ماذا لو علمتَ بوجود دواءٍ قادر على معالجة أمراض ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وارتفاع الكوليسترول في الدم، وأمراض القلب، وحتى الاكتئاب والخوف؟ ماذا لو أثبت لك باحثون أن هذا الدواء ذو فعالية كبيرة؟ بل وماذا لو كان هذا الدواء مجانياً، وليس له أي آثار جانبية سلبية، بل على العكس، قد يكون مُحَسّنًا للنوم، ويزيد من طاقة الجسم، ويساعد على تخفيف الوزن؟
كثيرون قد يظنون أن كل ما تم ذكره هو من نسج الخيال، فلو كانت حبوب دواء أو عقاقير بهذه الميزات، لتهافت إليها الناس ولحصدت شركات الدواء أرباحًا طائلة، والحقيقة أن هذا الدواء متاح للجميع دون درايةٍ منهم، إنه "التغيير المكثف في نمط العيش" .. كيف ذلك؟
يتكون هذا الدواء من التمارين الرياضية والتعديلات الجذرية في النظام الغذائي، لكنه عبارة عن معرفة وتطبيق، لذلك فإن كثيرًا من الأطباء يقولون إنه من الصعب تدريسه، ويقول المرضى إنه من الصعب تطبيقه، لكن التجارب أثبتت أن ادعاءات هؤلاء غير صحيحة.
التغيير المكثف لنمط الحياة قابل للتنفيذ، وهو معقول وضروري لامتلاك صحة جيدة، فالطبيب والباحث الدكتور "دين أونيش" رائدٌ في العلاج بـ"تغيير أسلوب الحياة المكثف"، إذ بدأ و فريقه البحث في هذا المجال منذ عقود، وتوصلوا إلى نتائج إيجابية تُثبت فعالية هذا النظام.
يرتكز هذا النظام على الحمية الغذائية والتمارين الرياضية، ويُستخدم في علاج الإضرابات النفسية، كالشعور بالوحدة والاكتئاب والغضب، مما يؤدي إلى انخفاض خطر الإصابة بالمرض والموت المبكر. وأشار الدكتور "أونيش" أن مشاعر القرابة، والعلاقات الحميمة والعاطفية تكتسي أهمية كبيرة، مبيناً أن الكثير من السلوكيات السيئة، كالتدخين وشرب الخمر والشراهة في الأكل من الأسباب التي تدفع كثيرين إلى تعاطي أدوية للتخلص من الألم العاطفي.
يشمل العلاج بالتغيير المكثف في نمط العيش، اتباع تعليمات لتسعة أسابيع، عن كيفية إعداد وجبات غذائية نباتية قليلة الدسم، بالإضافة إلى تناول وجبات مشتركة مع مجموعة. وممارسة الرياضة يومياً، من 3 إلى 5 ساعات. وحصتين أو 3 تدريب بدني أسبوعيا، يتعلّم خلالها: إدارة الضغوط، ومهارات التواصل والاسترخاء، وبعد انتهاء 9 أسابيع، يصبح للخاضعين لهذا البرنامج نمط عيش مختلف يتعبونه طيلة حياتهم.
التغيير في نمط الحياة يجب أن يكون ذا معنى وممتع، فإذا كان كذلك طبّقه الناس واستمروا فيه، فمثل هذه التغيرات لتكون فعالة، على الناس أن يرغبوا في متابعتها لبقية حياتهم…إذًا تكمن مهمة الطبيب في هذه الحالة أن يعمل كمدرب للمريض، فيشجعه ويوجه جهوده، بدون إطلاق الأحكام.
المؤلف