ما هي حساسية الأنف عند الأطفال؟

التهاب الأنف التحسسي أو ما يعرف أيضا بحمّى القش هو التهاب الغشاء المبطن للأنف الناجم عن تفاعل تحسسي. عندما يتعرض الطفل لمستقبلات مهيجة (مثل حبوب اللقاح أو الغبار) يطلق جهازه المناعي خلايا الهيستامين وغيرها وتؤدي إلى احتقان وسيلان وحكة في الأنف والعينين. يوجد نوعان من حمّى القش؛ النوع الأول هو الموسمي، ويظهر في أوقات محددة من السنة تزامنًا مع موسم تلقيح بعض النباتات. أما النوع الثاني فهو الدائم، ويستمر طوال العام، وغالبًا ما يرتبط بالحساسية من مواد داخلية شائعة مثل عثّ غبار المنزل، الريش، ووبر الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب، والتي تتواجد عادةً في الفراش والوسائد والسجاد.

الفرق بين الحساسية والعدوى الفيروسية

يميل آباء كثيرون إلى الخلط بين الحساسية والزكام. الفرق الرئيسي أن:

  •  الحساسية تسبب حكة في الأنف والعينين بشكل بارز ولا يصاحبها ارتفاع حرارة.
  •  بينما العدوى الفيروسية (نزلات البرد) تسبب عادة سيلان الأنف وأحياناً حمى خفيفة وتدوم نحو أسبوع دون حكة ملحوظة للعينين. 

أسباب حساسية الأنف عند الأطفال

العوامل الوراثية

يُعد التاريخ العائلي أحد أهم العوامل. إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يعاني من الحساسية أو الربو أو الأكزيما، فإن احتمال إصابة الطفل أعلى بكثير. وتؤكد الدراسات أن 8 من كل 10 أطفال لديهم ربو يُصابون أيضاً بالتهاب الأنف التحسسي. لذلك، لا تستغربوا من انتقال الحساسية بالوراثة، واغتنموا الفرصة لمراقبة أبنائكم مبكراً إذا كان الأهل مصابين.

التعرض للمهيجات

هناك عدد من المؤثرات البيئية التي تحفز جهاز الطفل المناعي فيبالغ في رد الفعل فيطلق المركبات المسببة لأعراض الحساسية. في ما يلي من أكثر الأسباب شيوعاً للحساسية الأنفية عند الأطفال:

  •  غبار حبوب اللقاح (من الأشجار والعشب والأعشاب)
  •  عث الغبار المنزلي
  •  أبواغ العفن (الفطريات) المنتشرة في الجو
  •  وبر الحيوانات الأليفة (مثل القطط والكلاب) 

أعراض حساسية الأنف عند الأطفال

الأعراض الشائعة

تظهر الحساسية الأنفية بمجموعة من العلامات المميزة، أهمها:

  • العطس المتكرر والسيلان الأنفي
  • انسداد واحتقان الأنف: يؤدي إلى التنفس من الفم وانعدام الراحة، وغالباً ما يُلاحظ شخير أثناء النوم.
  • الحكة والعين الدامعة: قد يصاحب سيلان الأنف حكة في الأنف والحلق وحتى العينين واحمرارها وجريان الدموع.
  • دُوائر داكنة تحت العينين : تلون تحت العينين نتيجة الاحتقان المستمر.
  • مظاهر فرط حركي: نظراً لأن الطفل قد يشعر بانزعاج مستمر، فقد يصاب بالأرق وقلة التركيز وتشتّت الانتباه بسبب التعب.

الأعراض المتقدمة

قد تتطور حساسية الأنف غير المعالجة إلى مشاكل أكثر خطورة.

قد يتسبب التورم والالتهاب الناتجان عن حساسية الأنف عند الأطفال في إعاقة تصريف الإفرازات بشكل سليم، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث التهابات في الجيوب الأنفية أو الأذن.

أما السعال المصاحب لحساسية الأنف عند الأطفال فقد يشير أحيانًا إلى فرط استجابة في الشعب الهوائية أو إلى الإصابة بالربو.

ينبغي استشارة الطبيب إذا لاحظت أن السعال:

  • يزداد سوءًا أثناء النشاط البدني.
  • يظهر بشكل متكرر خلال الليل.
  • يترافق مع وجود بلغم في الصدر أو قيء مصحوب بالبلغم.
  • يستمر لفترة تتجاوز أسبوعًا واحدًا.

علامات مرتبطة بأمراض أخرى مثل الربو

تنتشر الحساسية الأنفية بين الأطفال الذين لديهم أمراض تحسسية أخرى. إذ يؤكد الخبراء أن الحَساسية الأنفية غالباً ما ترتبط بالربو أو الأكزيما. فإذا كان الطفل يعاني بالفعل من الربو، فمن المحتمل جداً أن يكون لديه التهاب أنفي تحسسي مصاحب (وأغلب الأطفال المصابين بالربو بنسبة تصل لـ80% لديهم حساسية الأنف أيضًا). لذلك، يجب دائمًا السؤال عن أعراض الحساسية (مثل العطس وحكة الأنف) عند تشخيص الربو لدى الطفل، والعكس بالعكس. 

تشخيص حساسية الأنف عند الطفل

التشخيص يقوم أساساً على التاريخ المرضي والفحص السريري الشامل. يبدأ الطبيب بطرح أسئلة عن الأعراض ومتى تحدث بالتحديد، وعوامل الشدة والتخفيف. غالباً ما يلاحظ الطبيب علامات خارجية مثل شحوب ملحوظ في وجه الطفل أو وجود طية أنفية (أو جزء أنفي منتفخ) أو وجود خطوط تحت العينين التي تدل على التحسس.

في الحالات المعقدة، يلجأ اختصاصي الحساسية إلى اختبار الحساسية الجلدي لتحديد العوامل المثيرة للأعراض. وفي الطفل صغيرًا جداً أو لديه بشرة حساسة، يمكن تحليل الأجسام المضادة من نوع IgE في المصل. 

علاج حساسية الأنف عند الأطفال

قبل البدء، يجب التأكيد على أن أي علاج دوائي لحساسية الأنف عند الأطفال ينبغي أن يتم تحت إشراف طبي متخصص، لضمان اختيار الدواء المناسب والجرعة الصحيحة وتجنّب الآثار الجانبية.

العلاجات الدوائية

  • مضادات الهيستامين: هي الأكثر شيوعاً لعلاج حساسية الأنف؛ فهي تمنع تأثير الهيستامين المسؤول عن الحكة والعطس والسيلان. تستعمل مضادات الهيستامين عن طريق الفم أو بخاخ الأنف.

  • بخاخات الأنف بالكورتيكوستيرويد: وهي رذاذ أنفي يحتوي على هرمونات مضادة للالتهاب، تعمل على تقليل تورّم الغشاء المخاطي وتقليل جميع أعراض الحساسية. تُعدّ فعّالة وآمنة للأطفال، مع ملاحظة بعض الآثار الجانبية المحتملة كالجفاف الطفيف أو نزف أنفي خفيف.
  • محصرات الليكوترين: (مثل المونتيلوكاست) تُستخدم أحياناً في حالات الحساسية المشتركة بالربو. تساعد على تخفيف الاحتقان والربو المصاحب.
  • قطرات العين: إذا كانت العينان متورمتين وحاكتين بشدة، يمكن وصف قطرات مضادة للهستامين للعين تعمل على تخفيف حكة ودمع العين.
  • بخاخات الأنف المالحة: ضمن الخيارات الطبيعية، يمكن استخدام المحلول الملحي (مثل مياه البحر) لري الأنف، حيث يساعد على تنظيف الممرات الأنفية والتخلص من المخاط والمحفزات المسببة للحساسية. وتشير المراجعات إلى أن الاستعمال المنتظم للمحلول الملحي قد يقلل من شدة الأعراض لمدة تصل إلى ثمانية أسابيع مقارنة بعدم العلاج. ومع ذلك، ما يزال من غير الواضح ما إذا كان الجمع بين المحلول الملحي والعلاج الدوائي يعطي فائدة إضافية، أو إذا كان هناك فرق بين فعاليته وفعالية بخاخات الكورتيكوستيرويد الأنفية.

العلاج المناعي

إذا كانت الأعراض شديدة أو لم تفلح الأدوية السابقة في السيطرة عليها، يمكن اللجوء للعلاج المناعي. وهو إما حقن تحت الجلد (Allergy shots) أو أقراص توضع تحت اللسان تحتوي على كميات صغيرة متزايدة من المثيرات (مثل حبوب اللقاح أو الغبار) لتدريب جهاز المناعة على التحمّل. يوصى بالعلاج المناعي للأطفال بعد سن 5 سنوات حسب الحالة ونتائج اختبارات الحساسية. يمتد هذا العلاج لعدة سنوات، وقد ثبت أنه يخفف الأعراض ويردع تطور المرض. 

العلاجات الطبيعية

  • تحسين البيئة الداخلية: تنظيف المنزل من الغبار والعث بفُرشات ومكانس خاصة، والتأكد من عدم وجود تسرب رطوبة يسبب تعفن. يمكن أيضا تركيب فلتر هواء أو تنظيف مروحة التهوية بانتظام لتقليل المواد المسببة للحساسية في الجو.
  • اتباع تغذية صحية: تقوية مناعة الطفل بتناول أطعمة غنية بالفيتامينات قد تساعد بشكل عام في توازن الجهاز المناعي.
  • العلاجات تقليدية: يروّج البعض لأعشاب مثل البابونج أو الزعتر في تخفيف أعراض الأنفلونزا الأنفية، لكن الأدلة العلمية عليها محدودة.

نصائح وقائية يومية لتقليل أعراض الحساسية

  • تغيير البيئة المناخية: أثناء موسم حبوب اللقاح، شغل مكيف الهواء واغلق النوافذ لتقليل دخول المهيجات. وحاول إبقاء الطفل في الداخل في الأوقات التي تكون فيها نسبة غبار اللقاح مرتفعة (عادة في الأيام التي تتسم بالجفاف وهبوب الرياح).
  •  الحيوانات: إذا كان الطفل حسّاساً لوبر الحيوانات الأليفة، فيُفضل الإبقاء على حيواناتك الأليفة خارج غرف النوم وأماكن اللعب.
  • نظافة المنزل: اغسل فراش وملابس الطفل أسبوعياً على حرارة عالية للتخلص من العث، امسح الغبار وتجنب السجادات في غرفة الطفل إذا أمكن.
  • تجنّب التدخين في المنزل: فدخان السجائر يهيّج الأغشية المخاطية ويزيد من حدّة أعراض الحساسية. احرص على أن تكون جميع أماكن تواجد الطفل خالية تمامًا من التدخين.
  • المتابعة الدورية: إذا كنت على دراية بالمحفّزات التي تثير حساسية طفلك (مثل حبوب اللقاح أو عث الغبار)، فمن المهم استشارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة ووضع خطة للعلاج المناعي أو التطعيم المناسب. الالتزام بهذه الإجراءات يساهم بشكل فعّال في تقليل الأعراض على المدى الطويل.

أسئلة شائعة قد تهمك

  • هل يمكن أن تختفي حساسية الأنف مع تقدم العمر؟ 

لا يوجد علاج شافٍ لحساسية الأنف، لكن الكبر في السن قد يغيّر من مستوى الأعراض. قد يتحسن الطفل ويحسّن جهازه المناعي مدى استجابته لبعض المحفزات مع مرور الوقت. ومع ذلك، لا يمكن ضمان اختفائها تماماً. 

  • هل هناك طرق طبيعية للتقليل من حدة الحساسية؟ 

كما ذكرنا أعلاه، غسل الأنف بالماء الملحي هو إحدى الطرق الفعّالة والمثبتة لتقليل المخاط وتنظيف الممرات الأنفية. بالإضافة إلى ذلك، المحافظة على بيئة نظيفة وخالية من الغبار والعث يساعد على التخفيف من الأعراض دون دواء.

  • هل حقن الحساسية آمنة للأطفال؟

 نعم، حقن الحساسية تعتبر آمنة وفعّالة للأطفال الذين يعانون من حساسية حادة لم تستجب للعلاج الدوائي. تُعطى الجرعات تحت إشراف طبي وتبدأ بكميات صغيرة جداً تزيد تدريجياً. الهدف منها تعديل استجابة جهاز المناعة على المدى الطويل وتقليل الحاجة للأدوية.

اقرأ أيضا : طرق علاج احتقان الأنف طبيعيا