امرأة أسترالية تستيقظ من الجراحة بلكنة إيرلندية!
في 12 مايو 2021، تفاجأت طبيبة الأسنان الآسيوية-الأسترالية (An Gie Yen) عندما أدركت أن لهجتها تغيرت فجأة وهي تغني في الحمام بعد ثمانية أيام من عملية جراحية أجرتها على مستوى اللوزتين، وكانت تتحدث بلهجة أيرلندية، مُوثقة تجربتها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن اللهجة الأيرلندية تزداد قوة وبشكل تدريجي مع تعافيها من الجراحة.
بعد انتشار قصتها بشكل واسع، أدرك الخبراء أن (An Gie Yen) التي لم تزر إيرلندا مطلقًا، تعاني من حالة طبية نادرة جدا، تعرف باسم متلازمة اللكنة الأجنبية (Foreign Accent Syndrome)، ولأن لهجة أنجي ين كانت تبدو غير متسقة، اتهمها بعض المتتبعين بأن الأمر مزيف، إلى أن وضح أحد الدكاترة بأن المتلازمة لا تغير اللهجة بشكل جذري، بل تعتبر نسخة متغيرة من اللغة الأم للمريض.
ما هي متلازمة اللكنة الأجنبية؟
ينتج عن متلازمة اللكنة الأجنبية فقدان الشخص لهجته الطبيعية، مع التحدث بنبرة مختلفة ولكْنة ونطق مختلفين. مع هذه الحالة، قد يظهر الشخص الذي يتحدث لغته الأصلية كشخص يتحدث لغة ثانية أو ثالثة تعلمها.
تم الإبلاغ عن متلازمة اللكنة الأجنبية لأول مرة من قبل طبيب الأعصاب الفرنسي، بيير ماري، سنة 1907، على الرغم من أنه اضطراب نادر للغاية، إلا أنه حالة حقيقية، وقد تم تشخيص إصابة حوالي 100 شخص بهذه الحالة منذ ظهور أول حالة.
ما الذي يسبب متلازمة اللهجة الأجنبية؟
ترتبط هذه المتلازمة بالحالات التي تتسبب في إتلاف منطقة بروكا في الدماغ (Broca’s area) الواقعة في الجانب الأيسر من الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن إنتاج الكلام، وتوصف بـ ”مركز نطق اللغة”.
تشمل الحالات التي يمكن أن تؤثر على هذه المنطقة من الدماغ ما يلي:
- السكتة الدماغية، عند انقطاع تدفق الدم عن الدماغ.
- إصابات في الدماغ أو الرأس.
- تمدد الأوعية الدموية، نتيجة ضعف أحد الأوعية وتمزقه متسببا في نزيف داخلي.
- جراحة في الوجه أو المخ.
- أورام الدماغ.
- التصلب المتعدد (Multiple Sclerosis).
- حالات صحية نفسية؛ كالفصام أو الاكتئاب أو تاريخ من الصدمات النفسية الشديدة.
الأعراض الشائعة لهذه المتلازمة
يتمثل العَرَض الأساسي لمتلازمة اللهجة الأجنبية في التحدث بلهجة دولة أخرى لم يعش فيها الشخص أو لغة لم يتحدثها من قبل. كأن يبدأ المتحدث باللغة الإنجليزية الذي لم يغادر الولايات المتحدة مطلقا في التحدث باللغة الإنجليزية بلكنة إسبانية.
تنتج اللهجة الطبيعية عن نظام من أنماط الصوت بلُغتنا الأم التي نتعلمها مع تطورنا في النمو، يُعرف هذا بالنظام الصوتي. تؤثر متلازمة اللكنة الأجنبية على النمط الكامل للنظام الصوتي، بحيث نتحدث لغتنا الأم لكن بلهجة ثانية، من أمثلة ذلك:
- مواجهة صعوبة في نطق مجموعة من الأحرف الصوتية، مثل: S-T-R.
- مواجهة صعوبة في نطق الكلمات التي تتطلب تحريك اللسان خلف الأسنان الأمامية العلوية، مثل “t” أو “d”.
- إضافة أو إزالة أو استبدال أصوات بأخرى، مثل قول “suh-trike” بدلاً من “strike”.
كيف يتم تشخيص متلازمة اللكنة الأجنبية؟
لا يوجد اختبار واحد محدد يمكنه تقييم متلازمة اللهجة الأجنبية. بدلا من ذلك، يعمل الأطباء على تشخيص السبب باستخدام مجموعة متنوعة من الاختبارات ، من ذلك:
- تاريخ طبي كامل لتحديد وقت ظهور الأعراض ومعرفة أسبابها.
- تحاليل الدم للتأكد من وجود عدوى أو بعض الأمراض.
- فحوصات الدماغ، مثل فحص التصوير بالرنين المغناطيسي، للبحث عن آفات أو تلف في الدماغ.
- البزل القطني أو الشوكي (Lumbar puncture)، لاختبار وجود عدوى في السائل الشوكي وللتحقق من علامات بعض أمراض الجهاز العصبي المركزي.
- الفحوصات النفسية للتأكد من إصابة الشخص بالاكتئاب أو الفصام.
إذا لم يتمكن الطبيب من العثور على سبب عضوي يفسر الحالة، فعادة ما يقوم بتشخيص الشخص المصاب بمتلازمة اللهجة الأجنبية النفسية من خلال العمل على تحديد سبب نفسي محتمل.
ما هي خيارات العلاج المتاحة؟
متلازمة اللهجة الأجنبية في حد ذاتها لا تعتبر خطيرة، و لكنها قد تشير إلى وجود حالة طبية ، كالأورام أو آفة في الدماغ أو الخرف أو مرض التصلب اللويحي المتعدد، لذلك يتم تركيز العلاج على معالجة سبب ظهور هذه المتلازمة. قد يصف الطبيب دواء أو علاجا لحالات مثل:
- مرض التصلب العصبي المتعدد.
- جراحة على مستوى نمو دماغي معين.
- اضطرابات نفسية.
- السكتة الدماغية أو إصابات الدماغ.
- تمدد الأوعية الدموية.
في معظم الحالات، سيوصي الطبيب بعلاج النطق لمساعدة الشخص على استعادة نمطه الصوتي المعتاد. لكن، إذا لم يكن سبب متلازمة اللكنة الأجنبية واضحا، فإن علاج النطق لتعلم كيفية استعادة النطق باللهجة الأم من خلال التمارين الصوتية هو خيار العلاج الوحيد.
على الرغم من ندرة حدوث متلازمة اللهجة الأجنبية، إلا أنها حالة عصبية قد تكون لها مضاعفات إذا لم يتم تشخيص السبب الأساسي لها وعلاجه.
