أغلب الأبحاث العلمية عن النوم تدور حول عمليات تثبيت وترسيخ الذكريات المكونة في فترات اليقظة. والآن هناك دليل وازن على أن التكرار أثناء النوم يقوي الذكريات ويسجلها ضمن مخزن المعلومات المتواجد مسبقا في الدماغ.

أكد باحثون في جامعة “بيرن” بسويسرا في دراسة حديثة، أن الإنسان بإمكانه التعلم خلال النوم العميق، أو نوم الموجات البطيئة. خاصّة وأن الدماغ يعمل على تثبيت المعلومات التي اكتسبناها خلال اليقظة.

وبيّنت دراسة نُشرت على صحيفة ” كيورنت بيولوجي”، أن اعتقاد الكثيرين بأن الدماغ يتوقف عن التعلّم أثناء النوم، هي فكرة خاطئة. إذ كشف الباحثون أن هناك ترابطات تتشكل أثناء النوم بين كلمات مألوفة وأخرى أجنبية جديد.

التعلم أثناء القيلولة

بالنسبة للباحثين السؤال المطروح هو: إذا كان النوم يُقوي الذاكرة التي تم تشكيلها خلال اليقظة، فلماذا لا يمكن تكوين ذاكرة أثناء النوم تمتد وتدوم حتى في حالة اليقظة؟

للإجابة عن هذا السؤال قام الباحثون بتسجيل الموجات الدماغية عند 41 متطوعاً سليما، عند أخذهم للقيلولة نهارا، وذلك باستخدام التخطيط الكهربائي للدماغ. شغّل الباحثون مقطعا يعرض مجموعة من الكلمات يتلقاها المشاركون عبر سماعات.

لقد قسّموا كل زوج من الكلمات إلى كلمة معهودة تنتمي إلى اللغة الأم بينما الأخرى كانت عبارة عن شبه كلمة.

على سبيل المثال، قرنوا كلمة “منزل” بشبه كلمة ” طوفر”، وفي زوج آخر قرنوا “فلّين” مع شبه كلمة “أريل”. ثم بعد القيلولة اجتاز المتطوعون اختبارا في تلك التشكيلات المكونة خلال النوم، حيث قدمت لهم أمثلة عشوائية منها وفي كل عرض، كان على المشاركين القول ما إذا كان من الممكن وضع الشيء الذي تصفه الكلمة في صندوق أحذية أم لا، وقد بينت النتائج أن تصنيف هذه الأحجام كان أدق من مجرد صدفة إذ ” كان العرض الصوتي للكلمة الثانية من الزوج أثناء النوم قد بلغ ذروة موجة بطيئة مستمرة عدة مرات”.

دماغك لا يتوقّف عن التعلّم

حسب نفس الدراسة، نوم الموجات البطيئة أو النوم العميق هو المرحلة الأكثر نجاعة لترسيخ الذكريات المكونة في فترة اليقظة التي سبقته. ذلك أن خلايا الدماغ عندما تصل إلى هذه المرحلة من النوم، يتزامن نشاطها مع بعضها البعض تدريجيا، وتدخل في نمط تتعاقب فيه فترات قصيرة من الحركة والسكون كل نصف ثانية، فتظهر فترات النشاط كذروة في تخطيط الدماغ الكهربائي.

يقول د. مارك زوست – أول مؤلفي هذه الدراسة- إنهم لاحظوا أن استرجاع الكلمات التي اكتسبها المشاركون عند النوم أثناء الاختبار، تزامن مع نشاط في الحُصَين وفي باحات الكلام في الدماغ. مع العلم أن الحصين يلعب دورا حيويا في الذاكرة والتعلم، هذه الباحات هي نفسها التي تكون نشيطة عندما يتعلم الإنسان أثناء اليقظة.

ويُلخّص الدكتور مارك نتائج هذه الدراسة في قوله” الظاهر أن هذه البنيات الدماغية تعمل على تكوين الذاكرة بشكل مستقل عن حالة الوعي السائد أو فقدان الوعي أثناء النوم العميق أو الوعي خلال اليقظة”.

والآن عزيزي القارئ بعد اضطلاعك على فوائد النوم على دماغك، شاركنا كم تخصص من ساعة للنوم خلال اليوم!

تحرير: خولة صالحي

تدقيق المحتوى العلمي: د. لطيفة عتاق