لماذا يحتاج الجسم إلى الماء عند الاستيقاظ؟
دور الماء في عمليات الأيض
يُعدّ الماء عنصرًا أساسيًا لبدء العمليات الأيضية منذ اللحظات الأولى بعد الاستيقاظ. فخلال ساعات النوم ينخفض نشاط الاستقلاب بسبب نقص السوائل الضرورية لعمل الإنزيمات وإنتاج الطاقة داخل الخلايا. وتشير Harvard T.H. Chan School of Public Health إلى أنّ الماء يشارك مباشرة في التفاعلات البيوكيميائية المسؤولة عن إنتاج الطاقة واستمرار وظائف الخلايا.
عند شرب الماء صباحًا، يُعاد تنشيط الهضم، وتحريك الأمعاء، وتحسين الدورة الدموية
تأثير النوم على مستويات الترطيب
يفقد الجسم جزءًا من سوائله أثناء النوم عبر التنفس وتبخر الماء من الجلد، وهو ما يُعرف بـ “فقد الماء غير المرئي”. وتشير الموسوعة الطبية الأمريكية التابعة للمكتبة الوطنية للطب (StatPearls – NCBI) إلى أنّ هذا الفقد قد يتراوح بين 40 و800 مل يوميًا بحسب العمر وحرارة الغرفة.
كما تُقدّر الهيئة الأوروبية لسلامة الغذاء (EFSA) أن الفقد من الجلد والرئتين قد يصل إلى 500–1000 مل يوميًا في الظروف الطبيعية.
لهذا قد يشعر الشخص بجفاف بسيط عند الاستيقاظ، ويُعدّ شرب الماء صباحًا خطوة ضرورية لإعادة الترطيب وتحسين حجم الدم وتدفق الأكسجين إلى الأعضاء.
فوائد شرب الماء على الريق حسب الدراسات
دعم صحة الجهاز الهضمي وتنشيط حركة الأمعاء
يساعد شرب الماء على الريق في تحضير الجهاز الهضمي للعمل منذ الصباح، إذ يساهم في ترطيب بطانة الأمعاء وتنشيط الحركة الدودية. وتؤكد عيادة كليفلاند (Cleveland Clinic) أن بدء اليوم بالماء يدعم عملية الهضم ويُسهم في تسهيل حركة الأمعاء وتقليل الإمساك.
كما تشير Mayo Clinic إلى أنّ الماء عنصر أساسي في تفكيك الطعام وتحريكه عبر الأمعاء بشكل صحي.
تحسين وظائف الكلى وتنقية الدم
يساعد شرب الماء صباحًا على تعزيز تدفّق الدم إلى الكلى، وتخفيف تركيز الأملاح والفضلات، ما يدعم قدرتها على الترشيح. وتوضح المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية (NIH) أن ترطيب الجسم يقلل من خطر تشكل الحصى ويُحسّن من وظائف الكلى عبر زيادة حجم البول وتخفيف كثافته.
كما تُشير National Kidney Foundation إلى أن شرب الماء بكميات مناسبة يساعد على حماية صحة الكلى على المدى الطويل.
تعزيز التركيز والطاقة الذهنية
يرتبط مستوى الترطيب ارتباطًا وثيقًا بالأداء الذهني. فقد أظهرت دراسات منشورة في المكتبة الوطنية للطب الأمريكية (PubMed) أن الجفاف الخفيف، حتى بفقدان حوالي 1–2٪ من وزن الجسم، قد يؤدي إلى تراجع الانتباه، ضعف الذاكرة قصيرة المدى، والشعور المبكر بالتعب. كما تشير دراسة أخرى إلى أن شرب الماء يساعد على تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، مما يعزز اليقظة والطاقة الذهنية في ساعات الصباح الأولى.
تحسين مرونة الجلد ونضارته
تشير الدراسات الحديثة إلى أن ترطيب الجسم الكافي بالماء يعزز قدرة الجلد على الاحتفاظ بالرطوبة من الداخل، مما يدعم وظيفة الحاجز الواقي للجلد ويحافظ على مرونته ونضارته. فعلى سبيل المثال، دراسة حديثة نُشرت في المجلة الأمريكية للأمراض الجلدية (Ann Dermatol) وجدت أن زيادة شرب الماء تساعد في تحسين ترطيب الطبقة الخارجية للجلد وتقليل فقد الماء عبره.
كما أظهرت تجربة نشرت في PubMed أن الأشخاص الذين يتناولون أكثر من لتر من الماء يوميًا لديهم تحسن في وظيفة الحاجز الجلدي مقارنة بمن يشربون أقل.
فوائد شرب الماء على الريق للنساء
تأثيره على البشرة
- يدعم التخلص من الانتفاخات الصباحية في الوجه الناتجة عن احتباس السوائل الطفيف.
- يساعد في نقل الفيتامينات الأساسية للبشرة عبر الدورة الدموية.
دوره في تقليل الانتفاخ
- على عكس الاعتقاد الشائع، شرب الماء قد يساعد في التخلص من الانتفاخ الناتج عن احتباس الصوديوم.
- يخفف تركيز الملح في الجسم، مما يشجع على طرد السوائل الزائدة.
ترطيب الجسم أثناء فترة الدورة الشهرية
- الترطيب المستمر يساعد في تخفيف تقلصات الدورة وتشنجات البطن.
- يقلل من الصداع المصاحب للدورة والذي قد يكون مرتبطاً أحياناً بالجفاف.
هل شرب الماء على الريق يساعد على إزالة السموم؟
هناك اعتقاد شائع بأن شرب الماء صباحًا يزيل السموم من الجسم بشكل مباشر، لكن الحقيقة العلمية أكثر دقة. الجسم مزوّد بأنظمة طبيعية متقدمة لإزالة الفضلات والسموم، أهمها الكبد والكلى والجهاز الهضمي والرئتين. الماء لا يعمل كـ “منظف” خارق، لكنه يدعم هذه الأجهزة من خلال المحافظة على حجم الدم، تسهيل عمل الكلى، وتحريك الفضلات عبر البول والبراز.
الكمية المناسبة وطريقة شرب الماء على الريق
كم كوبًا يجب شربه؟
- الكمية الموصى بها تبدأ من كوب واحد (حوالي 250 مل) إلى كوبين.
- يجب تجنب الإفراط المبالغ فيه؛ التركيز على الاستمرارية أهم من الكمية الكبيرة.
درجة حرارة الماء المناسبة
- الماء الفاتر أو بدرجة حرارة الغرفة هو الأفضل.
- الماء البارد جداً قد يسبب صدمة خفيفة للجهاز الهضمي ويقلل من نشاط الأنزيمات الهضمية.
من يجب أن يتجنب شرب كميات كبيرة من الماء على الريق؟
مرضى الكلى
- المرضى الذين يعانون من فشل كلوي أو قصور حاد في وظائف الكلى قد يحتاجون لتقييد السوائل.
- الإفراط في الماء قد يرهق الكلى غير القادرة على معالجة الكميات الزائدة.
مرضى قصور القلب
- قد يؤدي زيادة حجم السوائل إلى زيادة الضغط على القلب غير القادر على ضخها بفعالية، مما يزيد من احتباس السوائل وتفاقم حالة المريض.
التحذير من “التسمم المائي”
- شرب كميات هائلة من الماء في فترة زمنية قصيرة يمكن أن يؤدي إلى انخفاض خطير في تركيز الصوديوم في الدم (نقص صوديوم الدم).
- هذا نادر الحدوث لكن يجب التنبه له، ويؤكد على أهمية الاعتدال.
نصائح لتعزيز عادة شرب الماء يوميًا
- التحضير المسائي: ضع كوب ماء بجانب السرير قبل النوم.
- الإضافة المحفزة: أضف شريحة ليمون، أو خيار، أو بعض أوراق النعناع لتحسين النكهة.
- التقنية والمتابعة: استخدم تطبيقات تذكير خاصة بشرب الماء أو زجاجة ماء مُعّلمة بالوقت.
- الاستبدال: استبدل المشروبات الصباحية الأخرى (مثل الشاي المركز أو العصير) بالماء أولاً.
شرب الماء على الريق عادة بسيطة لكنها تحمل فوائد صحية مهمة: فهي تعوّض السوائل المفقودة أثناء النوم، تنشط الجهاز الهضمي، تدعم وظائف الكلى، تحسّن التركيز والطاقة الذهنية، وتساهم في نضارة الجلد. ورغم أن الماء لا يُزيل السموم مباشرة، فإن دوره الأساسي في دعم الأجهزة الطبيعية للجسم لا يُقدّر بثمن. من المهم الالتزام بالكمية المناسبة ودرجة حرارة معتدلة للماء، مع مراعاة الحالات الصحية الخاصة. اعتماد هذه العادة اليومية يضع الجسم على الطريق الصحيح لبداية يوم نشيط وصحي.