب وانعدام القيمة.
  • الإجهاد والتهيج.
  • صعوبات في اتخاذ القرارات.
  • انخفاض التركيز.
  • مزاج منخفض متسق.
  • انخفاض الرغبة الجنسية.
  • نشاط مضطرب، مثل السرعة.
  • البكاء، في كثير من الأحيان بدون سبب واضح.
  • الشعور بالتعب، حتى بعد نوم ليلة كاملة.
  • النوم لفترة طويلة.
  • زيادة الشهية.
  • الانسحاب الاجتماعي وانخفاض الاهتمام بالأنشطة التي كانت توفر المتعة في السابق.
  • الإفراط في الأكل واحتمال زيادة الوزن.
  • التفكير في الانتحار.

ما الذي يسبب الاكتئاب الموسمي؟

السبب الدقيق للاضطراب العاطفي الموسمي غير مفهوم تمامًا، ولكنه غالبًا ما يرتبط بتقليل التعرض لأشعة الشمس خلال أيام الخريف والشتاء الأقصر.

النظرية الرئيسية هي أن نقص ضوء الشمس قد يوقف جزءًا من الدماغ يسمى الوطاء أو تحت المهاد hypothalamus عن العمل بشكل صحيح، مما قد يؤثر على:

  • إنتاج الميلاتونين: الميلاتونين هو هرمون يجعلك تشعر بالنعاس، والأشخاص المصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي، قد تنتج أجسامهم الميلاتونين بمستويات أعلى من المعتاد.
  • إنتاج السيروتونين: السيروتونين هو هرمون يؤثر على مزاجك وشهيتك ونومك؛ قد يؤدي نقص ضوء الشمس إلى انخفاض مستويات السيروتونين، وهو ما يرتبط بمشاعر الاكتئاب.
  • الساعة الداخلية للجسم (إيقاع الساعة البيولوجية): يستخدم جسمك ضوء الشمس لتحديد توقيت العديد من الوظائف في الجسم، مثل وقت الاستيقاظ، لذلك قد يؤدي انخفاض مستويات الضوء خلال فصل الشتاء إلى تعطيل ساعة الجسم ويؤدي إلى ظهور أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي.

عوامل خطر الاصابة الاكتئاب الموسمي:

يمكن أن تؤثر عوامل معينة على احتمالية إصابة الشخص بالاضطراب العاطفي الموسمي:

  • الجنس: النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بالاكتئاب الموسمي، فحسب مجلة Depression Research and Treatment، فإن تشخيص الاضطرابات العاطفية الموسمية أكثر شيوعًا بين النساء أربع مرات من الرجال.
  • الموقع الجغرافي: حسب المعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH) فإن العيش بعيدًا عن خط الاستواء يمكن أن يزيد من خطر الإصابة باضطراب القلق الاجتماعي.

الأشخاص الذين يعيشون في أماكن تكون فيها الأيام أقصر بكثير في الشتاء هم أكثر عرضة للإصابة.

  • التاريخ العائلي: يمكن أن يؤدي وجود أقارب لديهم تاريخ من أنواع الاكتئاب الأخرى إلى زيادة احتمالية الإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي.

تشخيص الاضطراب العاطفي الموسمي:

حتى مع إجراء تقييم شامل، قد يصعب في بعض الأحيان على الطبيب أو أخصائي الصحة النفسية تشخيص الاضطراب العاطفي الموسمي، لأن حالات صحية نفسية أخرى قد تسبب أعراضًا مماثلة.

لكن، قد يطرح الطبيب الأسئلة التالية لتحديد ما إذا كان الاضطراب العاطفي الموسمي موجودًا أم لا:

  • منذ متى يعاني الشخص من الأعراض؟
  • ما مدى شدة الأعراض؟
  • كيف تؤثر على الأنشطة اليومية؟
  • هل حدثت أي تغييرات في أنماط النوم أو الأكل؟
  • هل هناك تحولات في الأفكار والسلوكيات خلال المواسم المختلفة؟
  • هل يمكنهم تقديم معلومات عن أي تاريخ طبي عائلي ذي صلة، مثل أحد أفراد الأسرة المقربين المصاب بالاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب أو غيره من الاضطرابات العاطفية؟

نظرًا لوجود عدة أنواع من الاكتئاب، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يقوم الطبيب بتشخيص الاضطراب العاطفي الموسمي بدقة. لا يوجد اختبار طبي أو معملي لتشخيص هذه الحالة. ومع ذلك، قد يطلب الطبيب بعض الاختبارات التشخيصية، بما في ذلك اختبارات الدم، لاستبعاد الأمراض الأخرى أو الحالات الأساسية.

علاج الاضطراب العاطفي الموسمي:

يمكن علاج الاضطراب العاطفي الموسمي بعدة طرق، بما في ذلك العلاج بالضوء أو الأدوية المضادة للاكتئاب أو العلاج بالكلام أو مزيج من هذه الطرق. وبينما قد تتحسن الأعراض بشكل عام من تلقاء نفسها مع تغير الموسم، لكنها تتحسن بسرعة أكبر مع العلاج:

  • تدابير نمط الحياة: بما في ذلك الحصول على أكبر قدر ممكن من ضوء الشمس الطبيعي، وممارسة الرياضة بانتظام وإدارة مستويات التوتر لديك.
  • العلاج بالضوء: حيث يتم استخدام مصباح خاص يسمى صندوق الضوء لمحاكاة التعرض لأشعة الشمس. يرى معظم الناس بعض التحسينات من العلاج بالضوء في غضون أسبوع أو أسبوعين من بدء العلاج. للحفاظ على الفوائد ومنع الانتكاس، يستمر العلاج عادة خلال فصل الشتاء.
  • العلاجات بالكلام: مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو الاستشارة.
  • الأدوية المضادة للاكتئاب: مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).

أخيرا، إذا كنت تشعر بالاكتئاب والتعب والغرابة في نفس الوقت من كل عام، ويبدو أن هذه المشاعر موسمية بطبيعتها، فقد يكون لديك اضطراب عاطفي موسمي. لذلك، تحدث مع طبيبك عن مشاعرك بصراحة، واتبع توصياته لتغيير نمط حياتك والعلاج.