في إنجاز طبي غير مسبوق، خضع أوسكار لارينازار، البالغ من العمر 41 عامًا، لأول عملية زراعة مشتركة للمثانة والكلية في التاريخ، وذلك بعد سنوات طويلة من المعاناة، أعقبت استئصال مثانته بسبب ورم سرطاني، وفقدانه لاحقًا كِليتَيه نتيجة مضاعفات الفشل الكلوي، ما اضطره للاعتماد على جلسات الغسيل الكلوي طوال سبعة أعوام.
في ظل هذا الواقع الصحي المعقّد، برزت أمام أوسكار فرصة المشاركة في تجربة سريرية هي الأولى من نوعها، تهدف إلى اختبار إمكانية زراعة المثانة والكلية في آنٍ واحد. موافقته لم تكن مجرد قرار علاجي، بل محطة مفصلية مهّدت لفتح آفاق جديدة في مجال جراحة المسالك البولية وزراعة الأعضاء.
زراعة مثانة بشرية بفضل تعاون بين جامعتي USC وUCLA
نجح جراحوا المسالك البولية في جامعتي جنوب كاليفورنيا (USC) وكاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) في تنفيذ أول عملية زراعة مثانة بشرية بنجاح. جاءت هذه العملية كثمرة تعاون دام لسنوات بين فريقَي العمل في المؤسستين، بقيادة الدكتور إنديربير جيل والدكتور نيما نصيري. وهما من أبرز الأسماء في مجال جراحة المسالك البولية وجراحة الروبوت المتقدمة.
زراعة مثانة وكلى في 8 ساعات من الجراحة المعقّدة بجامعة كاليفورنيا
صباح الرابع من مايو 2025، شرع الفريق الجراحي في مركز رونالد ريغان الطبي بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس في إجراء زراعة مثانة وكلى استمرت ثماني ساعات متواصلة، وذلك في إطار تجربة سريرية مستمرة تحت رقم (NCT06337942) تهدف إلى دراسة إمكانية إجراء زراعة المثانة ومدى فعاليتها. شكّلت البنية التشريحية تحديا كبيرا في هذه العملية، إذ تطلّب الأمر دقة ومهارة استثنائيَتين لضمان توصيل المثانة والكلى بالجهاز البولي دون التسبب بأي ضرر.
النتائج الأولية للجراحة كانت مبشرة بشكل فاق توقعات الفريق الطبي. فور توصيل الكلية، بدأ إنتاج وتدفق البول إلى المثانة المزروعة دون عوائق، مايعد إشارة إلى استعادة الاعضاء وظائفها الحيوية بنجاح. هذا التطور أنهى حاجة المريض إلى الغسيل الكلوي، ومكّنه من التبول بطريقة طبيعية لأول مرة منذ سبع سنوات.
كيف تمكن الفريق الطبي من انجاح هاته العملية؟
قبل الوصول إلى هذه النتيجة الاستثنائية، خضع الفريق الطبي لتحضيرات مكثفة امتدت لسنوات، شملت مختلف الجوانب التقنية والعلمية:
- 4 سنوات من الجراحات التدريبية: أجرى الفريق الطبي عمليات محاكاة على متبرعين متوفين دماغيًا، مما أتاح التدريب الواقعي على توصيل الأوعية الدموية الدقيقة واستخدام الروبوتات الجراحية، دون تعريض المرضى الأحياء لأي خطر.
- استخدام الجراحة الروبوتية والتنظير الداخلي: أسهمت تقنيات المنظار والذراع الجراحية الروبوتية في رفع دقة الإجراء وتقليل حجم الشقوق الجراحية، مما مكّن الفريق من ربط شبكات الأوعية الدقيقة بأمان وفعالية أكبر.
معايير صارمة لاختيار المريض المناسب:
وضع الفريق مجموعة من الشروط لاختيار المريض الأمثل، منها:
- العمر بين 18 و70 عامًا.
- حالة صحية مستقرة خالية من الأمراض المزمنة الخطيرة.
- عدم وجود تاريخ لرفض الأعضاء المزروعة سابقًا.
- يفضل أن يكون المريض قد خضع مسبقًا لعملية زرع عضو، أو يحتاج في الوقت نفسه إلى زراعة كلية ومثانة معًا.
المتابعة الطبية: سيخضع المريض لمتابعة طبية حتى نهاية الدراسة في عام 2028، بهدف التقييم المستمر لوظائف الأعضاء المزروع، استجابة الجسم لمثبطات المناعة، واحتمالية حدوث أي رفض مناعي لاحق.
المخاوف التي واجهها الفريق الطبي
- خطر رفض العضو المزروع:كان القلق الأكبر يتمثل في احتمال مهاجمة الجهاز المناعي للأنسجة المزروعة، ما يؤدي إلى فشل الزراعة.
- الآثار الجانبية لمثبطات المناعة: اضطر الأطباء إلى إعطاء المريض مثبطات المناعة لتقليل خطر الرفض المناعي، مما يترتب عليه زيادة احتمالية الإصابة بالعدوى وظهور مضاعفات صحية مزمنة.
التعقيد التشريحي لمنطقة الحوض: تتسم شبكة الأوعية الدموية والأعصاب في منطقة الحوض بدرجة عالية من التعقيد، بالتالي أي خطأ في ربط الأوعية الدقيقة أو في توصيل الأعصاب قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.