ما هو القولون العصبي ولماذا يرتبط بالنظام الغذائي؟
تعريف القولون العصبي
القولون العصبي، أو متلازمة القولون المتهيج (IBS)، هو اضطراب وظيفي مزمن يصيب الأمعاء الغليظة، ويتميّز بألم بطني متكرر، انتفاخ، تغيّرات في حركة الأمعاء مثل الإسهال أو الإمساك أو التناوب بينهما، دون وجود سبب عضوي واضح عند الفحص. ووفقًا لما توضحه خدمة الصحة الوطنية البريطانية (NHS)، فإن تشخيص القولون العصبي يعتمد أساسًا على الأعراض واستبعاد الأمراض الأخرى، وليس على فحوصات تُظهر تلفًا في الأمعاء.

كيف يؤثر الطعام على حركة الأمعاء والأعراض؟
يؤثر الطعام بشكل مباشر على حركة الجهاز الهضمي وعلى تفاعل الأعصاب الموجودة في جدار الأمعاء. بعض الأطعمة قد تُسرّع حركة الأمعاء أو تزيد من إنتاج الغازات نتيجة التخمّر، ما يؤدي إلى الانتفاخ والألم. وتوضح Mayo Clinic أن الأمعاء لدى مرضى القولون العصبي تكون أكثر حساسية للمؤثرات الغذائية مقارنة بالأشخاص الأصحاء، وهو ما يفسّر ارتباط الأعراض بنوع وكمية الطعام المتناول.
اختلاف حساسية الأمعاء بين المرضى
لا يستجيب جميع مرضى القولون العصبي لنفس الأطعمة بالطريقة ذاتها، إذ تختلف درجة حساسية الأمعاء من شخص لآخر. وتشير المعاهد الوطنية للصحة (NIH) إلى أن هذا الاختلاف يعود إلى عوامل متعددة، منها نمط حركة الأمعاء، تركيب البكتيريا المعوية، والحالة النفسية، ما يجعل النظام الغذائي المثالي مسألة فردية تحتاج إلى تجربة ومتابعة.
نظام غذائي لمريض القولون العصبي
ما هو نظام FODMAP؟
نظام FODMAP هو نمط غذائي علاجي يعتمد على تقليل أنواع معيّنة من الكربوهيدرات قصيرة السلسلة التي يصعب هضمها في الأمعاء الدقيقة، مثل اللاكتوز والفركتوز وبعض السكريات الكحولية. وقد تم تطوير هذا النظام علميًا في جامعة موناش الأسترالية، التي تُعد المرجع العالمي الأساسي في أبحاث FODMAP والقولون العصبي.
كيف يساعد في تقليل الأعراض؟
تتخمّر أطعمة FODMAP العالية بسرعة داخل القولون، ما يؤدي إلى زيادة الغازات وسحب السوائل إلى الأمعاء، وهو ما يفاقم الألم والانتفاخ. وتؤكد الدراسات السريرية المنشورة من قبل فريق Monash University أن تقليل هذه الأطعمة يساعد نسبة كبيرة من المرضى على تخفيف الأعراض خلال أسابيع قليلة، خاصة الانتفاخ وتقلصات البطن.
أمثلة لأطعمة عالية ومنخفضة FODMAP
الأطعمة العالية في FODMAP تشمل بعض أنواع القمح، البصل، الثوم، والبقوليات، في حين تُعد الأرز، الشوفان، الموز غير الناضج، والكوسا من الخيارات المنخفضة التخمّر. وتوصي الإرشادات الطبية باتباع هذا النظام على مراحل وتحت إشراف مختص لتجنّب أي نقص غذائي.
اقرأ أيضا : أعراض القولون العصبي النفسي عند النساء : الأسباب، الأعراض، ونصائح فعالة للعلاج
الأطعمة المسموحة لمرضى القولون العصبي
الحبوب المناسبة
تُعد الحبوب الخالية من الغلوتين أو منخفضة التخمّر، مثل الأرز الأبيض، الشوفان، والكينوا، من الخيارات الآمنة نسبيًا لمعظم المرضى، لأنها سهلة الهضم ولا تُسبب زيادة مفرطة في الغازات، وفق توصيات NHS.
الخضروات المريحة للقولون
الخضروات المطهية مثل الجزر، الكوسا، السبانخ، والبطاطس تُعد ألطف على الأمعاء من الخضروات النيئة، وتساعد على تقليل التقلصات المعوية، كما توضّح Mayo Clinic في إرشاداتها الغذائية لمرضى القولون العصبي.
الفواكه منخفضة التخمّر
الفواكه مثل الموز، الفراولة، البرتقال، والعنب تُعتبر أقل تسبّبًا بالانتفاخ عند تناولها بكميات معتدلة، مقارنةً بالفواكه الغنية بالفركتوز مثل التفاح والكمثرى.
البروتينات الخفيفة
البروتينات قليلة الدهون، مثل الدجاج المشوي، السمك، والبيض، غالبًا ما تكون جيدة التحمل ولا تُحفّز أعراض القولون، خاصة عند طهيها بطرق صحية دون دهون زائدة.
المشروبات التي تهدئ القولون
الماء، شاي النعناع، وشاي الزنجبيل تُعد من الخيارات المفيدة، إذ تشير Mayo Clinic إلى أن النعناع قد يساعد في تخفيف تقلصات الأمعاء لدى بعض المرضى.
الأطعمة الممنوعة أو التي قد تهيج القولون العصبي
الألبان ومشتقاتها
يعاني كثير من مرضى القولون العصبي من عدم تحمّل اللاكتوز، ما يجعل الحليب الكامل وبعض مشتقاته سببًا شائعًا للانتفاخ والإسهال.
البقوليات التي تسبب الغازات
العدس، الحمص، والفول تحتوي على سكريات صعبة الهضم، وقد تزيد من إنتاج الغازات، خاصة لدى الأشخاص ذوي الحساسية المعوية المرتفعة.
الأطعمة الدهنية والمقلية
الأطعمة الغنية بالدهون تُبطئ عملية الهضم وقد تُحفّز تقلصات القولون، وهو ما تؤكده الإرشادات الغذائية الصادرة عن NHS.
القمح والغلوتين
رغم أن القولون العصبي لا يُعد داءً زلاقيًا، فإن بعض المرضى يُظهرون تحسّنًا عند تقليل القمح والمنتجات المحتوية على الجلوتين، وهو ما توضحه clevelandclinic ضمن خيارات التعديل الغذائي.
القهوة والكافيين والمحليات الصناعية
الكافيين والمحليات الصناعية مثل السوربيتول قد تُحفّز حركة الأمعاء بشكل مفرط، ما يزيد من الإسهال والتقلصات.
خطة غذائية يومية لمرضى القولون العصبي
يعتمد تنظيم الوجبات على التوازن والانتظام. الإفطار قد يشمل شوفانًا مطبوخًا مع موز، والغداء دجاجًا مشويًا مع أرز وخضروات مطهية، بينما يكون العشاء خفيفًا مثل حساء الخضار أو السمك. أما الوجبات الخفيفة فيُفضّل أن تكون بسيطة مثل حفنة مكسرات أو فاكهة منخفضة التخمّر.
نصائح ذهبية للتقليل من تهيّج القولون عبر النظام الغذائي
يساعد تناول وجبات صغيرة ومتكررة على تقليل الضغط على الجهاز الهضمي. كما أن تجنّب الأكل أثناء التوتر وشرب كميات كافية من الماء يُعدان عاملين أساسيين في استقرار الأعراض. وتوصي NIH بتجربة كل غذاء على حدة ومراقبة رد فعل الجسم لتحديد المحفّزات الفردية بدقة.
متى يجب زيارة الطبيب أو أخصائي التغذية؟
علامات الخطر
تتطلّب الأعراض مثل فقدان الوزن غير المبرر، النزيف، فقر الدم، أو الألم الليلي الشديد مراجعة طبية فورية، لأنها قد تشير إلى حالات أخرى غير القولون العصبي.
الحالات التي تتطلب فحصًا إضافيًا
عند عدم تحسّن الأعراض رغم الالتزام بالنظام الغذائي، أو عند ظهور أعراض جديدة، نوصي باستشارة الطبيب أو أخصائي التغذية لوضع خطة علاجية أكثر تخصيصًا وإجراء الفحوصات اللازمة.
في الختام، يبقى النظام الغذائي حجر الأساس في السيطرة على أعراض القولون العصبي وتحسين جودة الحياة لدى المصابين به، خاصة عند فهم طبيعة الأطعمة المحفّزة وتلك المهدّئة للأمعاء. اعتماد نظام غذائي مدروس، مثل تقليل أطعمة FODMAP وتجربة الأغذية بشكل فردي، يساعد على تقليل الانتفاخ والألم واضطرابات الإخراج بشكل ملموس.
تنويه طبي: هذه المعلومات لأغراض تثقيفية فقط ولا تُغني عن استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية، خاصة في حال استمرار الأعراض أو ظهور علامات غير معتادة.