التنوع العصبي هو مصطلح ظهر في التسعينات ويراد به التنبيه إلى أن هناك أشخاص يفكرون ويتفاعلون مع العالم من حولهم بطرق مختلفة، وبالتالي ليست هناك طريقة واحدة صحيحة للتفكير أو التعبير أو التواصل، إذا أخذنا بعين الاعتبار الفروقات المجودة على مستوى التكوين العصبي.
من المؤكد أنه يوجد نمط عصبي سائد، لكن من واجبنا كأفراد ومجتمعات أن نعي بوجود أنماط عصبية أخرى يجب أن تجد لها مكانا بيننا فهما وتقبلا واحتراما. هذا التقبل والاحترام الذي ندعو إليه هو اللبنة الأولى في تطور المجتمعات في تعاملها مع هذه الفئات المهمة وتوفير العلاج والتعليم وظروف الحياة الملائمة لها.
عندما نقرأ، نغني، نلعب، أو نتواصل مع الآخرين.. تتفاعل شبكات متخصصة على مستوى الدماغ فيما بينها من أجل تحقق أي من هذه الأفعال بشكل محدد. عند أصحاب الأنماط العصبية الغير السائدة، تعمل هذه الشبكات العصبية بطريقة مختلفة. هذا الاختلاف في عمل الدماغ غالبا ما يكون مرتبط بخلل أثناء النمو العصبي، ولهذا تسمى هذه الحالات بالاضطرابات النمائية.
من بين أنماط التنوع العصبي المختلفة نجد:
- اضطرابات التعلم: مثل عسر القراءة، عسر الكتابة أو عسر الحساب، وهي اضطرابات خاصة فقط بمجال محدد من مجالات التعلم لذلك فهي لا تندرج ضمن الإعاقة العقلية أو الجسدية، بل يتمتع الأطفال ذوي اضطرابات التعلم بقدرات طبيعية تؤهلهم للتحصيل الأكاديمي الجيد، لكن عسر تعلم مهارة واحدة أو أكثر قد يؤثر على عملية التعلم بشكل كلي مما يجعل هذه الفئة من الأطفال تعاني من عدم الفهم داخل الأسرة وداخل المؤسسات التعليمية.
- التوحد: هو اضطراب يخص السلوك والقدرة على التواصل وقد يؤثر أيضا على القدرات اللغوية للطفل، تختلف درجات حدته من شخص لآخر، وهناك حالات عديدة من الأشخاص المصابين بالتوحد لا يؤثر اضطرابها العصبي على ذكائهم وقدراتهم الاستيعابية بحيث يتعلمون بسرعة إلا أن لديهم مشكلة في التواصل والتكيف مع المواقف الاجتماعية المختلفة.
- قصور الانتباه وفرط الحركة: هو اضطراب كما يبدو واضحا من اسمه يخص القدرة على الانتباه، وكما نعرف جميعا فالانتباه يشكل مهارة معرفية أساسية من أجل التعلم، لذلك يعاني الأطفال المصابون بهذا الاضطراب في تحصيلهم الدراسي، كما أن تشتت الانتباه يكون مصاحب في كثير من الأحيان بالاندفاعية وفرط الحركة مما يجعل الطفل مصدر ازعاج كبير داخل القسم أو حتى في البيت.
- متلازمة توريت: يتمثل هذا الاضطراب في وجود حركات متكررة أو أصوات غريبة كلها تكون غير إرادية لا يستطيع الشخص أن يسيطر عليها، كما يمكن أن تظهر هذه المتلازمة مصاحبة لبعض الاضطرابات الأخرى، مثل اضطرابات التعلم أو فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطرابات القلق أو الوسواس القهري.
ما تحتاج إليه هذه الفئات:
من الضروري أن نتيح الفرصة لهذه الفئات لكي تقوي مهاراتها وتبرز المجالات التي تستطيع تحقيق نجاحات من خلالها، فقد يكون فرط الحركة مثلا عائقا داخل قاعة الدرس ولكنه قد يكون نقطة قوة في النشاطات الرياضة، أيضا بالنسبة للأطفال المصابين بعسر التعلم من المهم أن يكون لديهم نشاطات مختلفة لا يواجهون خلالها صعوباتهم مثل الأنشطة الفنية أو غيرها.
أخيرا، أهم ما يحتاجه أصحاب النمو العصبي المختلف هو، قبل كل شيء، الوعي داخل المجتمع والمؤسسات بطبيعة هذه الاختلافات، وعدم إصدار الأحكام الجاهزة في حقهم والتي تؤدي إلى تهميشهم وتعميق اضطراباتهم. كما أنهم يحتاجون إلى المصاحبة السلوكية والتربوية والتعليمية بشكل يؤهلهم للحصول على حقهم الطبيعي في الاندماج داخل المجتمع.