داء البلهارسيات (Schistosomiasis) هو عدوى تسببها دودة طفيلية تعيش في المياه العذبة في المناطق شبه الاستوائية والاستوائية، مصدرها فضلات أشخاص حاملين لعدوى البلهارسيات.

ينتشر الطفيل بشكل شائع في جميع أنحاء إفريقيا، ولكنه يعيش أيضا في أجزاء من أمريكا الجنوبية ومنطقة البحر الكاريبي والشرق الأوسط وآسيا، والبرازيل وفنزويلا وسورينام، والصين وإندونيسيا والفلبين.

غالبًا لا تظهر عليك أي أعراض عند الإصابة بداء البلهارسيات لأول مرة، لكن يمكن أن يبقى الطفيل في الجسم لسنوات عديدة ويسبب ضررا لأعضاء مثل المثانة والكلى والكبد!

حسب المركز الوطني للمعلومات التقنية الحيوية تم تسجيل إصابة 230 مليون شخص بداء البلهارسيات حول العالم، مع وجود ما يصل إلى 700 مليون شخص لا يزالون معرضين لخطر الإصابة، كما يتم تسجيل 200 ألف حالة وفاة سنويا.

وحسب منظمة الصحة العالمية 90% على الأقلّ من الأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج من هذا الداء يعيشون في أفريقيا.

كيف تصاب بعدوى داء البلهارسيات؟

تعيش الديدان التي تسبب الداء في المياه العذبة، وذلك عندما يلوّث الأشخاص المصابون به مصادر المياه بفضلاتهم التي تحتوي على بيوض الطفيليات التي تفرخ في الماء.

وتعيش هذه  الديدان في:

  • البرك.
  • البحيرات.
  • الأنهار.
  • الخزانات.
  • القنوات.

قد يؤدي الاستحمام بالماء غير المفلتر الذي يؤخذ مباشرة من البحيرات أو الأنهار إلى انتشار العدوى، على خلاف البحر أو حمامات السباحة المكلورة أو إمدادات المياه المعالجة بشكل صحيح.

يمكن أن تصاب بالعدوى إذا لامست المياه الملوثة على سبيل المثال، عند التجديف أو السباحة أو الاغتسال.

تتحول اليرقات في جسم الإنسان إلى ديدان البلهارسيا، تحفر الديدان الصغيرة في جلدك، وتعيش الديدان البالغة في الأوعية الدموية، ثم تنتقل عبر الدم إلى مناطق مثل الكبد والأمعاء.
بعد بضعة أسابيع، تبدأ الديدان في وضع البيض، بعض البيض يبقى داخل الجسم ويهاجمه جهاز المناعة، بينما ينتقل البعض الآخر في البول أو البراز. بدون علاج، يمكن أن تستمر الديدان في وضع البيض لعدة سنوات.
إذا خرج البيض من الجسم إلى الماء، فإنه يطلق يرقات صغيرة تحتاج إلى النمو داخل المياه العذبة لبضعة أسابيع قبل أن تتمكن من إصابة شخص آخر. هذا يعني أنه لا يمكن التقاط العدوى من شخص آخر مصاب بها.

أعراض داء البلهارسيات

لا يعاني الكثير من المصابين من أي أعراض، أو لا يعانون من أي أعراض لعدة أشهر أو حتى سنوات.
ربما لن تلاحظ أنك مصاب بالعدوى، على الرغم من أن البعض يصابون أحيانا ببثور حمراء صغيرة ومثيرة للحكة على جلدهم لبضعة أيام حيث اخترقت الديدان!

بعد بضعة أسابيع، يعاني بعض الأشخاص من:

  • ارتفاع في درجة الحرارة فوق 38 درجة مئوية.
  • طفح جلدي مثير للحكة وبقع حمراء وبارزة.
  • سعال.
  • إسهال.
  • آلام العضلات والمفاصل.
  • ألم في البطن.
  • شعور عام بالتوعك.
  • الدم في البول.

غالبًا ما تتحسن هذه الأعراض من تلقاء نفسها في غضون أسابيع قليلة. لكن هذا لا يعني الشفاء، لا يزال من المهم العلاج لأن الطفيل يمكن أن يبقى في جسمك ويؤدي إلى مشاكل طويلة الأمد!

المشاكل الصحية طويلة الأمد التي يسببها داء البلهارسيات

يصاب بعض الأشخاص، بغض النظر عما إذا كانت لديهم أي أعراض أولية أم لا، بمشاكل أكثر خطورة في أجزاء الجسم التي انتقل إليها البيض. على سبيل المثال:

  • يسبب انتقال البيض إلى الجهاز الهضمي بـ: فقر الدم وآلام البطن والتورم والإسهال والدم في البراز.

ويُعد تضخّم الكبد من الأعراض الشائعة في الحالات المتقدمة، وينتج عادة عن تجمّع السوائل في جوف الصفاق وفرط ضغط الدم في الأوعية الدموية البطنية. وقد يحدث أيضاً في تلك الحالات، تضخّم الطحال.

  • يسبب انتقال البيض إلى الجهاز البولي: تهيج المثانة (التهاب المثانة)، الألم عند التبول، الحاجة المتكررة للتبول، الدم في البول.

ويمثّل سرطان المثانة إحدى المضاعفات المحتملة الأخرى التي قد تحدث في المراحل المتأخّرة. وقد يؤدي داء البلهارسيات البولي التناسلي عند النساء إلى أمراض تناسلية ونزف مهبلي وآلام أثناء الجماع وعقيدات في الفرج. كما قد يؤدي داء البلهارسيات البولي التناسلي عند الرجال إلى اعتلال الحويصلتين المنويتين والبروستاتا وأعضاء أخرى.

  • يسبب انتقال البيض إلى القلب والرئتان في حدوث: سعال مستمر وأزيز وضيق في التنفس وسعال مصحوب بالدم.
  • يسبب انتقال البيض إلى الجهاز العصبي أو الدماغ نوبات، وصداع، وضعف وتنميل في الساقين ودوخة.

بدون علاج، يمكن أن تتلف الأعضاء المصابة بشكل دائم!

تشخيص داء البلهارسيات

يتم تشخيص داء البلهارسيات من خلال الكشف عن بيوض الطفيلي في عيّنات البراز أو البول. 

وتختلف طرق الكشف عن هذا الداء حسب نوعه:

  • داء البلهارسيات البولي: يتم تشخيصه من خلال تقنية الترشيح باستخدام المرشحات المصنوعة من النايلون أو الورق أو البوليكاربونات، وفي معظم حالات الأطفال المصابين بالبلهارسيا الدموية، يتم الكشف عن كمية مجهرية من الدم في عيّنات البول باستخدام أشرطة الكواشف الكيميائية. وينتشر هذا النوع من البلهارسيات في أفريقيا والشرق الأوسط وكورسيكا (فرنسا).
  • البلهارسيا المعوية: يتم الكشف عن بيوضها في عيّنات البراز باستخدام تقنية تستند إلى السيلوفان الملوّن بزرقة الميثيلين والمنقوع في الغليسيرين أو الشرائح الزجاجية والتي تعرف بطريقة كاتو-كاتز.

وهناك 4 أنواع من البلهراسيات المعوية:
-البلهارسية المنسونية: تنتشر في أفريقيا، والشرق الأوسط، ومنطقة البحر الكاريبي، والبرازيل، وفنزويلا وسورينام.
-البلهارسية اليابانية: تنتشر في الصين، وإندونيسيا والفلبين.
-البلهارسية الميكونغية: تنتشر في عدة مناطق من كمبوديا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية.
-البلهارسية المقحمة والبلهارسية الغينية المشابهة لها: تنتشر في غابات وسط أفريقيا المطيرة.

الوقاية والعلاج من داء البلهارسيات

تعتمد الوقاية من داء البلهارسيات على إتاحة المياه الآمنة وتحسين خدمات الصرف الصحي والتوعية بشأن النظافة الصحية.

أما فيما يخص العلاج فيمكن علاج داء البلهارسيات عادةً بنجاح من خلال:

  • برازيكوانتيل praziquantel: هي دورة علاجية قصيرة تقتل الديدان، ويكون البرازيكوانتيل أكثر فعالية بمجرد نمو الديدان قليلاً.
  • دواء الستيرويد Steroid medication: يتم استخدامه للمساعدة في تخفيف أعراض داء البلهارسيات الحاد، أو الأعراض الناتجة عن تلف الدماغ أو الجهاز العصبي.

وحسب منظمة الصحة العالمية، تتمثل الفئات المستهدفة بالعلاج فيما يلي:

  • الأطفال في سن المدرسة في المناطق التي ينتشر بها المرض.
  • البالغون الذين يعدون معرضين للمخاطر والأشخاص ذوي المهن التي تنطوي على ملامسة المياه الملوّثة بالبلهارسيات، مثل الصيادين والمزارعين وعمال الريّ والنساء اللواتي تستدعي مهامهن المنزلية ملامسة المياه الملوّثة.
  • كامل المجتمعات المحلية التي تعيش في المناطق التي يستوطنها الداء بشدة.

هل من لقاح لداء البلهارسيات؟

لا يوجد لقاح ضد داء البلهارسيات، لذلك من المهم أن تكون على دراية بالمخاطر واتخاذ الاحتياطات لتجنب التعرض للمياه الملوثة.

إذا كنت تزور إحدى المناطق المعروفة بانتشار داء البلهارسيات، قم بـ:

  • تجنب التجديف والسباحة والغسيل في المياه العذبة.
  • اسبح فقط في البحر أو حمامات السباحة المكلورة.
  • قم بغلي أو تصفية الماء قبل الشرب. 

أخيرا، بعد قراءتك للمقال لا تنس مشاهدة فيديو أحد أشهر الشخصيات التي عانت من داء البلهارسيات وكانت مضاعفاته السبب خلف وفاته! إنه “العندليب الأسمر” عبد الحليم حافظ. شاركنا رأيك وشارك المقال والفيديو مع أصدقائك المعرضين لهذه العدوى!

 

تدقيق علمي:

د. نسرين بويكة

طبيبة أخصائية في الطب الباطني