ليست الحرب العالمية الأولى.. بل العدوى الجرثومية!

من المفارقات الغريبة أنه خلال الحرب العالمية الأولى لم تكن الحروب ذاتها والإصابات الناجمة عنها هي المسؤول الأول عن أعداد القتلى المهولة بل الأمراض والعدوى الجرثومية. لكن، خلال الحرب العالمية الثانية كانت الإنسانية على موعد مع اكتشاف غيَّر مجرى الأحداث تماماً وقفز بالطب إلى مستوى جديد، حيث تراجع عدد الوفيات بالالتهابات التعفنية بشكل دراماتيكي، وعلى سبيل المثال لا الحصر تقلصت أعداد المصابين بالالتهاب الرئوي الجرثومي من 18% إلى 1%. فما هو هذا الاكتشاف السحري؟

قصّة أول مضاد حيوي

في سنة 1928 تم اكتشاف العقار السحري المستخلص من العفن من طرف الطبيب البريطاني ألكسندر فليمنغ، ليصبح فيما بعد أحد أكثر الأدوية الناجعة، وذلك عن طريق الصدفة البحتة بعدما عاد من سفره ليتفقد مزرعة البكتيريا التي وضعها بمختبره، ليجد أنه نسيها بالخارج. وعند تفقدها وجد هالة بيضاء تقوم بوقف انتشار البكتيريا ليكون بذلك قد اكتشف أول مضاد حيوي والذي أطلق عليه اسم البينيسيلين.

استنتج فليمنغ أن الفطر الذي نما، هو فطر البنسليوم (Penicillium notatum)، ويحتوي على بكتيريات تنتج مادة كيميائية قاتلة للجراثيم، أطلق عليها اسم البنسيلين، أي العقار المستخلص من العفونة، واختبر فليمنغ هذه المادة الكيميائية ووجد أنها قادرة على قتل أنواع مختلفة من البكتيريا، وليست سامة للإنسان أو الحيوان.

لكن رغم نشر فليمنغ لأبحاثه سنة 1929، إلا أنها لم تنجح في لفت الأنظار إلا بعد عشر سنوات، وذلك على يدي الباحثين البريطانيين هوارد فلوري وإرنست تشين، اللذين تمكنا من استخلاص الشكل المثالي للبنسلين. وأخيراً في سنة 1941 تم استخدامه على المرضى وأثبتت النتائج أن هذا العقار في غاية الأهمية.

اقرأ أيضا: تناول المضادات الحيوية خلال الزكام أو نزلات البرد أنت تضر نفسك من حيث تريد أن تنفعها

البكتريا تقاوم

خلال المحاضرة التي ألقاها فليمنغ أثناء تسلمه لجائزة نوبل في الطب سنة 1945، أشار بشكل مبكر لأحد الأخطار الكبرى التي قد تجعل من هذا الاكتشاف عقاراً غير ذي جدوى، أبدى فليمنغ حينها قلقه البالغ من إمكانية تطوير الجراثيم لميكانيزمات مقاومة تجعلها منيعة ضد البنسلين، تبين فيما بعد أن قلق فليمنغ سيصبح أحد أكثر المخاوف والتحديات التي ستواجه الإنسانية في مجال الطب والبيولوجيا، فبعد عدة عقود فقط من الأعمال المخبرية الأولى على المضادات الحيوية، أصبحت البكتيريات مقاومة بالفعل وعادت الالتهابات التعفنية لتشكل تحدياً من جديد.

البشرية تواصل استهلاك المضادات الحيوية

أشارت مجموعة من الإحصائيات والتقارير لـمنظمة الصحة العالمية إلى أن استهلاك العالم من المضادات الحيوية ارتفع بشكل مهول خلال 15 عاماً فقط.

وبلغة الأرقام، وقعت 193 دولة على إعلان الأمم المتحدة لمعالجة التهديد الذي يشكله الاستهلاك المفرط لها.

للحد من مقاومة البكتيريات للمضادات الحيوية

  • استعملها فقط في حالة العدوى الجرثومية البكتيرية.
  • استشر الطبيب حول ضرورة استخدامها والنوع المناسب منها حسب الحالة المرضية.
  • لا تضغط على الطبيب لوصفها في حال عدم الحاجة لها.
  • تذكر دائما أن العلاج الخاطئ قد يؤجل العلاج المناسب.

اقرأ أيضا: المضادات الحيوية لعلاج الزكام.. ضررها أكثر من نفعها!

قبل تناول المضادات الحيوية

  • استشر الطبيب حول ضرورة استعمالها وحول النوع المناسب منها.
  • استشر الطبيب بخصوص الأعراض الجانبية، وهل ستؤثر على علاجات أخرى تتلقونها.
  • أخبر الطبيب في حال وجود حساسية تجاه أحد المضادات الحيوية.
  • أخبري الطبيب إذا كنت حاملاً.
  • من المهم تناول الكمية المناسبة منها بشكل دقيق. فالكمية غير الكافية قد تكون سبباً في فشل العلاج، والكمية المفرطة قد تؤدي لنمو جراثيم مقاومة لها. المضادات الحيوية آمنة عادةً، شرط استعمالها بالشكل الصحيح.