ما هي جرثومة المعدة؟

جرثومة المعدة أو Helicobacter pylori هي نوع من البكتيريا اللولبية تعيش في بطانة المعدة، وتُعدّ من أبرز أسباب التهاب المعدة والقرحة الهضمية. ويُعزى قدرتها على البقاء في البيئة الحمضية القاسية للمعدة إلى إفرازها لإنزيم يُعرف باليورياز (Urease). وقد تظل كامنة لسنوات دون ظهور أعراض، لكن في بعض الحالات تُسبّب مشاكل هضمية مزمنة.

صورة توضيحية للجرثومة المعدة
صورة توضيحية للجرثومة المعدة

 

كيف تحدث الإصابة؟ 

تنتقل جرثومة المعدة غالبًا عبر:

  • الطعام أو الماء الملوّث
  • الاتصال المباشر بلعاب أو إفرازات المصاب
  • الممارسات غير الصحية في إعداد الطعام

الأشخاص الذين يعيشون في أماكن مكتظة أو يفتقرون لمياه نظيفة يكونون أكثر عرضة للإصابة.

لماذا النساء أكثر عرضة للانزعاج من الأعراض؟

تشير دراسة نُشرت سنة 2024 في مجلة Infectious Agents and Cancer إلى أن النساء المصابات بعدوى جرثومة المعدة (Helicobacter pylori) يعانين من أعراض أشد مقارنة بالرجال، وذلك بسبب تفاعل مجموعة من العوامل الهرمونية والمناعية والنفسية.

بحسب نتائج الدراسة، ترتبط التغيرات الهرمونية لدى النساء بزيادة حساسية المعدة تجاه الالتهاب، كما أن الاستجابة المناعية تختلف بين الجنسين، مما يؤثر على طريقة الجسم في التعامل مع البكتيريا. وأكد الباحثون أيضًا أن النساء أكثر عرضة للقلق المزمن، وهو عامل معروف بتضخيم الأعراض الهضمية مثل الغثيان وألم المعدة.

كل هذه العوامل تجعل تجربة الأعراض لدى النساء أكثر انزعاجًا من الناحية الجسدية والنفسية، حتى وإن كانت العدوى نفسها متماثلة من حيث الشدة بين الجنسين.

اعراض جرثومة المعدة عند النساء

قد تُسبّب جرثومة المعدة مجموعة من الأعراض الهضمية، تختلف حدّتها بين شخص وآخر، إلا أن النساء غالبًا ما يُعانين من شكاوى مزمنة ومزعجة تؤثر على جودة الحياة اليومية. إليك أبرز الأعراض الشائعة:

الغثيان والقيء المتكرر

الغثيان هو أحد الأعراض الأولى لجرثومة المعدة عند النساء. في هذه الحالة، ينشأ الشعور بالغثيان نتيجة تهيّج بطانة المعدة بسبب نشاط البكتيريا، وغالبًا ما يزداد بعد تناول الطعام، خصوصًا الأطعمة الدهنية أو الحمضية.

الغثيان هو أحد الأعراض الأولى لجرثومة المعدة عند النساء. في هذه الحالة، ينشأ الشعور بالغثيان نتيجة تهيّج بطانة المعدة بسبب نشاط البكتيريا، وغالبًا ما يزداد بعد تناول الطعام، خصوصًا الأطعمة الدهنية أو الحمضية.

بحسب Mayo Clinic، يُعد الغثيان من الأعراض الشائعة المرتبطة بعدوى H. pylori، ويُرافقه أحيانًا شعور بالانتفاخ والتقيؤ.

آلام في الجزء العلوي من البطن

تشعر المصابة بآلام حارقة أو انزعاج في الجزء العلوي الأيسر أو الأوسط من البطن، وغالبًا ما تكون هذه الآلام متقطعة وتزداد بعد الأكل أو عند الجوع الشديد.

وفقًا لـHealthline، فإن الألم في أعلى البطن هو أحد أبرز أعراض جرثومة المعدة عند النساء، ويشبه في شدّته أحيانًا ألم القرحة.

فقدان الشهية ونقص الوزن

نتيجة للألم والغثيان المستمر، تميل المصابات إلى تقليل كمية الطعام المستهلكة، ما يؤدي إلى فقدان تدريجي للشهية، وفي حالات مزمنة قد يحدث انخفاض ملحوظ في الوزن.

أن يُعتبر فقدان الشهية من الأعراض المهمة التي تستدعي التقييم، خاصة إذا كان مصحوبًا بنقص غير مفسّر في الوزن.

رائحة الفم الكريهة

رغم أن مصدر رائحة الفم الكريهة غالبًا ما يكون فمويًا، إلا أن بعض الدراسات الحديثة أظهرت أن علاج جرثومة المعدة (H. pylori) قد يساهم في التخلص من رائحة الفم المزمنة لدى المصابين بعسر الهضم الوظيفي. ففي دراسة عليمية، تبيّن أن 16 من أصل 18 مريضًا يعانون من عسر الهضم الوظيفي، ورائحة فم مزمنة، وعدوى مؤكدة بجرثومة H. pylori، تخلّصوا من رائحة الفم بعد الخضوع للعلاج الثلاثي للقضاء على البكتيريا.

هذه النتائج تشير إلى وجود ارتباط بين العدوى بـH. pylori وبعض حالات رائحة الفم المزمنة، لاسيما لدى من يعانون من اضطرابات هضمية وظيفية، ما يفتح المجال أمام دراسات مستقبلية لفهم الآلية الدقيقة لهذا التأثير.

أعراض أقل شيوعًا لكن مرتبطة بالنساء

التعب المستمر والإرهاق العام

تشير الدراسات إلى أن النساء المصابات بعدوى Helicobacter pylori قد يعانين من إرهاق مزمن وشعور مستمر بالإجهاد، حتى دون بذل مجهود كبير. يُعتقد أن هذا العرض يرتبط بسوء امتصاص الفيتامينات والمعادن، خاصة الحديد، مما يؤدي إلى فقر الدم الذي يُعد من العوامل المسببة للإرهاق.

اضطراب الدورة الشهري

رغم ندرة الدراسات المباشرة، إلا أن هناك تقارير سريرية تشير إلى وجود علاقة غير مباشرة بين العدوى المزمنة وسوء التغذية الناتج عنها، مما قد يؤثر على توازن الهرمونات وبالتالي انتظام الدورة الشهرية، خصوصًا عند النساء اللاتي يعانين من فقر الدم أو نقص شديد في الوزن بسبب الأعراض الهضمية.

تقلبات المزاج والقلق

أظهرت بعض الدراسات أن اضطرابات الجهاز الهضمي، مثل عسر الهضم الناتج عن H. pylori، قد ترتبط بزيادة معدلات القلق والاكتئاب، خاصة لدى النساء. ويرجع ذلك إلى العلاقة المعروفة بين صحة الجهاز الهضمي والدماغ، عبر ما يُعرف بمحور القناة الهضمية–الدماغ (Gut–Brain Axis). وهو المسار الذي يربط بين الأمعاء والدماغ ويسمح بتبادل الإشارات العصبية والهرمونية بينهما، مما يفسّر تأثير مشاكل الهضم على المزاج والعكس.

متى يجب زيارة الطبيب؟

يجب مراجعة الطبيب فورًا في الحالات التالية:

  • استمرار الآلام الشديدة في البطن
  • ظهور دم في القيء أو أن يكون لونه داكنًا يشبه تفل القهوة
  • براز دموي أو لونه أسود قطراني
  • صعوبة في البلع أو تفاقم الأعراض بشكل مفاجئ

هذه العلامات قد تشير إلى مضاعفات خطيرة مثل القرحة أو النزيف الهضمي، وتستدعي تقييمًا طبيًا عاجلًا.

كيف يتم التشخيص؟

عند الاشتباه في الإصابة بـجرثومة المعدة (Helicobacter pylori)، يعتمد الأطباء على مجموعة من التحاليل والفحوصات التي تساعد على التأكد من وجود البكتيريا وتحديد مدى تأثيرها على المعدة.

تحاليل الدم والبراز

  • تحليل الدم: يُستخدم للكشف عن الأجسام المضادة ضد جرثومة المعدة، لكن لا يُعدّ الأكثر دقة لأنه لا يفرّق بين إصابة قديمة وحالية.
  • تحليل البراز: يكشف وجود مستضدات H. pylori في العينة، ويُعد من أكثر التحاليل دقة وشيوعًا لتأكيد الإصابة أو متابعة الاستجابة للعلاج.

يُفضل تحليل البراز عند متابعة فعالية العلاج، لأنه يوضح ما إذا كانت البكتيريا لا تزال موجودة بعد انتهاء المضادات الحيوية.

اختبار التنفس (Urea Breath Test)

اختبار التنفس باليوريا يُعدّ من أدق الفحوصات غير الغازية، ويعتمد على قدرة جرثومة المعدة على تحليل اليوريا إلى ثاني أكسيد الكربون:

  • يتناول المريض محلولًا يحتوي على اليوريا.
  • إذا وُجدت الجرثومة، فإنها تُحلل اليوريا وينطلق غاز ثاني أكسيد الكربون.
  • يتم قياس تركيز الغاز في هواء الزفير لتأكيد الإصابة.

التنظير المعدي

عندما تظهر أعراض حادة أو مزمنة مثل النزيف، أو يُشتبه وجود قرحة أو ورم، يُوصي الطبيب بإجراء تنظير المعدة:

  • يُدخل الطبيب أنبوبًا رفيعًا ومرنًا مزوّدًا بكاميرا لفحص جدار المعدة مباشرة.
  • يُؤخذ عينة (خزعة) من بطانة المعدة لفحصها مخبريًا.

اقرأ أيضا : جرثومة المعدة: من أعراض بسيطة إلى الإصابة بالالتهاب أو القرحة أو السرطان!

هل جرثومة المعدة تؤثر على الخصوبة أو الحمل؟

لا تؤثر جرثومة المعدة (اللولبية البوابية) بشكل مباشر على الخصوبة أو الحمل، ولا توجد أدلة علمية تثبت أن الإصابة بها تمنع الحمل أو تؤثر على فرص الحمل بشكل مباشر.

نصائح لتخفيف الأعراض في المنزل

بعد استشارة طبيبكم، وإلى جانب التزامكم بالأدوية في حال تم وصفها، يمكنكم اتباع عدة خطوات بسيطة في المنزل لتخفيف أعراض جرثومة المعدة وتحسين راحتكم بشكل عام :

التغذية الصحية 

تجنب الأطعمة التي تهيج المعدة مثل الأطعمة الحارة، الدهنية، والمقلية. يُفضل تناول وجبات خفيفة ومتوازنة تحتوي على الخضروات، الفواكه، والحبوب الكاملة التي تساعد على تقوية الجهاز الهضمي. كما يُنصح بشرب الماء بكميات كافية وتجنب المشروبات الغازية والقهوة التي قد تزيد من حدة الأعراض.

تقنيات الاسترخاء لتقليل القلق

القلق والتوتر قد يفاقمان من اعراض جرثومة المعدة عند النساء. يمكن اللجوء إلى تمارين التنفس العميق، اليوغا، أو التأمل لتخفيف التوتر ودعم الصحة النفسية، مما ينعكس إيجابيًا على الحالة الهضمية.

تعدّ جرثومة المعدة من المشاكل الصحية الشائعة التي قد تؤثر بشكل مختلف على النساء بسبب العوامل الهرمونية والنفسية. من المهم الانتباه للأعراض المبكرة وزيارة الطبيب عند استمرارها لتلقي التشخيص والعلاج المناسب.
لا تتردد في استشارة متخصص إذا شعرت بأي أعراض مزعجة، واهتم باتباع نصائح الوقاية والعناية اليومية لضمان صحة جهازك الهضمي.

هل مررت بتجربة مع جرثومة المعدة؟ شاركنا قصتك أو استفساراتك في التعليقات.