ما هي قلة النوم عند الأطفال؟
قلة النوم عند الأطفال تعني عدم حصول الطفل على عدد ساعات النوم المناسب لفئته العمرية. مع تباين احتياجات النوم مع العمر:
- يحتاج الطفل الرضيع (4–12 شهراً) إلى نحو 12–16 ساعة نوم يومياً.
- بينما يحتاج الأطفال في سن (6–12)عاماً إلى حوالي 9–12 ساعة.
تجدر الإشارة هنا أن كل استيقاظ متقطع طبيعي لا يشكل مشكلة بالضرورة: فغالباً ما يمر الرضّع والأطفال الصغار بفترات قصيرة من الاستيقاظ الليلية حتى يتعلموا التهدئة الذاتية والنوم مجدداً.
متى تكون مشكلة حقيقية؟
تكون قلة النوم مشكلة حقيقية عندما تتكرّر صعوبات النوم بشكل يومي في ظل الظروف العادية (أي غياب المرض، أو التغيرات المؤقتة كالسفر) وتؤثر على نشاط الطفل نهاراً (اضطراب التركيز أو ضعف الأداء المدرسي). مثلاً إذا استمر استيقاظه ليلاً أو عدم استقرار نمط نومه لأكثر من أسبوعين، فقد تحتاج الحالة إلى اهتمام طبي.
الفرق بين قلة النوم المؤقت والمزمن
قلة النوم المؤقت غالباً ما تنتج عن أحداث محدودة مثل عدوى خفيفة أو تغيّر مفاجئ في الروتين اليومي، وعادة ما تعود الأمور إلى طبيعتها بعد انتهاء السبب. في المقابل، القلة المزمنة تعني أن الطفل يعاني من صعوبات في النوم بشكل مستمر (أكثر من شهر) رغم توفر الظروف الملائمة. وبحسب تعريف الأطباء، تعدّ الأرقية مزمنة إذا استمرت أعراض الأرق لأكثر من 6 أشهر. وهذه الأخيرة تستدعي غالباً الاستشارة الطبية للتأكد من عدم وجود سبب عضوي أو نفسي يحتاج علاجاً متخصصاً.
أسباب قلة النوم عند الأطفال
الأسباب حسب العمر
الرضّع (0–2 سنة): يمكن أن تشمل أسباب اضطراب نوم الرضيع: مغص الرضع، التسنين، الجوع الليلي المتكرر، أو حالة طبية مثل الارتجاع المعدي المريئي. غالباً ما يعود نمط نوم الرضيع إلى التحسن مع تقدّمه في العمر وتكيّفه مع الإشارات الطبيعية للنهار والليل.
الأطفال الصغار (3–5 سنوات): قد يرفضون الذهاب إلى الفراش طلباً للمزيد من اللعب، أو بسبب الخوف من الظلام، وقد يعانون من الكوابيس أو التبوّل الليلي.
الأطفال في سن المدرسة (6–12 سنة): تتفاوت أسباب قلة النوم في هذه المرحلة، فقد تشمل الواجبات المدرسية المتأخرة، الضغط النفسي (مثل القلق المدرسي أو المشاكل العائلية)، أو تأثير الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، بالإضافة إلى مشكلات في التنفس أثناء النوم. تنظيم جدول نوم منتظم والحد من الأنشطة المحفّزة في المساء يُساعدان بشكل كبير.
الأسباب النفسية والسلوكية
الأطفال معرضون للتوتر والقلق كسلوكيات بشرية طبيعية. القلق أو التوتر العصبي قد يسبب صعوبة في النوم والبكاء عند وقت النوم. كما تنبه المصادرأن اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو التوتر دوراً في الأرق فقد تلعب (على غرار البالغين) دورا كبيرا.
العوامل البيئية
بيئة النوم تؤثر بشكل كبير. عوامل مثل الضوضاء، الإضاءة الزائدة، أو درجة حرارة مرتفعة تمنع النوم المريح. أيضاً انتشار الأجهزة الإلكترونية (شاشات هواتف وأجهزة لوحية) في غرفة النوم يعطل ساعة النوم البيولوجية ويقلل إفراز هرمون الميلاتونين بشكل خاص لدى الأطفال
علامات قلة النوم عند الطفل
قلة النوم لدى الطفل تظهر عليها علامات سلوكية وجسدية، من العلامات الواضحة:
- تغير المزاج والسلوك: يصبح الطفل سريع الانفعال والتوتر، وقد يتجنب اللعب أو يظهر كسلاً.
- ضعف التركيز أو الكسل النهاري: يلاحظ لدى الطفل عدم القدرة على التركيز في اللعب أو المدرسة، وقد يجد صعوبة في القيام بالأنشطة البسيطة.
- اضطرابات الأكل: قد يعاني بعض الأطفال من نقص الشهية، بينما قد يلجأ آخرون للإكثار من الطعام لإمدادهم بالطاقة. لا ترتبط جميع اضطرابات الأكل بنقص النوم، لكن بعضها قد يكون مؤشرا عليه.
- أعراض جسدية أخرى: أعراض عامة كالصداع أو شحوب الوجه نتيجة التعب.
علاج قلة النوم عند الأطفال
العلاج السلوكي المعرفي
العلاج السلوكي المعرفي هو الخطوة الأولى في علاج قلة النوم. ويعتمد على تعليم الطفل والأسرة عادات نوم صحية. يشمل ذلك وضع روتين ثابت قبل النوم (مثل قراءة قصة هادئة أو حمام دافئ) بترتيب محدد كل مساء. يَنصح بتجنب أنشطة مثل الألعاب الإلكترونية أو مشاهدة التلفاز، لأن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يقلل إفراز الميلاتونين ويؤخر النعاس.
كما يمكن استخدام تقنيات التهدئة مثل التنفس العميق أو الاستماع لموسيقى هادئة، وتشجيع الطفل على النوم وحده تدريجياً .
تعديل البيئة المحيطة
تحسين بيئة النوم من أهم خطوات العلاج. يُنصح بجعل غرفة نوم الطفل نظيفة مظلمة وهادئة وذات درجة حرارة معتدلة. إذا كان الطفل خائفاً من الظلام، يمكن استخدام ضوء خافت لكي لا يؤثر كثيرا على رغبته في النوم.
العلاج الطبي
إذا كان نقص النوم ناجماً عن مشكلة طبية (مثل انقطاع التنفس أثناء النوم بسبب تضخم اللوزتين، أو اضطرابات الحركة مثل الرَّجفة أثناء النوم)، فيجب علاج السبب الطبي أولاً.
نصائح الخبراء لروتين نوم صحي للأطفال
- ثبّتوا مواعيد النوم: احرصوا على أن يذهب طفلكم إلى السرير ويستيقظ في نفس الوقت كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع.
- قلّلوا من وقت الشاشة قبل النوم: حاولوا تقليل استخدام الشاشات قدر الإمكان في الفترة التي تسبق النوم. الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات ينشّط الدماغ ويؤخر الشعور بالنعاس، خاصة لدى الأطفال.
- شجّعوا طفلكم على النشاط البدني: وفّروا لطفلكم وقتاً كافياً للعب والنشاط الحركي خارج ساعات المدرسة، ويفضّل أن يكون ذلك في الصباح أو بداية المساء. فهذا يساعد على النوم بشكل أسرع ويحسن من جودته.
- التزموا بروتين يومي مهدئ قبل النوم: ابدؤوا بروتين ثابت يشمل الاستحمام، وتنظيف الأسنان، وقراءة قصة بدون استخدام الشاشات، وربما تدليك خفيف أو غناء هادئ للأطفال الصغار. بعد ذلك، أطفئوا الأضواء ووفّروا جواً هادئاً؛ ويمكنكم استخدام إضاءة خافتة أو تشغيل موسيقى ناعمة إذا لزم الأمر.
- اتّبعوا قواعد النوم الصحية: تجنّبوا إعطاء الطفل أي مشروبات تحتوي على الكافيين، وتأكدوا من أن وجبة العشاء خفيفة وتُقدَّم قبل النوم بساعتين على الأقل.
- استشيروا المختصين عند اللزوم: إذا استمرت المشكلة رغم اتباع الروتين والتعليمات، ينصح بزيارة طبيب أطفال مختص أو استشاري نوم للأطفال.
متى يجب القلق واستشارة الطبيب؟
يُنصح بمراجعة الطبيب إذا استمرت مشكلات النوم لدى الطفل لأكثر من شهر رغم اتباع الإرشادات المنزلية، أو إذا ظهرت علامات مقلقة مثل توقف التنفس أثناء النوم، أو النعاس الشديد خلال النهار دون سبب واضح. كما يجب الانتباه في حال صاحبت قلة النوم أعراض أخرى مثل الحمى، أو صداع مستمر، أو آلام متكررة، فهذه الاخيرة قد تشير إلى مشكلة صحية تتطلب فحصاً دقيقاً. باختصار، استشيروا الطبيب إذا لاحظتم أن اضطرابات النوم تؤثر بشكل واضح على صحة الطفل أو نشاطه اليومي، فقد تكون مرتبطة بحالة مرضية تحتاج إلى تدخل علاجي.
أسئلة شائعة قد تهمك
ما علاقة الشاشات والألعاب الإلكترونية بقلة النوم؟
الضوء الأزرق الصادر من الشاشات يثبط إفراز الميلاتونين بشكل مضاعف لدى الأطفال مقارنة بالبالغين، ويُبقيهم في حالة يقظة ليلا.
هل يُسمح باستخدام أعشاب أو مكملات لتحسين نوم الطفل؟
يُفضّل دائمًا البدء بتطبيق العادات السليمة والنصائح السلوكية في علاج قلة النوم عند الاطفال، دون اللجوء مباشرةً إلى المكملات. في بعض الحالات، قد يكون لاستخدام بعض المكملات العشبية أو الميلاتونين فائدة مؤقتة، ولكن ذلك يجب أن يتم تحت إشراف طبي لتحديد الجرعة المناسبة وتفادي أي مخاطر. وبحسب التوصيات الطبية، فإن أفضل دواء للنوم هو روتين نوم صحي ومنتظم.
تذكروا أن النوم الجيد هو حجر الأساس لصحة طفلكم، تماماً كما هي التغذية الجيدة والحب والاهتمام. فكل ساعة نوم مريحة تُبنى معها ذاكرة أقوى، مزاج أفضل، وطاقة متجددة ليومٍ جديد مليء بالاكتشافات والنمو؛ لذا لا تترددوا في استشارة مختصين في حالات الشك أو استمرار الأعراض للحصول على التشخيص المناسب والعلاج الفعّال.
اقرأ أيضا : علاج الشرقة عند الأطفال حديثي الولادة أثناء النوم