ما هو مرض التصلب اللويحي؟ 

يصنف التصلب اللويحي أو التصلب المتعدد (Multiple sclerosis) من ضمن الأمراض طويلة الأمد التي تصيب الجهاز العصبي المركزي المنظم لعمليات التواصل بين الدماغ والحبل الشوكي والأعصاب البصرية. ويتسبب تعطل هذا الاتصال بين الدماغ وأعضاء الجسم الأخرى في العديد من الاضطرابات على مستوى الرؤية و التحدث والحركة والإحساس بالتوازن.

هل النساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض؟ 

يتم تشخيص الإصابة بهذا المرض لمختلف الفئات العمرية، لكنه يعتبر أكثر شيوعا في صفوف الأشخاص في العشرينات والثلاثينيات والأربعينيات من أعمارهم. لكن، حسب هيئات الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، تعتبر النساء أكثر عرضة للإصابة بالتصلب اللويحي أكثر من الرجال، بمعدل الإصابة بـمرتين إلى ثلاث مرات مقارنة بالرجال.

أنواع التصلب اللويحي 

تحدث الإصابة بالتصلب اللويحي من خلال التقدم التدريجي للمرض، أو نتيجة الانتكاسات المتكررة التي قد يعاني منها المصاب، وتشمل أنواعه:

1. التصلب اللويحي المتكرر الانتكاس 

يتميز التصلب اللويحي متكرر الانتكاس (Relapsing-remitting MS)، بأنه النوع الأكثر شيوعا، حيث يتم تشخيص 8 إلى 9 إصابات بين كل 10 أشخاص، وهو ما يعادل 85% من حالات الإصابة، ويعرف بالمتكرر الانتكاس، لأن المصاب به يعاني من فترات تتفاقم فيها حدة الأعراض التي قد تستمر لأيام أو أسابيع أو شهور، ثم تختفي الأعراض مرة أخرى ويعود المصاب إلى صحته الطبيعية.

2. التصلب اللويحي الأولي التدريجي 

تتفاقم أعراض التصلب اللويحي الأولي التدريجي (Primary progressive MS)، من دون ترددها بين حالات الانتكاسة وحالات اختفاء المرض، حيت يزداد سوء وظيفة الجهاز العصبي بشكل تدريجي. يصيب عادة حوالي 15% من الأشخاص، بمعدل شخص أو اثنين لكل 10 أشخاص، حيث يعانون من تفاقم تدريجي للأعراض التي تستمر على مدى سنوات عديدة، وعلى الرغم من استقرار حالتهم الصحية، إلا أن هذا الاستقرار يوقف تقدم الأعراض وحسب.

3. المتلازمة المعزولية سريريا 

تعتبر المتلازمة المعزولة سريريا (Clinically isolated syndrome) سمة من سمات الإصابة بالتلصب المتعدد، ومما يميزها أنها نوبة مستقلة تستمر أعراضها لمدة تتجاوز 24 ساعة، وتنتج عادة عن انعدام الميالين في الجهاز العصبي.

4. التصلب اللويحي التدريجي الثانوي 

يتميز التصلب اللويحي التدريجي الثانوي (Secondary progressive MS)، بنوبات الانتكاسة والشفاء التي يعاني منها المريض في بداية إصابته، ثم تبدأ أعراضه في التقدم بشكل تدريجي مما يؤدي إلى تدهور الوظيفة العصبية.

أعراض التصلب اللويحي

تختلف أعراض التصلب اللويحي بين كل فرد على حدة، كما أنها قد تتطور ببطء على مدى أشهر أو سنوات، أو تتقدم بشكل متسارع في غضون أسابيع وأشهر. وتشمل الأعراض الأكثر شيوعا للتصلب المتعدد:

1. التعب  

يعتبر التعب والألم والإعياء من الأعراض الشائعة للتصلب المتعدد، والذي يعيق ممارسة الشخص لأنشطته اليومية، نتيجة آلام واعتلالات التشنجات العضلية والتيبسات، بالإضافة إلى الدوخة والدوار المستمرين.

2. اضطرابات الرؤية 

يمكن للتصلب المتعدد أن يؤثر في القدرة على الرؤية الجزئية أو الكلية بعين واحدة أو بكلتيهما، ويحدث هذا نتيجة التهاب العصب البصري، مما يسبب ألما حادا عند تحريك العينين بالإضافة إلى الرؤية الضبابية في إحدى العينين، وازدواجية الرؤية، والحركة اللاإرادية للعيون أو العمى.

3. ضعف القدرة على الكلام 

يؤثر فقدان التواصل في الدماغ الذي يحدثه التصلب اللويحي في القدرة على الكلام التي قد تكون أعراضها خفيفة أو شديدة، تتمحور عادة حول التحدث بكلام غير واضح أو كلمات متقطعة. وهو ما يسبب اضطرابات في التعلم والتذكر أيضا، إذ يصعب على الشخص التركيز للتعلم.

4. عدم القدرة على المشي 

يكون الشخص المصاب عرضة لصعوبة المشي، نتيجة معاناته من ضعف العضلات الناتج عن تلف الأعصاب، وهو ما يؤدي إلى إحساسه بالخدر والوخز في كل من الساقين والذراعين، وهو ما يتسبب له في فقدان التوازن وعدم القدرة على المشي.

5. اضطرابات المسالك البولية والأمعاء 

يمكن أن يواجه المرضى اضطرابات على مستوى المثانة، والتي تؤدي إلى الحاجة المتكررة والمفاجئة للتبول نتيجة فقدان السيطرة على المثانة، بالإضافة إلى الإمساك نتيجة انحشار البراز في الأمعاء.

أعراض التصلب اللويحي المبكرة

تشمل الأعراض المبكرة المميزة للإصابة بالتصلب اللويحي:

  • التعب والإعياء.
  • الإحساس الشديد بالآلام على مستوى العضلات.
  • الإحساس بالخدر والتنميل.
  • الإحساس بالارتعاش أو الاهتزاز.
  • الفقدان الجزئي أو الكلي للرؤية.
  • الإصابة بالشلل.
  • فقدان التوازن.
  • اضطرابات المثانة والأمعاء.

أسباب التصلب اللويحي 

يعتبر السبب الدقيق للتصلب اللويحي غير معروف، لكن، يعتقد الخبراء أن الاستجابة المناعية غير الطبيعية التي يحدثها الجسم، تسبب التهابات على مستوى الجهاز العصبي المركزي، وتحديدا الدماغ والنخاع الشوكي. تُحدث هذه الاستجابة المناعية تلفا على مستوى الطبقة الواقية للألياف العصبية، والتي تعرف بغمد الميالين. 

ينتج عن هذا التلف الذي يطال الطبقة الواقية، تعطيل وانقطاع إشارات التواصل بين الدماغ وأعضاء الجسم، مما يجعل الرسائل التي تنقلها الخلايا العصبية بطيئة أو ضعيفة.

عوامل الخطر 

1. السن والجنس 

يمكن للأشخاص الذين يبلغون ما بين 20 و40 سنة أن يكونوا أكثر عرضة للإصابة به، كما أن النساء هن الأكثر عرضة للإصابة بالمرض مقارنة بالرجال.

2. الجينات 

لا يعتبر التصلب المتعدد مرضا وراثيا ينتقل بين الأجيال، لكن، يُعتقد أن بعض الجينات ذات السمات المحددة قد تكون من بين العوامل المسؤولة عن الإصابة.

3. التدخين 

يمكن أن يؤدي التدخين دورا خطيرا في الإصابة بالتصلب اللويحي، من خلال تسببه في تسريع عملية تقدم الأعراض، خاصة أنه يؤثر بشكل سلبي على الدماغ أكثر من الأشخاص غير المدخنين. 

4. العدوى 

يمكن أن يؤدي التعرض لبعض أنواع الفيروسات إلى زيادة خطر إصابة الشخص بمرض التصلب العصبي المتعدد، مثل الحصبة، وفيروس إبشتاين بار أو قلة عدد الكريات البيضاء، أو الالتهاب الرئوي المعروف بالبيكوبلازما أو الكلاميديا، وهي عدوى لا زال التأكد من ارتباطها بالإصابة به قيد البحث والدراسة.

5. نقص فيتامين د و B12 

تعتبر الأبحاث والدراسات أن التصلب المتعدد شائع بنسبة كبيرة للأشخاص الأقل عرضة لأشعة الشمس، وهو ما يمكن أن يؤثر على وظيفة الجهاز المناعي، بالإضافة إلى نقص فيتامين ب 12 الذي يقل معه إنتاج الطبقة الواقية أي المايلين، وهو ما يحفز الإصابة بالأمراض العصبية. 

المضاعفات

نظرا إلى أن التصلب اللويحي يؤثر في الجهاز العصبي المركزي، فإن المضاعفات التي يمكن أن يعاني منها الشخص تكون ذات تأثر على أعضاء الجسم بأكملها، وتشمل الإعاقة، التي تبدأ تدريجيا بعد المعاناة من عدم القدرة على التحرك والخطر المتزايد للإصابات والكسور، بالإضافة إلى التغيرات النفسية والمزاجية التي قد يعاني منها المصاب والتي يعتبر الاكتئاب أكثرها شيوعا.

كيف يتم تشخيص مرض التصلب اللويحي؟ 

يتم تشخيص مرض التصلب اللويحي من خلال الفحوصات والاختبارات التالية: 

1. التصوير بالرنين المغناطيسي

يمكّن التصوير بالرنين المغناطيسي من الكشف عن التغيرات أو التلف أو التندبات التي قد تطرأ على طبقة الميالين الواقية للأعصاب في الجهاز العصبي المركزي.

2. التصوير المقطعي للتماسك البصري

يساعد هذا التصوير على التأكد من إصابة العصب البصري بالترقق، وذلك من خلال التقاط صور لطبقات الأعصاب البصرية من الجزء الخلفي من العينين.

3. البزل الشوكي 

ويعرف أيضا بالبزل القطني، وهو اختبار يتم من خلال أخذ عينة من السائل الشوكي للكشف عن التشوهات المحتملة في السائل النخاعي والتي قد تشير إلى تشوهات في الجهاز العصبي، ويلجأ إليه لاستبعاد الحالات التي قد يشتبه في مطابقتها لأعراض المرض.

5. تحاليل الدم 

يلجأ إلى تحاليل الدم لاستبعاد الحالات الطبية التي قد تكون أعراضها مشابهة لأعراض التصلب المتعدد كالتهاب النخاع أو التهاب العصب البصري.

6. اختبار الجهد البصري المحرض 

يعمل هذا الاختبار على تحفيز المسارات العصبية في الجهاز العصبي، للكشف عن التغيرات في نشاط الدماغ التي قد تكون مسؤولة عن الإصابة بالتصلب المتعدد.

علاج التصلب اللويحي 

لا يوجد علاج فعال للتصلب اللويحي، لكن، يلجأ الأطباء إلى وصف أدوية تعرف بالعلاجات المعدلة للمرض (DMTs)، والتي تعمل على إبطاء التقدم التدريجي لأعراض المرض، من خلال تخفيف حدتها والتقليل من الانتكاسات المتكررة. ولأن أعراض وأنواع التصلب المتعدد تختلف من شخص لآخر، فإن الأدوية الموصوفة تختلف بدورها من مصاب إلى آخر.

هل يمكن الوقاية من التصلب اللويحي؟ 

يصنف التصلب اللويحي من ضمن أمراض المناعة الذاتية التي تؤثر في الجسم من خلال الاستجابة المناعية الخاطئة للأعضاء والأنسجة السليمة للجهاز العصبي المركزي، لذلك، لا توجد طرق وقاية تمنع الإصابة به أو توقف التطور التدريجي له غير تخفيف أعراضه.