بلع اللسان
بلع اللسان

 

ما هو بلع اللسان؟

بلع اللسان ليس مصطلحًا طبيًّا دقيقًا بل وصفا شائعا لحالة ارتخاء اللسان وارتداده إلى الخلف عند فقدان الوعي، مما يؤدي إلى انسداد جزئي أو كلي في مجرى التنفس. وعلى خلاف الاعتقاد السائد، فإن اللسان مثبت بقوة في فم الإنسان بواسطة عضلات وأنسجة تُبقيه في مكانه وتمنع حدوث ابتلاعه. فحتى أثناء النوبة الصرعية أو الإغماء، لا يمكن للسان الانفصال عن قاعدته في الفم ليُبتلع فعليًا. بل تكمن المشكلة فقط في أن اللسان قد يسدّ مجرى التنفس في حال كان المصاب مستلقيًا على ظهره ودون وعي.

متى يحدث بلع اللسان؟

يحدث هذا الموقف عندما يفقد الشخص وعيه فجأة نتيجة أسباب مرضية أو إصابات قوية، فتفقد عضلات الجسم بما فيها عضلة اللسان توازنها مؤقتًا. من الأسباب الشائعة: نوبات الصرع التشنجية وفقدان الوعي الناتج عن إصابات الرأس أو الإغماء القوي. في مثل هذه الحالات قد يرتخي اللسان ويرجع للخلف باتجاه الحلق مما يساهم في انسداد التنفس. 

 الفرق بين توقف التنفس وبلع اللسان

في حالة توقف التنفس، يتوقف تدفق الهواء بغضّ النظر عن موضع اللسان. أما في حالة “بلع اللسان”، فالقلب قد يواصل ضخ الدم لكن مجرى التنفس مغلق بسبب موقع اللسان. لذا في حالة فقدان الوعي، يُنصح دائمًا بإمالة المصاب على جانبه، مما يمنع سقوط اللسان للخلف ويُبقي مجرى الهواء مفتوحًا.

الأسباب الشائعة لحدوث بلع اللسان

تشمل الأسباب التي قد تؤدي إلى فقدان الوعي المفاجئ وظهور خطر “بلع اللسان” عدة حالات مرضية وحوادث، منها على وجه الخصوص:

  • نوبات الصرع: إذ تؤدي إلى صعوبة في التحكم بعضلات الجسم وعادة ما يسبقها فقدان للوعي. عندها يرتخي اللسان تلقائيًا وقد يرتد للخلف مانعًا التنفس.
  • إصابات الرأس القوية: كالسقوط من ارتفاع أو حوادث السير، حيث يمكن أن تسبب ارتجاجًا أو رضًا في المخ يؤدي إلى إغماء المصاب وفقدانه الوعي، وبالتالي ارتخاء عضلات اللسان و انسداد المجرى الهوائي.
  • مشاكل القلب والأوعية الدموية: تؤدي بعض أمراض القلب الحادة أو اضطراب نظم القلب إلى فقدان الوعي سريعًا. في هذه الحالة يتوقف الضخ الدموي فجأة وتنخفض قدرة التحكم في عضلات الجسم بما في ذلك اللسان، مما يزيد من خطر ارتداده للخلف.
  • أسباب أخرى: تشمل حالات قد تسبّب الإغماء والدوار، مثل انخفاض الضغط الشديد، والجفاف الشديد، وانخفاض سكر الدم، وحتى بعض اضطرابات النوم. فمثلاً عند الأشخاص المصابين بانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم (OSA)، يمكن للسان أن يغلق مجرى التنفس جزئيًا أثناء النوم، مما يؤدي إلى شخير شديد أو توقف في التنفس. كذلك قد تساهم عوامل نفسية أو إجهاد بدني شديد في الإغماء المفاجئ.

كيف يمكن الوقاية من بلع اللسان؟

رغم ندرة حدوثه، هناك إجراءات للحد من خطر ارتخاء اللسان في الحالات المعرضة:

  • للأشخاص المعرضين لنوبات  الصرع متكررة: يجب الالتزام التام بالخطة العلاجية مع الطبيب المختص، بما في ذلك تناول الأدوية المضادة للصرع بانتظام وأخذ قسط كافٍ من الراحة. بالإضافة إلى تدوين تفاصيل كل نوبة صرعية في دفتر يوميات، مع ذكر تفاصيل قد تتعلق بها مثل تفويت جرعة دوائية، أو قلة النوم، أو التوتر. تساعد هذه الملاحظات في التعرف على محفزات النوبات وتجنبها.
  • أثناء ممارسة الرياضة: يزداد خطر إصابات الرأس القوية أو الإغماء أثناء النشاط الرياضي. لذا ينصح باتخاذ الاحتياطات التالية: الإحماء والتمدّد قبل البدء، ارتداء ملابس وأحذية مناسبة، واستخدام أدوات الحماية مثل الخوذة وواقيات الفم والركب للمناورات العنيفة أو الرياضات الاحتكاكية. في حال عُرف أن شخص ما يعاني الصرع، يفضل أن يمارس الرياضة تحت الإشراف أو برفقة شخص آخر مدرّب على الإسعافات الأولية.
  • في الأماكن العامة والمدارس: رفع الوعي الصحي دور مجتمعي مهم يمكن أن نساهم فيه جميعًا. إذا كان بإمكانك المساهمة في توعية الآخرين، فلا تتردد. درّب من حولك على الإسعافات الأولية، خاصة في حالات نوبات الصرع أو فقدان الوعي. ساعد في نشر المعرفة حول أهمية وجود خطة طوارئ واضحة في المدارس، النوادي، أو الصالات الرياضية. أحيانًا، مجرد تعليق رقم الإسعاف في مكان ظاهر، أو التذكير بوضع فرشات أو سرير إسعاف أولي في المراكز. التثقيف الصحي والجاهزية للإسعاف يساهمان في تقليل مخاطر بلع اللسان.

كيفية التصرف في حال حدوث بلع اللسان

التصرف الصحيح حسب الإسعاف الأولي

إذا لاحظت سقوط شخص فاقد الوعي (بسبب صرع أو حادث أو إغماء)، يمكنك اتباع الخطوات الآتية للحفاظ على مجرى تنفسه:

  • ابتعد بالمصاب عن مصادر الخطر (مثل الطرق أو الآلات). أنزل المصاب برفق إلى الأرض إذا كان واقفًا، ووسّع مساحة حول رأسه لمنع إصابته بأشياء صلبة.
  • ضع شيئًا ناعمًا (وسادة أو معطف مطوي) تحت رأسه لامتصاص الصدمات وحمايته. أمسك الرأس برفق وحافظ على ثبات الرقبة والعمود الفقري بمحاذاة واحدة للحماية من الإصابات الإضافية.
  • أزل النظارات إن كان يرتديها، فكّ أربطة العنق وشدات الملابس الضيقة حول رقبته. ذلك يساعد الشخص على التنفس بشكل أفضل.
  • وضعية الإنقاذ (Recovery Position): قم بتدوير المصاب برفق على أحد جانبيه ليكون الوجه لأسفل قليلًا. بهذا يُفتح مجرى الهواء ويمنع اللسان من السقوط إلى الخلف. اجعل ذقن المصاب مرفوعًا قليلاً إلى الأعلى للحفاظ على فتح الحلق. وسيكون من الأفضل وضعه في وضعية الأمان الجانبية.
وضعية الإنقاذ
وضعية الإنقاذ
  • تحقق من تنفسه بوضع يد على صدره أو مراقبة صعوده وهبوطه. في حال كان التنفس طبيعيًا، أبق المصاب في نفس الوضعية الجانبية واستمر في مراقبته. إذا توقف التنفس، ابدأ فورًا الإنعاش القلبي الرئوي (CPR).
  • إذا استمرت النوبة لأكثر من 5 دقائق دون توقف، أو إذا لم يستعد المصاب وعيه وتنفسه بصورة طبيعية بعد مرور 5 دقائق من انتهاء النوبة، فاتصل فورًا بالإسعاف. كما ينصح بالاتصال إذا كانت هذه أول نوبة للمصاب، أو إذا تعرّض لإصابات أثناء النوبة (مثل جروح في الرأس)، أو كان يعاني من أمراض مسبقًا.

ما يجب عدم فعله

  • لا تدخل شيئًا في فمه: من الأخطاء الشائعة محاولة إدخال القلم أو الأصبع أو أي جسم صلب في فم المصاب لمنعه من “بلع اللسان”. إدخال الأجسام في الفم قد يتسبَّب في اختناق المصاب أو ضرر بالفك أو بالأسنان.
  • لا تحاول تقييد المصاب: تجنب إمساك ذراعيه أو استخدام القوة لإيقاف الحركات التشنجية، لأن ذلك قد يزيد من خطر كسر العظام أو الإصابات العضلية. فقط حافظ على هدوئك واحمِ جسمه من الاصطدام بشيء صلب.
  • لا تقدم طعامًا أو شرابًا فورًا: حتى بعد انتهاء النوبة، انتظر حتى يستعيد المصاب وعيه بالكامل قبل إعطائه أي طعام أو شراب. أثناء النوبة أو مباشرة بعدها، يكون التنفس غير منظم. إعطاء السائل أو الطعام قد يسبب للمصاب انسدادًا في المجرى التنفسي.
  • لا تُهمل الإنعاش إذا لزم الأمر: تجنّب إجراء الإنعاش القلبي الرئوي أو التنفس الاصطناعي إذا كان المصاب يتنفس بمفرده. لكن إذا لاحظت غياب التنفس أو توقف القلب، يجب فورًا بدء CPR وفق قواعد السلامة ولا تخرج عن توصيات الإسعاف الأساسية.

متى يجب طلب الإسعاف فورًا؟

يُستدعى الفريق الطبي المتخصص إذا تبدّلت حالة المصاب كما يلي:

  • النوبة صارت طويلة جداً: إذا استمرت النوبة أكثر من 5 دقائق، فكلما طالت النوبة زادت المخاطر، لذا يلزم التدخل الطارئ.
  • عدم استعادة وظائف حيوية: إذا لم يستعد المصاب التنفس الطبيعي أو الوعي خلال دقائق بعد انتهاء النوبة.
  • تكرار النوبات دون فاصل: إذا بدأت نوبة ثانية فور انتهاء الأولى دون أن يستعيد المصاب وعيه بينهما.
  • وجود إصابات مصاحبة: مثل إصابات في الرأس أو كسر في عظام أو نزيف حاد أثناء النوبة، وكذلك إذا ظهرت أعراض مرضية جديدة كارتفاع شديد في الحرارة أو جفاف حاد.
  • أمراض مصاحبة: إذا كان المصاب يعاني من حالة صحية خطيرة (مرض القلب، السكري، الحوامل، إلخ) والتي تزيد من خطورة النوبة.

أسئلة شائعة قد تهمك

كيفية منع الاختناق باللسان أثناء النوم؟

في بعض الحالات المرضية يمكن أن يؤدي ارتخاء اللسان أثناء النوم إلى انسداد مؤقت في مجرى التنفس. فمثلاً عند مرضى توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم قد يغلق اللسان مجرى التنفس جزئيًا مما يسبب شخيرًا عالياً وشعوراً بالاختناق. وللوقاية من ذلك، توصي مصادر طبية باستخدام (CPAP) أثناء النوم، وهو جهاز يقوم بضخ هواء مستمر عبر الفم و/أو الأنف للمساعدة في إبقاء مجاري التنفس مفتوحة أثناء النوم.

 كما يُنصح بتجنب النوم على الظهر إن أمكن، والحفاظ على وزن صحي، ومراجعة طبيب مختص.

كيف أتخلص من وسواس بلع اللسان؟

تعمل النقاشات العلمية والطبية على تبديد هذا الخوف؛ فقد أكد الخبراء أن ابتلاع اللسان أمر مستحيل طبياً. وأن وضعية الإنقاذ تكفي لمنع انسداد المجرى التنفسي. لذلك، ينصح بتثقيف النفس حول حقيقة الحالة والتركيز على تعلم الإسعافات الأولية الصحيحة عوضًا عن الهلع. وإن استمرّ الوسواس أو القلق، فالتحدث مع طبيب أو أخصائي نفسي يساعد في تهدئة المخاوف وإدارة الإجهاد المصاحب. تذكّر دائمًا أنّ احتمال حدوث بلع اللسان محدود، وأن معرفة الإجراءات الوقائية والصحيحة في إسعاف الطوارئ هي السبيل الآمن لتقليل المخاطر والحصول على الطمأنينة.

رغم أن مصطلح “بلع اللسان” قد يبدو مخيفًا، إلا أن فهمه الصحيح يساعد على التعامل معه بهدوء وفعالية. لذا يجب أن نرفع الوعي حولنا، ونهيّئ الأفراد المُعرضين للحالات الطارئة. لمعرفة المزيد حول الإسعافات الأولية وطرق الوقاية، لاتتردد في زيارة موقعنا وحجز موعد مع مختص للحصول على أجوبة موثوقة وآمنة.


تنبيه: المحتوى للتوعية الإعلامية فقط ولا يغني عن الاستشارة الطبية المباشرة.