الفيروسات هي كائنات صغيرة جدا، معظمها لا يمكن رؤيته بالمجهر العادي، وهي تتكون من عدد صغير من الجينات على شكل DNA “الحمض النووي الصبغي” أو RNA “الحمض النووي الريبوزي” محاطة بغلاف بروتيني.
يقوم الفيروس بالدخول إلى خلية حية و”يختطف” آلية الخلية من أجل التكاثر وإنتاج المزيد من الفيروسات.
تقوم بعض الفيروسات بذلك عن طريق إدخال الحمض النووي الخاص بها في الخلية المضيفة. وعندما يؤثر الحمض النووي الصبغي أو الحمض النووي الريبوزي على جينات الخلية المضيفة، يمكن أن يدفع الخلية نحو التحول إلى سرطان.
الفيروسات والالتهابات والسرطان.. كيف ذلك؟
عندما تسبب الفيروسات عدوى، فإنها تنشر حمضها النووي، مما يؤثر على التركيب الجيني للخلايا السليمة ويحتمل أن يتسبب في تحولها إلى سرطان. على سبيل المثال: تتسبب عدوى فيروس الورم الحليمي البشري في اتحاد الحمض النووي للفيروس مع الحمض النووي للمضيف، مما يؤدي إلى تعطيل الوظيفة الطبيعية للخلايا.
قد تزيد الفيروسات الأخرى، مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) وفيروس التهاب الكبد C، من خطر إصابة الشخص بالسرطان من خلال تأثيرها على جهاز المناعة في الجسم.
في معظم الحالات، تؤثر فيروسات معينة فقط على خلايا معينة في الجسم. وهذا هو سبب ارتباط بعض الفيروسات بأنواع معينة من السرطان.
إليكم أربع فيروسات شائعة تسبب السرطانات.
- فيروس الورم الحليمي البشري Human papillomavirus
على الرغم من أن معظم الأشخاص المصابين بفيروس الورم الحليمي البشري لا يصابون بالسرطان، إلا أن بعض السلالات القوية من الفيروس تسبب سرطان عنق الرحم، وهو ثاني أكثر أنواع السرطانات شيوعًا بين النساء في جميع أنحاء العالم. تقول الدكتورة ناتالي جودبي، أخصائية الأورام النسائية: “يسبب فيروس الورم الحليمي البشري حوالي 98% من حالات سرطان عنق الرحم، لذا فهو مصدر قلق كبير”، ويجب أن يخضع المرضى المصابون بفيروس الورم الحليمي البشري للاختبار المناسب خلال التشخيص، مثل التنظير المهبلي، ويجب متابعتهم بشكل روتيني ببعض الفحوصات.”
يسمح اختبار عنق الرحم، أو مسحة عنق الرحم، للأطباء باكتشاف التغيرات ما قبل السرطانية في خلايا عنق الرحم، مما يساعد على تسهيل جهود التدخل المبكر المصممة لمنع تطور سرطان عنق الرحم.
بعد إدخال اختبار عنق الرحم في الخمسينيات من القرن الماضي، انخفض معدل الإصابة بسرطان عنق الرحم بشكل ملحوظ، كما تقول الدكتورة جودبي.
فيروس الورم الحليمي البشري لا يرتبط بسرطان عنق الرحم فقط، بل إنه مرتبط أيضًا بسرطان المهبل والفرج والشرج وسرطان الرأس والرقبة، مما يجعل جهود التثقيف أكثر أهمية للوقاية منه.
- فيروس إبشتاين بار Epstein–Barr virus
وهو نوع من فيروسات الهربس الأكثر ارتباطًا بالتسبب في عدد كريات الدم البيضاء المعدية أو “داء كثرة الوحيدات” Mononucleosis. تزيد عدوى الـ EBV من خطر الإصابة بسرطان البلعوم الأنفي، وبعض أنواع الأورام اللمفاوية سريعة النمو وبعض سرطانات المعدة. مثل فيروس الورم الحليمي البشري، فإن عدوى فيروس EBV شائعة، لكن السرطان المرتبط بـ EBV ليس كذلك.
- فيروس التهاب الكبد (B) والتهاب الكبد الفيروسي (C)
يسبب كلاهما التهاب الكبد الفيروسي، وهو نوع من عدوى الكبد. التهابات الكبد المزمنة التي يسببها فيروس التهاب الكبد B وفيروس التهاب الكبد C نادرة الحدوث، ولكن عند حدوثها، فإنها تزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد. أقل من نصف حالات سرطان الكبد في الولايات المتحدة مرتبطة بعدوى التهاب الكبد B أو HCV.
- فيروس نقص المناعة البشرية human immunodeficiency virus
فيروس نقص المناعة البشرية الذي يسبب متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز). يزيد فيروس نقص المناعة البشرية من خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان، بما في ذلك ساركوما كابوزي وسرطان عنق الرحم وسرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكن وسرطان الشرج وسرطان الرئة.
كيف واجه العلم ذلك؟
نظرًا لأن المجتمع الطبي قد تعلم المزيد عن الروابط بين الفيروسات والسرطانات، قام بتطوير لقاحات للحماية من بعض حالات العدوى الفيروسية، والتي تساعد في الوقاية من السرطان. من أبرز الأمثلة لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، الذي تم تطويره لأول مرة منذ أكثر من عقد بقليل. تقول ناتالي جودبي: “لقد زاد الوعي بالفيروسات وعلاقاتها المحتملة بالسرطان على مدار العقد الماضي، وهناك دائمًا مجال للتحسين.” إلا أن العديد من الفيروسات المرتبطة بالسرطان ليس لديها حتى الآن لقاحات مصممة للوقاية منها.
الإصابة السرطان الفيروسات