يعتبر سرطان الثدي أحد أكثر السرطانات انتشارا في المغرب والعالم، وهو السرطان الأول عند المرأة إذ يمثل حوالي 30% من مجمل السرطانات عند النساء، بحوالي مليون و 300 ألف حالة جديدة سنويا.

وفي المغرب، رغم غياب سجل وطني للسرطان، إلا أن سجلات السرطان لمدن الرباط و الدار البيضاء تؤكد على أن سرطان الثدي يأتي في المرتبة الأولى ويمثل حوالي 20% من كل السرطانات المسجلة وطنيا و 35% من سرطانات النساء، وما يمثل حوالي 10000 حالة جديدة منها تكتشف في مراحل متقدمة.

وهنا تبرز أهمية الكشف المبكر على سرطان الثدي، إذ أنه كلما تم اكتشاف المرض مبكرا، كلما كانت فرص العلاج كبيرة، وقد تصل نسب الشفاء التام ل 98% من حالة اكتشاف السرطان ويتم علاجه في المرحلة الأولى.

فما هو الكشف المبكر، وما هي وسائله؟

يعرف الكشف المبكر للسرطان بأنه مجموعة من الوسائل الهدف منها اكتشاف مرض السرطان قبل ظهور أعراضه، سواءا كان هذا الكشف فرديا، أو يندرج في إطار برنامج صحي منظم.

ويتم الكشف المبكر لسرطان الثدي أساسا عبر أربع وسائل أساسية:

أولا: التصوير الإشعاعي للثدي

يجب الخضوع للتصوير الإشعاعي للثدي بشكل دوري سنويا للسيدات ابتداءا من سن الأربعين، هذا الفحص يمكن من اكتشاف مجموعة من العناصر التي يتم ترتيبها حسب خطورتها في سلم من خمس درجات، ويتم استكمال هذا التصوير بفحوصات أخرى كالفحص بالصدى  أو بالرنين المغناطيسي إذا كان مشكوكا فيه، أو بالخزعة و التشريح الدقيق إذا كان  شديد الخطورة (الدرجة الخامسة).

ثانياً: الفحص بالصدى

يتم الفحص بالصدى بالخصوص للفتيات والنساء أقل من 30 سنة، أو للسيدات اللواتي لديهن ثدي عالي الكثافة، وأحيانا يتم إضافة الفحص بالصدى إلى الفحص الإشعاعي لدراسة بعض الشذوذات المكتشفة في التصوير الإشعاعي.

ثالثاً: الفحص بالرنين المغناطيسي

تخضع له غالبا النساء قبل سن الثلاثين المعرضات لخطر عال للإصابة بالسرطان، سواءا لمن لديهن تاريخ عائلي لسرطان الثدي و المبيض، أو لديهن طفرات جينية مسببة لسرطان الثدي BRCA1 و BRCA2

رابعا: الفحص اليدوي للثدي

وإن كان أقل فعالية، فإنه قد يمكن من اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة، وهو يعتمد على فحص السيدات لثدييهن دوريا، مرة في الشهر، ومن الأفضل بعد أسبوع من الدورة الشهرية، لاكتشاف أي تغيرات في الثدي، سواء كان كتلة صلبة أو تغير في حجم الثدي أو شكله أو شكل الحلمة أو جلد الثدي، وهنا تبرز أهمية معرفة السيدات بطبيعة الثدي الفيزيولوجية، حيث يعرف مجموعة من التغيرات المرتبطة بالدورة الهرمونية للمرأة.

ماهي فوائد الكشف المبكر؟

يمكن الكشف المبكر عن سرطان الثدي من اكتشاف المرض في مراحل مبكرة وبالتالي ضمان نسب علاج عالية، حيث أظهرت عدد من الدراسات أن الكشف المبكر يمكن من إنقاذ حياة سبع نساء لكل ألف سيدة تقوم بالفحص المبكر، وكذا من ضمان نسب علاج تفوق 90% إذا اكتشف في مراحله الأولى.

فوائد الكشف المبكر لا تقتصر على ضمان نسب شفاء مرتفعة فقط، بل كذا ضمان علاجات أقل ضررا على السيدات، فمن الممكن مثلا تجنب استئصال الثدي بالكامل والاقتصار على إزالة الورم، أو تجنب العلاج الكيماوي بكل أعراضه الجانبية، في بعض أنواع سرطان الثدي.

هل للكشف المبكر بالتصوير الإشعاعي أعراض جانبية؟

تبقى أضرار الكشف المبكر قليلة مقارنة مع فوائده، و هي بالأساس تتعلق بالتعرض لنسب ولو ضعيفة من الإشعاع، وبالفحوصات الإيجابية الخاطئة، أي التي تكون فيها النتيجة تشير إلى وجود سرطان، ما يترتب عليه القيام بفحوصات أخرى تؤكد غياب المرض، وهذه الفحوصات الخاطئة و إن كانت قليلة، ولكنها تؤدي إلى زيادة القلق عند السيدة، وإلى مصاريف إضافية للتأكد من النتيجة.

ماهي الحدود والإكراهات التي تواجه الفحص المبكر لسرطان الثدي؟

واحدة من كل ثمان نساء هن معرضات للإصابة بسرطان الثدي، ما يحتم بذل مجهود كبير لنشر الوعي بأهمية الفحص المبكر عند كل النساء.

ويصطدم الكشف المبكر بعدة إكراهات نذكر من بينها:

  • وجود عدد من السرطانات التي يصعب اكتشافها مبكراً حتى مع الفحص الدوري: تقريبا لكل 1000 امرأة تقوم بالفحص المبكر لمدة عشرين سنة، 21 امرأة يتم تشخيصها بالسرطان رغم أن الصور الإشعاعية عندها كانت عادية.
  • الكلفة: في ظل غياب التغطية الصحية لكل النساء، يبقى الكشف المبكر الشامل لكل النساء مكلفا، وإن كانت هذه الكلفة لا تقارن بتكلفة علاج السرطان الباهظة.

وأخيرا، بمناسبة الشهر الوردي ننصح جميع النساء بالإسراع لإجراء الفحص المبكر في حال ظهور أي من الأعراض الخاصة بسرطان الثدي، وللمزيد من المعلومات يمكنكم الاطلاع على مقالنا الخاص بسرطان الثدي: سرطان الثدي.. هل يمكن كشفه من خلال تحسس كتلة على الثدي؟