تم وصف متلازمة أسبرجر Asperger’s Syndrome لأول مرة في الأربعينيات من قبل طبيب الأطفال النمساوي هانز أسبرجر Hans Asperger، الذي لاحظ السلوكيات الشبيهة بالتوحد autism والصعوبات في المهارات الاجتماعية والتواصلية لدى الأولاد الذين لديهم ذكاء وتطور لغوي طبيعي.

اعتبر العديد من المهنيين أن متلازمة أسبرجر Asperger’s syndrome هي مجرد شكل أخف حدة من أشكال التوحد واستخدموا مصطلح “التوحد عالي الأداء” high-functioning autism لوصف حالة الأفراد المصابين بأسبرجر!

يصف أوتا فريث Uta Frith، الأستاذ في معهد علم الأعصاب الإدراكي في جامعة كوليدج لندن Institute of Cognitive Neuroscience of University College London، ومحرر كتاب التوحد ومتلازمة أسبرجر Autism and Asperger Syndrome، الأفراد المصابين بأسبرجر بأنهم “يعانون من مقدار ضئيل من مرض التوحد” having a dash of autism.

وتمت إضافة اضطراب أسبرجر إلى الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-IV) الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي في عام 1994 باعتباره اضطرابًا منفصلاً عن التوحد. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من المتخصصين الذين يعتبرون اضطراب أسبرجر شكلًا أقل حدة من التوحد.

أعراض متلازمة أسبرجر والفرق بينها وبين التوحد:

ما يميز اضطراب أسبرجر عن التوحد “الكلاسيكي” هو أعراضه الأقل حدة وغياب التأخير اللغوي؛ فقد يتأثر الأطفال المصابون باضطراب أسبرجر بشكل خفيف فقط، وغالبًا ما يكون لديهم مهارات لغوية ومعرفية جيدة. وقد يبدو الطفل المصاب باضطراب أسبرجر وكأنه طفل ذو نمط عصبي يتصرف بشكل مختلف!

كثيرًا ما يُنظر إلى الأطفال المصابين بالتوحد على أنهم منعزلون وغير مهتمين بالآخرين، هذا ليس هو الحال مع اضطراب أسبرجر! عادةً ما يرغب الأفراد المصابون باضطراب أسبرجر في التأقلم والتفاعل مع الآخرين، لكنهم غالبًا لا يعرفون كيفية القيام بذلك، قد يكونون محرجين اجتماعيًا، ولا يفهمون القواعد الاجتماعية التقليدية أو يظهرون نقصًا في التعاطف. قد يكون لديهم اتصال محدود بالعين، ويبدو أنهم غير منخرطين في محادثة ولا يفهمون استخدام الإيماءات أو السخرية.

بالنسبة للإهتمامات، قد تصل اهتماماتهم في موضوع معين إلى حدود الهوس! وغالبًا ما يحب الأطفال المصابون باضطراب أسبرجر جمع فئات من الأشياء، مثل الصخور أو أغطية الزجاجات!

أطفال أسبرجر بارعين في معرفة فئات المعلومات، مثل نتائج مباريات كرة القدم أو أسماء الزهور أو أسماء الحيوانات! وقد يكون لديهم مهارات جيدة وذاكرة قوية لتذكر الأشياء عن ظهر قلب.

أحد الاختلافات الرئيسية بين اضطراب أسبرجر والتوحد هو أنه لا يوجد تأخير في الكلام في متلازمة أسبرجر، وغالبًا ما يتمتع الأطفال المصابون باضطراب أسبرجر بمهارات لغوية جيدة؛ وتجدهم يستخدمون اللغة بطرق مختلفة. قد تكون أنماط الكلام غير معتادة لديهم، أو تفتقر إلى التصريف أو لها طبيعة إيقاعية، أو قد تكون رسمية، لكنها عالية النبرة! كما قد لا يفهم الأطفال المصابون باضطراب أسبرجر التفاصيل الدقيقة للغة، مثل السخرية والفكاهة، أو قد لا يفهمون طبيعة المحادثة.

هناك فرق آخر بين اضطراب أسبرجر والتوحد يتعلق بالقدرة الإدراكية! في حين أن بعض الأفراد المصابين بالتوحد يعانون من إعاقات ذهنية، لا يمكن أن يعاني الشخص المصاب باضطراب أسبرجر من تأخر معرفي مهم سريريًا، ويمتلك معظمهم ذكاء متوسط ​​إلى أعلى من المتوسط.

كما قد يواجه الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر صعوبة في المهارات الحركية الأساسية، مثل الجري أو المشي. وقد يفتقر هؤلاء الأطفال إلى التنسيق ويكونون غير قادرين على القيام بمهام معينة، مثل التسلق أو ركوب الدراجة.

كيف يتم تشخيص متلازمة أسبرجر؟

إذا لاحظت أي علامات مما سبق ذكرها على طفلك، فاستشر طبيب الأطفال، والذي بدوره سيحيلك إلى خبير في الصحة العقلية متخصص في اضطرابات طيف التوحد، سواء:

  • طبيب نفسي Psychologist: يشخص ويعالج المشاكل المتعلقة بالعواطف والسلوك.
  • طبيب أعصاب الأطفال Pediatric neurologist: يعالج حالات الدماغ.
  • طبيب أطفال تنموي Developmental pediatrician: متخصص في مشاكل النطق واللغة ومشاكل النمو الأخرى.
  • طبيب نفساني Psychiatrist: لديه خبرة في حالات الصحة العقلية ويمكنه وصف الأدوية لمعالجتها.

غالبًا ما يتم التعامل مع الحالة باتباع نهج الفريق، مما يعني أنك قد ترى أكثر من طبيب واحد لرعاية طفلك!

سيطرح الطبيب أسئلة حول سلوك طفلك، بما في ذلك:

  • ما الأعراض التي ظهرت عليه ومتى لاحظت ظهورها لأول مرة؟
  • متى تعلم طفلك الكلام لأول مرة، وكيف يتواصل؟
  • هل يركز على أي مواضيع أو أنشطة؟
  • هل لديه أصدقاء وكيف يتفاعل مع الآخرين؟

ثم سيحاول ملاحظة تصرفات طفلك في مواقف مختلفة ليرى بشكل مباشر كيف يتواصل ويتصرف.

تختلف طرق العلاج من طفل لآخر، وفي المجمل تشمل طرق العلاج ما يلي:

  • تدريب المهارات الاجتماعية Social skills training: في مجموعات أو جلسات فردية، يعلم المعالجون طفلك كيفية التفاعل مع الآخرين والتعبير عن أنفسهم بطرق أكثر ملاءمة.
  • علاج النطق واللغة Speech-language therapy: يساعد على تحسين مهارات الاتصال لدى طفلك. من خلاله يتعلم طفلك كيفية استخدام نمط صعود وهبوط عادي خلال الحديث بدلاً من النغمة الثابتة. كما سيحصل على دروس حول كيفية متابعة محادثة ثنائية الاتجاه وفهم الإشارات الاجتماعية مثل إيماءات اليد والتواصل البصري.
  • العلاج السلوكي المعرفي Cognitive behavioral therapy: يساعد طفلك على تغيير طريقة تفكيره، حتى يتمكن من التحكم بشكل أفضل في عواطفه وسلوكياته المتكررة. 
  • تعليم الوالدين وتدريبهم Parent education and training: ستتعلم العديد من نفس الأساليب التي يتعلمها طفلك، لكي تتمكن من العمل معه على المهارات الاجتماعية في المنزل.