الجواب نجده في دراسة سريرية حديثة، أجراها أطباء وباحثون يعملون في مستشفى أبردين الملكي بالمملكة المتحدة، تحت إشراف الدكتور أبهي ماثور. ونُشرت في مجلّة الكُلية الملكية للأطباء.

يقول مؤلف الدراسة أبهي ماثور، من جناح طب الجهاز التنفسي، إن السجائر التقليدية تنقل النيكوتين إلى الرئتين، إضافة إلى مجموعة من السموم، من بينها القطران وأحادي أكسيد الكربون عبر استنشاق الدخان الناتج عن التبغ. ورغم أنه لا يمكن إنكار أن استنشاق بخار السجائر الإلكترونية هو الآخر يدخل للجسم عددا مهما من المواد السامة المتواجدة بدخان السجائر العادية، إلا أن نِسبَها، وفق ما أشارت إليه مجموعة من الأبحاث، أقل بكثير.

السباق بين السجارتين

تؤكد بعض الأرقام من منظمة الصحة العالمية أن نسب مدخني التبغ حول العالم في انخفاض مستمر. ومع ذلك فإن ملايين الناس ما يزالون يدمنون التدخين، وتأثير ذلك على الصحة العامة لا يزال ضخما.

في المقابل فإن الميل نحو استخدام السجائر الإلكترونية يشهد ارتفاعاً عالمياً، ففي الولايات المتحدة الأمريكية، يُقدِّر مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، أن حوالي 6.8 مليون راشد، استعملوها خلال سنة 2017 التي شهدت أدنى نسب تدخين السجائر التقليدية على مر التاريخ.

وفي المملكة المتحدة، سبق لـ 6% من الساكنة، أي ما يقارب 2.9 مليون راشد، سواء من المدخنين أو غير المدخنين، استعمال السجائر الإلكترونية، إذ غدا استخدام هذه الأخيرة يفوق السجائر التقليدية. وخلال نفس السنة (2017)، كان 52% من مستخدميها من المدخنين السابقين، مقارنة مع 45% من الذين اعتادوا كلا الطريقتين.

اقرأ أيضا: بعد اكتسابها شعبية كبيرة في الآونة الأخيرة.. هل صحيح أن السجائر الإلكترونية بديل آمن للسجائر العادية

السجائر الإلكترونية.. لا مفر من الضرر!

أشارت الدراسة إلى أنه من المتوقع أن تدخين السيجارة الإلكترونية قد يخفض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان الناتجة عن التدخين، نظرا لعدم احتوائها على أكثر من 70 مادة مسرطنة متواجدة بدخان السيجارة التقليدية. فالتدخين العادي يرفع من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين التي غالبا ما تكون السبب الرئيسي لموت المدخن وليست السرطانات. فتدخين سيجارة تقليدية واحدة فقط في اليوم، يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب بمقدار النصف بالمقارنة مع تدخين 20 سيجارة إلكترونية. فيما كشفت دراسة أخرى أجريت على المزارع الخلوية أن بخار السجائر الإلكترونية يجعل إحدى أنواع الخلايا الرئوية أكثر عرضة للإصابة بالالتهابات وربما يحول دون إزالة البكتيريا.

ويبدو أن خبراء في مجال الصحة يعتقدون أن ارتفاع أعداد مستخدميها أمر جيد، طالما أن المدخن يستبدل عادة ضارة بأخرى أقل ضررا. وتتوقع الدراسة المذكورة أن هناك احتمالا كبيرا للحد من ضرر السجائر الإلكترونية، في حال طوّرها المصنعون.

المخاوف الناشئة والأدلة المحدودة!

ورغم ذلك، لا يتفق مجموعة من الباحثين الآخرين مع هذا الرأي، مشيرين إلى تخوفهم من استخدام السجائر الإلكترونية بطريقة عشوائية مستدلين بغير المدخنين الذين اتخذوا هذه الأخيرة عادة جديدة وكذا الأشخاص الذين يستعملونها مع الاستمرار في التدخين التقليدي.

ونظرا لمحدودية الأدلة المؤيدة والمعارضة لسلامة استخدام السجائر الإلكترونية، فإنه يصعب الجزم أي الرأيين هو الأصح والأصوب. أما منظمة الصحة العالمية فهي ما زالت تعتبر السيجارة الالكترونية كمادة تبغية وتحذر من استعمالها خصوصا عند الشباب.

تحرير: سليمة حفياني

تدقيق علمي: د. جمال الدين بورقادي